انعقدت بعد ظهر اليوم الخميس بباردو جلسة عامة استثنائية لمجلس المستشارين برئاسة السيد عبد الله القلال رئيس المجلس، حضرها الوزير الأول وعدد من أعضاء الحكومة لتسليط الضوء على تطورات الاوضاع في البلاد وعلى القرارات والاجراءات والخطط العملية التي أذن بها الرئيس زين العابدين بن علي يوم الاثنين 10 جانفى الجارى بهدف دفع التشغيل وخلق موارد الرزق وتعزيز التنمية والاستثمار بالجهات الداخلية ولا سيما منها ذات الاولوية. وأعرب السيد محمد الغنوشي في كلمته أمام المجلس عن عميق الأسف لما خلفته الأحداث التي وقعت في عدد من مناطق البلاد من ضحايا وخسائر مادية وتسببت في خلق الذعر واهدار امكانيات وطاقات البلاد. وأكد حرص الدولة على مواصلة مسار الاصلاح والبناء والاعداد الى المستقبل بأكثر حزما بما يستجيب ل تطعات الشعب التونسي في الارتقاء بظروف العيش ودفع التنمية الشاملة ودعم حق الشباب في التشغيل في إطار الحوار والتشبث بالثوابت والخيارات الوطنية. وأوضح أنه يتعين اليوم تخطي هذه المرحلة بأسرع وقت والعودة إلى انجاز البرامج والسياسات التنموية والاسراع في تنفيذ الاصلاحات والبرامج لفتح مزيد من آفاق التشغيل ودفع الاستثمار والحفاظ على التوازنات التي هي شرط أساسي لمواصلة مسيرة النمو. وبين أن الدولة تتفهم احتياجات فاقدي السند والشباب طالبي الشغل ومخالفي الرأي في الخيارات والسياسات ولكنها ترفض في الوقت نفسه جميع أشكال العنف وما يترتب عنه من عمليات نهب وسرقة وتخريب. وذكر الوزير الأول بالقرارات والاجراءات الرئاسية المعلنة أمس الاربعاء سيما منها المتعلقة باحداث لجنة للتحقيق في التجاوزات تقصي الحقائق التي حصلت خلال الاحداث الاخيرة ولجنة للنظر في الرشوة والفساد كما استعرض القرارات والاجراءات التي أعلن عنها رئيس الدولة يوم الاثنين في خطابه الى الشعب التونسي المتعلقة بمضاعفة احداثات مواطن الشغل وموارد الرزق وتنويع مجالاتها في كل الاختصاصات وادماج حاملي الشهادات العليا الذين تجاوزت مدة بطالتهم عامين في الحياة المهنية قبل موفى سنة 2012 مشيرا إلى ملامح الخطة الوطنية المعتمدة للترفيع في انتدابات القطاع العمومي بزيادة 10 آلاف انتداب إلى جانب رصد اعتمادات اضافية لدعم الحضائر الجهوية حتى تستوعب 40 الف عامل اضافي طيلة سنتي 2011 و2012 وأشار إلى الاجراءات التكميلية التي تم اقرارها لفائدة الجهات التي لها نسب بطالة أرفع من المستوى الوطني وتتمثل خاصة في احداث صناديق وشركات استثمار لمساعدة الباعثين على الاسراع في انجاز مشاريعهم. وأكد التزام الحكومة بالشروع الفوري في تجسيم عناصر هذه الخطة الرئاسية التي سيتم بمقتضاها احداث 300 الف موطن شغل سنتي 2011/2012 وأشار إلى قرار رئيس الدولة تقديم منحة ب-150 دينارا لكل شاب حامل للشهادات العليا في فترة انتظار التشغيل مع تغطية صحية وتعريفة تفاضلية للنقل العمومي مقابل الانخراط في عمل نصف وقت صلب هياكل جمعياتية. واكد الوزير الاول أن تحقيق هذه الأهداف ليس باليسير ويقتضي تعبئة شاملة لمجهودات كافة القوى الوطنية ويتطلب روحا نضالية عالية وانخراطا كليا من اجل مواصلة مسيرة التنمية والاصلاح ورفع التحديات الراهنة والمستقبلية وكسب ثقة المواطن. ولاحظ أن هذه البرامج والخيارات تتطلب استعادة مناخ الامن والاستقرار في أقرب الاجال حتى يتفرغ الجميع للعمل والبذل مشددا على أن تونس هي أمانة بين أيدي كل التونسيين والتونسييات واستقرارها مسؤولية يتقاسمها الجميع. وإثر ذلك قدم السيد احمد فريعة وزير الداخلية والتنمية المحلية عرضا حول الوضع العام في البلاد اثر الاضطرابات الاخيرة التي شهدتها تونس . وافاد بانه تم اتخاذ مجموعة من الاجراءات الهامة من قبل رئيس الدولة ذات ابعاد مختلفة بهدف دعم التنمية وتامين ديمومتها في مختلف المناطق والنهوض بالتشغيل ودعم المشاركة السياسية مؤكدا من جهة أخرى أنه تم بعد اطلاق سراح كل الموقوفين الذي لم يقع إثبات تورطهم في اعمال شغب وتخريب وإضرار بالممتلكات العامة والخاصة. واكد التشبث بمبدا الحوار باعتباره من ثوابت السياسة الوطنية وخيارا استراتيجيا لتحقيق الوفاق الوطني والسلم الاجتماعي موضحا انه ينبغي ضبط توجهات تتماشى وطموحات وتطلعات مجتمع وشباب اليوم اللذين يختلفان عن مجتمع وشباب الامس واعرب عن بالغ الاسى لمظاهر العنف والتخريب التي طغت على الاحداث الاخيرة مؤكدا اليقين بأن الاجراءات التي اقرها رئيس الدولة بهدف دعم جهود التشغيل وتحقيق التنمية الجهوية من شأنها ان تستجيب لتطلعات كافة الشرائح والفئات. واضاف انه بقدر الاعتزاز باستتباب الامن في عديد المناطق بفضل جهود الجيش والامن بقدر ما يؤسف رؤية بعض الاعمال المشينة التي لا يتقبلها المجتمع التونسي من اعمال تخريب واضرام نار ونهب للممتلكات العامة ودعا كل الاطراف الوطنية الى الاقبال على الحوار واثرائه بحلول عملية مؤكدا ان الفترة التي تمر بها تونس تقتضي تضافر كل الجهود من أجل المحافظة على امن البلاد وصون مصالحها. وكان السيد عبد الله القلال أكد لدى افتتاحه الجلسة أن هناك مشاغل ومشاكل لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات وهناك طموحات سياسية في توسيع مجال الديمقراطية وحرية التعبير موضحا أن ذلك لا يمكن أن يحجب ضرورة الحفاظ على مكاسب البلاد في كل الميادين وصون صورة تونس في الخارج كبلد أمن حقق الشراكة بين المرأة والرجل والأمن والاستقرار والنماء الاقتصادي والرقي الاجتماعي ولا يجب أن تشوه صورته بالعنف والتخريب.