أخبار تونس- يعتبر العنف ضد المرأة مظهرا من مظاهر التمييز على أساس النوع الاجتماعي ويعتبر تكريسا لدونية المرأة وسببا في تقليص قدراتها على المشاركة وتحمل المسؤولية وهو ما من شأنه أن يضعف من إسهامات المرأة في المسيرة التنموية لمجتمعها . وتواصلا مع هذا النهج تلتقي الدول العربية في تونس لمناهضة كافة أشكال العنف عبر تنظيم الندوة العربية حول “مناهضة العنف ضد المرأة.. تكريس للقيم الإنسانية” التي افتتحت أشغالها السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الدولة رئيسة منظمة المرأة العربية. وتركزت أشغال جلستها العلمية الأولى برئاسة السيدة نزيهة زروق عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي المنعقدة حول محور “المنظور الإنساني والحقوقي للعنف ضد المرأة”. وتضمنت هذه الجلسة تقديم ورقة عمل أولى حول حدود “التقاطع والتلاؤم بين المبادئ الكونية والإنسانية من جهة والتشريعات العربية من جهة أخرى” التي أكدت على ضرورة التوقف عند مدى التزام دول المنطقة بواجب الاعتراف بالحقوق الكونية المنصوص عليها صلب المعاهدات الدولية التي صادقت عليها ومدى تجسيمها لهذا الاعتراف من خلال تشريعاتها وعلى صعيد الممارسة. فيما أكدت الورقة الثانية “أية استراتيجيات لجسر الهوة بين التشريعات والواقع”على الجهود المبذولة قصد النهوض بأوضاع المرأة وتمكينها من الاضطلاع بدورها في التنمية من خلال ترسيخ ثقافة مناهضة العنف تبدأ من التربية الأولى والمبكرة حيث يتجه الجهد إلى وضع آلية معنية برصد الواقع التطبيقي لمجموعة القوانين والتشريعات بالدول العربية ومراجعة مناهج التربية والتعليم، كما سيتم العمل على: - تعزيز آليات العمل والتنسيق بين المنظمات النسائية ومختلف الهياكل النقابية. - الكشف عن المخالفات في القوانين والتشريعات. - وضع الأسس الكفيلة باستخدام هذه القوانين في تعزيز حضور المرأة بالمواقع القيادية . - إصلاح منظومة القضاء ومراجعة القوانين والتشريعات التي تكرس مبدأ التمييز ضد المرأة وتحد من حقوقها. وفي مداخلة للسيدة سيدة العقربي رئيسة منظمة أمهات تونس خلال هذه الجلسة العلمية التي قدمت ملامح التجربة التونسية الرائدة في مجال النهوض بالمرأة ومناهضة العنف ضدها الذي لا يعد ظاهرة متفشية بتونس مقارنة بما تعيشه النساء في بعض أصقاع العالم حيث تبلغ نسبة المعنفات نحو 70 بالمائة في بعض البلدان. كما استعرضت ما شهدته أشغال المؤتمر الدولي الشامل للمنظمات غير الحكومية لمتابعة خطة عمل بيجين مشيرة إلى أن الاحتفالات التي شهدتها نيويورك بمشاركة 7000 امرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أكدت على أنه لا يمكن النهوض بأوضاع المرأة دون القضاء على العنف المسلط ضدها. وقد تضمن موكب افتتاح الندوة العربية مداخلات عدة من ضمنها كلمة السيدة الباحثة والإعلامية التونسية خيرة الشيباني التي قالت إن الاعتراف بحقوق المرأة يتطلب تضافر جهود المؤسسات الحكومية والفاعلين الاجتماعيين، من منظمات المجتمع المدني ووسائل الاتصال والإعلام وكل الوسائط الأخرى، لتغيير الصورة النمطية التقليدية للمرأة ورفع كل أشكال التمييز والعنف ضدها. ولاحظت أن تحقيق هذا المسعى يتم من خلال ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وإيجاد الآليات التشريعية الكفيلة بضمان ممارسة المرأة لحقوقها بما يكفل إعادة توزيع الأدوار وتمكين المرأة من ممارسة أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والنهوض بواجباتها كمواطنة متساوية في الحقوق مع الرجل. أما السيدة فهمية شرف الدين أستاذة علم الاجتماع بلبنان فأكدت في موكب افتتاح الندوة أن تجربة تونس الرائدة على مستوى تحسين ظروف النساء تعد نموذجا رائعا يحتذى مشيرة إلى الإصلاحات الهامة التي تم إدخالها على القوانين والتشريعات التونسية ذات الصلة. وبعد أن بينت ما تضمنه “تقرير التنمية العربية الإنسانية” من رؤية إستراتيجية للنهوض بالمرأة في المنطقة تتطلب القيام بإصلاحات عميقة وعلى المدى البعيد على المستويين القانوني والمؤسساتي بالخصوص، عبرت المحاضرة عن الأمل في أن تسهم منظمة المرأة العربية في التنسيق بين الجهود المبذولة على الصعيدين المحلي والإقليمي لتحسين أوضاع المرأة العربية والنهوض بدورها في المجتمع. في حين أكدت الإعلامية العربية السيدة منتهى الرمحي(إعلامية بقناة العربية) في الندوة العربية حول “مناهضة العنف ضد المرأة تكريس للقيم الانسانية” أن الإعلانات والمؤتمرات والاتفاقيات العالمية التي تنبذ كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة منذ سنة 1979 إلى حد الآن لم تنجح في نبذ جميع أشكال العنف والتمييز ولا في تحقيق ثلاثية الاعتراف والتمكين والحماية مركزة على مسؤولية الإعلام في تشكيل الوعي العام وتكوين الاتجاهات الاجتماعية نظرا لدوره الايجابي في تغطية أحداث العنف التي تتعرض لها المرأة، ملاحظة أنه يفتقد إلى رؤية واضحة لإيجاد برامج توعوية للحد من هذه الظاهرة. ودعت في السياق ذاته إلى إعادة بناء ثقافة جديدة يؤمن فيها الرجل بمناصفة المرأة ومشاركتها في صنع القرار.