الهوارية 14 جوان 2009 (وات) الساف هويتى وتراثى وهو اشبه بقصة عشق ما ان تبدا حتى تنتهى هذه خلاصة حكاية البيازرة فى الهوارية مع طائر الساف كما يرويها محسن الميلادى اصيل هذه المدينة الواقعة باقصى نقطة فى الراس الطيب الوطن القبلى التى جعلت من الساف امير السماء وخصته بمهرجان سنوى. فهذا البياز الذى لم يتجاوز عقده الرابع ما ان تساله عن الساف حتى ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة ويتردد فى الاجابة كانما سيكشف لك اسرارا مرسومة فى الذاكرة. فقصة عشقه للساف تعود الى فترة الطفولة عندما كان جده احد ابرز البيازرة فى الهوارية يروى له بدوره قصصا وحكايات عن طائر ما يزال الى اليوم مصدر الهام لمعاني الانفة والسرعة والرشاقة. جده الذى كان يرفض اصطحابه معه الى وادى سراد او ازوة باعالى جبال الهوارية حيث تنصب الشباك لدقة عملية اصطياد الساف فى هجرته السنوية ولتعقد تقنياتها التى كانت حكرا على عدد من المختصين ممن امتهنوا بيع الساف للصيادين. ويشير محسن الى ان صيد الساف اصبح اليوم عملية مقننة تحكمها قواعد مضبوطة ابرزها ان يكون الراغب فى الحصول على طائر الساف منتميا الى جمعية البيازرة ويفوق عمره ثماني عشرة سنة وملما بتقنيات الصيد بشهادة امهر الصيادين ضمانا لاستدامة طائر الساف وحتى لا يكون فى متناول كل من هب ودب . ويتم اصطياد الساف بطريقتين الاولى تقليدية تعرف ب النصابة باعتماد الشباك المتحركة فى اعالى جبال الهوارية وبمواقع قديمة ما تزال الى اليوم باعتبار خصوصياتها من افضل النقاط لاصطياد الساف. اما الطريقة الثانية فتسمى الغزول اذ تنصب الشباك وسط الغابة حيث يبحث الساف عن طرائده. وتتواصل فترة الصيد من بداية مارس الى موفى افريل وباعتماد عصفور الزريس كطريدة للايقاع بالساف. وصيد الزريس بدوره لا يتم الا خلال شهرى جانفى وفيفرى حيث يربى فى اقفاص استعدادا لموسم صيد الساف.وتجرى عملية الصيد بمجموعات مكونة من 8 الى 10 صيادين ولكل واحد منهم الحق فى طائر ساف وحيد. ويوءكد محسن ان احترام كبار الصيادين يبقى القاعدة فى التعامل اذ يفسح لهم المجال لاختيار الساف الذى يعجبهم من بين ما تصطاده المجموعة وفى الغالب يختارون القرناص وهو طائر الساف الذى تجاوز عمره العامين ويتميز بلونه الداكن بين الاسود والازرق خلافا للون الفرخ الذى يميل الى البياض. وبعد الصيد تنطلق عملية الترويض التى تبدأ بتدريب الطائر على الاكل من يدى مربيه0 وهى مرحلة التسنيس التى تحتاج الى كثير من الصبر لا سيما وان العملية تتكرر ساعتين او اكثر فى كل وجبة. وما ان تنتهى هذه المرحلة حتى يتم اخراج الطائر معتليا يد صاحبه الى المقهى وسط الضجيج والحركة بهدف تعويده على اجواء مرافقة الانسان. اما المرحلة الاخيرة فتتم فى الطبيعة حيث يحمل البياز طائره الى خارج المدينة لاحياء غريزته المتوحشة ويتولى تدريبه على الصيد باعتماد فرائس يقع تربيتها للغرض. ويستغرق الترويض عشرين يوما وباعتماد طريقة التجويع التى تخضع لقواعد مضبوطة وتكون بتخفيض كمية اللحم التى يحتاجها الطائر حتى يضطر لاستهلاك ما اختزنه من شحوم. ويتم خلال هذه الفترة اطعام الطائر بلحم خال من الشحوم للمحافظة على قوته ورشاقته. ويضيف محسن بكثير من الحسرة ما ان ينتهى المهرجان الذى يتبارى فيه البيازرة على جوائز احسن المربين حتى يبدا الاعداد الى مرحلة الحرية والتى تسبقها عملية تسمين او تعشعيش ليسترجع الطائر ما فقده من شحوم. وتجرى عملية اطلاق الطيور بالتنسيق مع مصالح الغابات التى تسجل اسماء كل المربين اذ لا مجال للاحتفاظ باى طائر من هذه الجوارح المهاجرة بمجرد انتهاء مهرجان الساف الذى يقام سنويا بمدينة الهوارية. وقد انتظم هذا العام من 11 الى 14 جوان في دورته الثالثة والاربعين.