أخبار تونس– اعتبارا لأهمية الظرف الذي تعيشه تونس من خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتأكيدا للاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس بن علي لجهود النخب التونسية في سبيل تكريس مبادئ الجمهورية، نظمت مجلة “رؤى”، صباح الثلاثاء، تحت سامي إشراف رئيس الجمهورية، بضفاف البحيرة بالعاصمة، الندوة السنوية الأولى حول “المواطنة اليوم والقيم الجمهورية”. وقد تم التأكيد في هذا اللقاء، الذي أشرف على افتتاحه السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، على المسيرة التحديثية التي انطلقت في تونس منذ القدم. ويتضمن برنامج هذه الندوة التي تتواصل أشغالها إلى يوم الأربعاء ست جلسات تتمحور بالخصوص حول مواضيع: -”المواطنة بين التنظير والممارسة” -”المواطنة في الخطاب السياسي للرئيس بن علي” -”دور المجتمع المدني في التربية على المواطنة” -”المسار التطوري للقيم الجمهورية بالبلاد التونسية” - “المواطنة وسلطة الإعلام الجديد” وقد حضر أشغال هذه الندوة بالخصوص السيد الصادق شعبان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي وعدد من أعضاء مجلسي النواب والمستشارين وممثلي الوزارات والهيئات الدبلوماسية. وبين وزير العدل وحقوق الإنسان أن قيام النظام الجمهوري الذي كان ثمرة الاستقلال يمثل تكريسا للمواطنة وكان من الطبيعي تبعا لذلك أن يرتكز الدستور التونسي وبالتالي النظام الجمهوري الذي يؤسس له على تمييز واضح بين الحقوق المقررة للفرد بصفة مطلقة مهما كانت جنسيته وهى حقوق متصلة بإنسانية الإنسان بقطع النظر عن انتمائه إلى وطن محدد وحقوق أخرى لم تقرر إلا للمواطن أي للتونسي دون غيره من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية. وذكر في هذا الصدد بما جاء في الفصل الخامس من الدستور بعد الإصلاح الدستوري المؤرخ في غرة جوان 2002 من تنصيص على أن الجمهورية التونسية تقوم على “مبادئ دولة القانون والتعددية”. وأضاف السيد البشير التكارى أن “المواطنة” أصبحت أيضا في إطار تطوير النظام الجمهوري ترتكز على مجموعة من القيم منها بالخصوص قيمة “التضامن” التي تعنى بالضرورة أن المواطنين ليسوا مجرد أفراد يجمعهم وطن واحد بل يشكلون في الأصل مجموعة من الأفراد يجمعهم مشروع موحد. وكان السيد رضا الملولى المدير المؤسس لمجلة “رؤى” أكد قبل ذلك أن إعادة الاعتبار للمواطنة وتقديس الوطن والحرص على إعلاء قيم الجمهورية تعد الأسس التي انبنى عليها تغيير السابع من نوفمبر في ظل القيادة الحكيمة والمتبصرة للرئيس زين العابدين بن على مشيرا إلى مساندة النخب الفكرية والسياسية في تونس لرئيس الدولة بوصفه الأجدر على تأمين مستقبل البلاد والحفاظ على مناعتها. وقد كانت تونس من أوائل دول العالم التي عرفت منذ القدم أشكالا راقية للحكم، القائم على المشاركة والمؤسسات. فقد نوه أرسطو، منذ العهد الإغريقي، في كتابه “السياسة” بدستور قرطاج ونظامها. كما كان الإعجاب بالنظام الجمهوري حاضرا لدى رواد حركة الإصلاح التونسية منذ القرن التاسع عشر، فقد تحدث أحمد ابن أبي الضياف في كتابه “الاتحاف” عن النظام الجمهوري ونوه بمزاياه. ثم تطور هذا المد الإصلاحي مجسما في دولة الاستقلال وسيما مع عهد تغيير السابع من نوفمبر الذي أنقذ تونس ودشن مسارا إصلاحيا عميقا وشاملا. إذ أن المواطنة كانت في بدايات الاستقلال ملتصقة بمفهوم الوحدة الوطنية وهذا طبيعي في بلد حديث العهد بالاستقلال يعمل على استبدال الانتماء إلى العروشية والقبلية بالانتماء إلى وطن واحد مبينا أنه تم في إطار النظام الجمهوري. ومنذ التغيير تمت المصالحة بين المواطنة والتعددية الفكرية والسياسية، ذلك أن التعددية لم تعد في مفهوم التغيير نكرانا للوحدة الوطنية بل أصبحت من مقومات النظام الجمهوري.