حين يتعلق الصقر بأنثى البرني ويريد أن يتزوج منها فإنه يعمد الى المشي أمامها بطريقة بطيئة ليثير إعجابها... وحين يحقق هدفه تناديه من خلال القيام بحركات معينة وبذلك تعلن قبول الزواج منه... وهو (الصقر أو البرني) يصطاد على ارتفاع عال عكس طائر الساف الذي يقتفي «أثر» فريسته حتى ولو كانت تطير على ارتفاع منخفض... هذا الكلام جاء في سياق حديثنا مع البيّاز والاستاذ الجامعي محمد بلكحلة عضو الهيئة المديرة لجمعية البيازرة بالهوارية التي استضافتنا نهاية الاسبوع الفارط بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان الساف. بين الساف أو الباز والبرني أو الصقر حكايات وأسرار لا يعرفها إلا من تعلق بفن البيزرة... وهو فن اشتهرت به مدينة الهوارية منذ عقود طويلة. * المرتبة الثانية «تحطّ طيور الساف بغابة جبل الهوارية أو بغابة «دار شيشو» قادمة من الشطر الجنوبي للقارة الافريقية في بداية شهر مارس في انتظار استئناف الرحلة نحو أوروبا» هكذا بدأ السيد محمد بلكحلة يتحدث عن الزيارة السنوية لهذا الطائر لمنطقة الهوارية. وأضاف يقول: «الساف يهاجر مع مئات الانواع من الطيور وتمر جميعها عبر مضيق «البوسفور» أو عبر الهوارية نحو صقلية أو عبر جبل طارق نحو المناطق الاوروبية. وتعتبر الهوارية الثانية من حيث عدد أسراب طيور الساف التي تمر عبرها. وكما تعلمون فإن الساف من الطيور الجارحة التي تنقسم الى قسمين: الصقريات والبوزات. فالاولى منها طائر البرني الشاهين وغيرهما والثانية منها «التغرقة» والساف والباشق... وفي الطيور الجارحة هناك عائلة نهارية وفيها 274 نوعا من الطيور وعائلة ليلية وفيها 131 نوعا»... لكن كيف يتحصل أهالي الهوارية على طائر الساف؟! * «مناصب» يجيبنا السيد محمد بلكحلة عن هذا السؤال قائلا: «نحن نصطاد طائر الساف ويشترط في البياز أن يكون حاصلا على رخصة القبض والمسك والصيد بالساف. وتتم عملية صيد الساف من خلال الشباك الثابتة بالتنسيق مع ادارة الغابات التي توفر أماكن بالغابة لوضع الشباك وفق مقاييس معينة حتى لا تكون سببا في وقوع حيوانات أو طيور أخرى في شراكها. وهذه الطريقة يحبذها البيازرة المتقدمون في السن خاصة. وهناك طريقة أخرى وهي بواسطة الشباك المتحركة أو «المناصب» كما نسميها. ويوجد بغابة جبل الهوارية المئات منها خلّفها الاجداد الاوّلون منذ مئات السنين». * اتجاهات للريح «المناصب» مثلما يذكر السيد محمد بلكحلة تم تشييدها وفق مقاييس مدروسة لاتجاهات الريح فهناك منصب «بلي» ومنصب بحاري»... ويتعرف البياز على أحوال الطقس ليلة الخروج لصيد الساف وفي اليوم الموالي يستعمل «المنصب» المناسب لاتجاه الريح لان الساف يحلق دائما في اتجاه تصاعد الريح وهذا يحتم على البياز معرفة الريح حتى لا يصطاد نوعا آخر من الطيور، لانه يلزمه وقتها إطلاق سراحه كذلك الشأن إذا اصطاد البيّاز ذكر الساف فإنه يطلق سراحه لانه صغير ولا ينفع للصيد»، وبين عملية صيد الساف والصيد به يخضع هذا الاخير لتدريب نوعي يشترط عدة أمور دقيقة لعل أهمها التعوّد على نمط الحياة الجديد. وبالتوازي مع ذلك يحظى الساف في الايام الاولى لصيده وتدريبه بعناية فائقة وتدليل بل ويحضر الجلسات العائلية و»لمّات الفرحة» بمناسبة صيده! ويرافق صاحبه الى المقهى... وبمرور أسبوعين على أقصى تقدير يصبح الساف مدربا وقادرا على الصيد (بعد أن يخضع لخطوات تدريبية أخرى أيضا). * حر ويأتي السيد محمد بلكحلة الى طائر البرني أو الصقر والذي قيل فيه «الصقر صقر ولو تكسرت أجنحته والبوم بوم ولو سكن قصر الملك» يقول: «البرني طائر حر ولعل طريقة الصيد التي يتبعها تدل على ذلك فهو لا يلتقط فريسته من الارض فإما أن يصطادها وهي محلقة في السماء وإما أن يتركها إذا حلقت على علو منخفض كذلك الشأن إذا اصطاد فريسة وسقطت منه فإنه لا يلتقطها من الارض. هناك سبعة أعشاش لطائر البرني بغابة جبل الهوارية أذكر بعضها: «عش باب الريح» و»عش الشقاقة» و»عش بيبان العليقة» و»عش باب بغلات»... وهي أعشاش لطائر البرني دون سواه وتراقبها ادارة الغابات بالتنسيق مع جمعية البيازرة ولا يسمح لاي كان الوصول اليها. وفي مناسبة واحدة من كل سنة (بداية شهر ماي) يتم جلب أربعة فروخ من الاعشاش السبعة لتمنح لاربع من البيازرة الذين يتقدمون بمطالب لجمعية البيازرة والذين تتوفر فيهم شروط ذلك». * محاور الدورة الثامنة والثلاثون لمهرجان الساف وُضعت تحت شعار «المحافظة على الطيور وحماية المحيط الطبيعي». وقد انطلقت التظاهرة يوم الخميس 27 ماي الماضي وتواصلت حتى يوم 30 من الشهر نفسه. وجديد هذه الدورة مثلما يذكر السيد محمد بلكحلة هو وضع محور لكل يوم من أيام المهرجان فكان الانطلاق مع اليوم السياحي بالتعاون مع الديوان الوطني للسياحة والهدف منه هو التعريف بمنتوج سياحي جديد هو الصيد البيولوجي بواسطة الطيور الجارحة وذلك تكريسا للاستراتيجية المستقبلية للسياحة التونسية. وخصص اليوم الثاني لمحور البيئة وقد أشرف عليه السيد الحبيب الحداد وزير الفلاحة والبيئة والموارد البيئية وبالتنسيق مع الوكالة التونسية لحماية المحيط. وكان محور اليوم الثالث الصيد البري إذ تم تنظيم مسابقات في رمي الاطباق بالتعاون مع الجمعية الجهوية للصيد بنابل. وفي يوم الختام تم تنظيم مسابقة للصيد بالساف وعروض لطائر البرني. * أبو نور ----------------------------------------- **نتائج المسابقة الرسمية للصيد بواسطة طائر الساف * كؤوس : المرتبة الاولى: حسن بن ظافر (الهوارية). المرتبة الثانية: محمود زرق العين (الهوارية). المرتبة الثالثة: حمزة بن براهم (الهوارية). * ميداليات : المرتبة الرابعة: نور الدين مبارك (قليبية). المرتبة الخامسة: طارق حمادة (حمام الغزاز). نتائج مسابقة رماية الاطباق * كؤوس : المرتبة الاولى: فرج علوان. المرتبة الثانية: فخري الكلبوسي. المرتبة الثالثة: خالد قاسم. المرتبة الرابعة: منير الجديدي.