الساف هويتى وتراثي وهو اشبه بقصة عشق ما ان تبدا حتى تنتهى هذه خلاصة حكاية البيازرة في الهوارية مع طائر الساف كما يرويها محسن الميلادي اصيل هذه المدينة الواقعة باقصى نقطة في الراس الطيب الوطن القبلي التي جعلت من الساف امير السماء وخصته بمهرجان سنوي.فهذا البياز الذي لم يتجاوز عقده الرابع ما ان تساله عن الساف حتى ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة ويتردد في الاجابة كانما سيكشف لك اسرارا مرسومة في الذاكرة. فقصة عشقه للساف تعود الى فترة الطفولة عندما كان جده احد ابرز البيازرة فى الهوارية يروى له بدوره قصصا وحكايات عن طائر ما يزال الى اليوم مصدر الهام لمعاني الانفة والسرعة والرشاقة. جده الذي كان يرفض اصطحابه معه الى وادى سراد او ازوة باعالى جبال الهوارية حيث تنصب الشباك لدقة عملية اصطياد الساف في هجرته السنوية ولتعقد تقنياتها التي كانت حكرا على عدد من المختصين ممن امتهنوا بيع الساف للصيادين. ويشير محسن الى ان صيد الساف اصبح اليوم عملية مقننة تحكمها قواعد مضبوطة ابرزها ان يكون الراغب فى الحصول على طائر الساف منتميا الى جمعية البيازرة ويفوق عمره ثماني عشرة سنة وملما بتقنيات الصيد بشهادة امهر الصيادين ضمانا لاستدامة طائر الساف وحتى لا يكون فى متناول كل من هب ودب . ويتم اصطياد الساف بطريقتين الاولى تقليدية تعرف ب النصابة باعتماد الشباك المتحركة في اعالى جبال الهوارية وبمواقع قديمة ما تزال الى اليوم باعتبار خصوصياتها من افضل النقاط لاصطياد الساف. اما الطريقة الثانية فتسمى الغزول اذ تنصب الشباك وسط الغابة حيث يبحث الساف عن طرائده. وتتواصل فترة الصيد من بداية مارس الى موفى افريل وباعتماد عصفور الزريس كطريدة للايقاع بالساف. وصيد الزريس بدوره لا يتم الا خلال شهري جانفي وفيفري حيث يربى في اقفاص استعدادا لموسم صيد الساف.وتجري عملية الصيد بمجموعات مكونة من 8 الى 10 صيادين ولكل واحد منهم الحق في طائر ساف وحيد. ويؤكد محسن ان احترام كبار الصيادين يبقى القاعدة في التعامل اذ يفسح لهم المجال لاختيار الساف الذي يعجبهم من بين ما تصطاده المجموعة وفي الغالب يختارون القرناص وهو طائر الساف الذي تجاوز عمره العامين ويتميز بلونه الداكن بين الاسود والازرق خلافا للون الفرخ الذي يميل الى البياض. وبعد الصيد تنطلق عملية الترويض التي تبدأ بتدريب الطائر على الاكل من يدى مربيه. وهي مرحلة التسنيس التي تحتاج الى كثير من الصبر لا سيما وان العملية تتكرر ساعتين او اكثر في كل وجبة. وما ان تنتهي هذه المرحلة حتى يتم اخراج الطائر معتليا يد صاحبه الى المقهى وسط الضجيج والحركة بهدف تعويده على اجواء مرافقة الانسان. اما المرحلة الاخيرة فتتم في الطبيعة حيث يحمل البياز طائره الى خارج المدينة لاحياء غريزته المتوحشة ويتولى تدريبه على الصيد باعتماد فرائس يقع تربيتها للغرض. ويستغرق الترويض عشرين يوما وباعتماد طريقة التجويع التى تخضع لقواعد مضبوطة وتكون بتخفيض كمية اللحم التى يحتاجها الطائر حتى يضطر لاستهلاك ما اختزنه من شحوم. ويتم خلال هذه الفترة اطعام الطائر بلحم خال من الشحوم للمحافظة على قوته ورشاقته. ويضيف محسن بكثير من الحسرة ما ان ينتهى المهرجان الذي يتبارى فيه البيازرة على جوائز احسن المربين حتى يبدا الاعداد الى مرحلة الحرية والتى تسبقها عملية تسمين او تعشعيش ليسترجع الطائر ما فقده من شحوم. وتجري عملية اطلاق الطيور بالتنسيق مع مصالح الغابات التى تسجل اسماء كل المربين اذ لا مجال للاحتفاظ باى طائر من هذه الجوارح المهاجرة بمجرد انتهاء مهرجان الساف الذى يقام سنويا بمدينة الهوارية. وقد انتظم هذا العام من 11 الى 14 جوان في دورته الثالثة والاربعين.