(تونس، 09 جويلية 2009) بسم الله الرحمان الرحيم أصحاب السعادة، يطيب لي بمناسبة تقبلي أوراق اعتمادكم سفراء لبلدانكم الشقيقة والصديقة بتونس أن أرحب بكم راجيا لكم طيب الإقامة بيننا والنجاح في مهامكم السامية. كما يسعدني أن أتوجه إلى قادة دولكم ببالغ الشكر وفائق التقدير لما يكنونه لتونس وشعبها من مشاعر المودة والصداقة راجيا لهم دوام السعادة والتوفيق ولبلدانكم اطراد التقدم والرقى. أصحاب السعادة، إننا نعمل في إطار برنامجنا الإصلاحي الشامل على دعم مكاسب بلادنا وإثرائها في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . فنحن نحرص على تعزيز أركان النظام الجمهوري وترسيخ دولة القانون والمؤسسات وتوسيع مجالات الحريات العامة والمشاركات السياسية وإثراء منظومة حقوق الإنسان . وستكون الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة تأكيدا متجددا لهذا التوجه يمارس خلالها شعبنا واجبه الانتخابي في كنف الوضوح والشفافية واحترام مبادئ المنافسة النزيهة بين جميع المترشحين تجسيما لما بلغته الحياة السياسية في تونس من تطور وتقدم على صعيد البناء الديمقراطي التعددي. كما عملنا على نشر قيم التسامح والحوار وثقافة التضامن والنهوض بدور المجتمع المدني وتشجيع حضور المرأة والشباب في الحياة العامة وتنويع المشهد الإعلامي وترسيخ مقومات التنمية الشاملة المستدامة في كل الجهات ولكل الفئات بما أسهم في إشاعة مناخ الاستقرار والسلم الاجتماعية ببلادنا. وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من صعوبات وتحديات وفى مقدمتها الأزمة المالية العالمية التي طالت مختلف الدول بادرنا باتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تداعيات هذه الأزمة وتحصين اقتصادنا الوطني والمحافظة على معدلات النمو في إطار رؤية واقعية تأخذ في الاعتبار قدرات بلادنا وأولوياتها التنموية. وقد تبوأت تونس بفضل ما قطعته من أشواط مهمة على درب التطور والحداثة مكانة متميزة في تقويمات المؤسسات الدولية المتخصصة ولاسيما فيما يتعلق بنسق النمو والأداء الاقتصادي والقدرة التنافسية ومؤشرات التنمية البشرية وتطور الإدارة وجودة الحياة والاستقرار الاجتماعي ومن منطلق حرصنا على أن تحقق بلادنا درجة أرفع من الاندماج في محيطها الإقليمي والدولي نواصل سعينا الدؤوب إلى ترسيخ انتمائنا المغاربي والعربي والإفريقي والمتوسطي ودعم حضورنا في مختلف الفضاءات الإقليمية والدولية وتوسيع آفاق تعاوننا مع هذه الفضاءات كافة. ونحن نعمل في إطار هذه الرؤية على استكمال بناء مؤسسات اتحاد المغرب العربي وتفعيل هياكله وتعزيز علاقات الأخوة والتعاون مع دول المنطقة في جميع الميادين. كما نبذل كل ما في وسعنا لدعم العمل العربي المشترك والإسهام في إيجاد الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية الجوهرية وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق ونحن نجدد بهذه المناسبة ترحيبنا بما صدر من مواقف ايجابية عن الإدارة الأمريكيةالجديدة بخصوص رؤية السلام في منطقة الشرق الأوسط والحل بدولتين . كما ندعو الأطراف الدولية واللجنة الرباعية إلى تكثيف جهودها من اجل استئناف المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام ووضع حد للممارسات الإسرائيلية التي تعرقل مسار التسوية ولاسيما منها استمرار الأنشطة الاستيطانية وانطلاقا من الأهمية الإستراتيجية التي توليها تونس لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي واصلت بلادنا تعميق علاقات التعاون والشراكة والتشاور مع هذا الفضاء على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف. أما على الصعيد الإفريقي، فتعمل بلادنا على مزيد توطيد علاقات التعاون مع مختلف الدول الإفريقية ودفع مسيرة الاتحاد الإفريقي وتفعيل دوره في فض النزاعات وإرساء دعائم الاستقرار والتنمية بقارتنا. كما نسعى في السياق نفسه إلى مزيد تطوير علاقات بلادنا مع بلدان القارتين الأمريكية والآسياوية وتوظيف كل الإمكانيات المتاحة لتنويع مجالات التعاون والشراكة معها. وكنا دعونا في عديد المناسبات إلى ضرورة اعتماد مقاربات تنموية تكرس الأبعاد الإنسانية للتعاون والتضامن بين الشعوب وتعزز الحوار بين الحضارات والثقافات وتضفى المزيد من العدالة والتوازن على العلاقات الدولية لأننا نؤمن بان هذا التوجه هو السبيل الكفيل بتقليص رقعة النزاعات والخلافات في العالم والتغلب على تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية وتمكين سائر الدول من أن تنعم بالأمن والاستقرار وتتفرغ لتوفير مقومات التنمية والرفاه لشعوبها. لذلك دعونا في إطار حرصنا على إعداد مستقبل أفضل لعالمنا إلى جعل سنة 2010 سنة دولية للشباب وعقد مؤتمر في الغرض تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة يتوج بإصدار ميثاق عالمي للشباب. أصحاب السعادة، إن في الرصيد الثري لعلاقات تونس مع بلدانكم وفيما نتقاسمه من قيم إنسانية نبيلة عوامل تحفزنا إلى بذل المزيد من الجهد للارتقاء بهذه العلاقات إلى أفضل المراتب ونحن على ثقة بان اعتمادكم سفراء بتونس سيسهم في تجسيم هذه الأهداف وفي تعميق التشاور مع بلدانكم الشقيقة والصديقة. وسنعمل في هذا الإطار على تيسير سبل التواصل والحوار معكم مجددا الترحيب بكم وراجيا لكم النجاح والتوفيق في مهامكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.