لا شيء ينغّص حياة المرأة ويدمّر حياتها ويجعلها تتجرّع المرارة الوانا اكثر من ان يكون زوجها شديد الغيرة وتسكنه الوساوس بألوانها وأشكالها المختلفة. قصص كثيرة تبدأ بحب جارف وتنتهي بمآس مؤلمة بسبب الغيرة المفرطة واعتناق مذهب الهلوسة والوسواس ليذهب ضحيتها في النهاية زوجات في عمر الزهور وابناء ابرياء نتيجة حصول الطلاق وغيرها من الكوارث التي تزعزع امن الاسرة وتهدم استقرارها. «الشروق» تنقل في هذا التحقيق شهادات حية عن جحيم الزوج الغيور والذي تسكنه الوساوس والذي يتحول بمرور الزمن دكتاتورا يمارس سلطة القمع والردع العنيف تحت راية الحب الجنوني. فرحت كثيرا بزواجها منه وحلمت بأيام السعادة والهناء التي ستحياها بقربه بعد ان يجمعهما سقف واحد. تتالت الايام وتحقق الحلم وغنمت لحظات بل شهور من السعادة لا يمكن ان تمحي من ذاكرتها هكذا كان يخيّل اليها. ومرت الايام السعيدة بسرعة لتكتشف انها تزوجت من انسان مريض نفساني تسكنه الوساوس بعد ان اقدم على حبسها في المنزل بدعوى ان عملها ليس ضروريا لكن من حسن حظها انها طلبت اجازة دون مرتب. قصة السيدة فتحية مع زوجها الغيور لم تقف عند هذا الحدّ بل وصلت الى حدّ محاسبتها على كل التفاتة او نظرة عابرة واتهامها بأنها تسعى الى لفت انتباه الآخرين والويل لها ان قامت بمثل هذه الحركات حتى وان كانت بحسن نية. فتحية لم تستطع ان تصير على مثل هذا الجحيم بعد ان تتالت اتهامات زوجها لها بالتفسّخ والتصرف اللامسؤول حيث طلبت الطلاق بعد عام واحد من زواجها لتعود الى بيت اهلها صحبة طفلتها الوحيدة وقد خاب املها. بيت الجحيم كلما غرق الزوج في الوساوس، انعكس ذلك على عائلته وزوجته تحديدا فتحولت حياتها الى جحيم مميت فوساوس السيدة سالمة قادت زوجها الى الشروع في تعنيفها بمجرد ان يلاحظ انها تهتم بنفسها وتتعطر اكثر من العادة متهما وواصفا اياها بأنها امرأة لعوب وان سيرتها السيئة اثناء سنوات مراهقتها الاولى اثرت على سلوكها الحالي وبأنها لا يمكن ان تعد له وان تصبح امرأة شريفة بين ليلة وضحاها. ورغم جحيم غيرة ووساوس زوج السيدة سالمة فانها ظلت محافظة على بيتها ولم تسع الى هدمه ومغادرة ظل زوجها المتعنّت حفاظا على مصلحة ابنائها اما ام الخير سيدة تجاوزت الخمسين من عمرها فقد روت لنا بكل مرارة وحرقة ما عانته من زوجها منذ سنوات زواجها الاولى. فقد وضعها القدر في طريق زوج رجعيّ وصعب المراس، لا يعترف الا بضرورة قمع المرأة وتضييق الخناق عليها حتى لا تتمرد عليه وتتدخل في شؤونه بالمرة. وتقول السيدة ام الخير: «كان زوجي يمنعني من زيارة اهلي والتحدث مع الجيران ويمنعني منعا بابا من الاجابة عن اي سؤال يطرحه علي جار لي او قريب. كما انه يستشيط غضبا اذا ما قدم احد ابناء عمّي ليسأل عن احوالي وعندما اكون في زيارة لأهلي ويتهمني بأنني من خلال ذلك اسعى الى تجديد الود القديم معه. وتضيف ام الخير: عانيت الامرين جراء غيرة زوجي العمياء وصبرت على دكتاتوريته اكراما لأبنائي لا غير. غيرة قاتلة هو رجل عصري بأتم معنى الكلمة ويتصرف بطريقة توحي لمن لا يعرفه بأنه رجل تنويري ونصير لحقوق المرأة ومدافع عنها لكنه في الباطن رجل رجعي الى أبعد الحدود يسعى بكل الوسائل الى فرض سيطرته على زوجته وقمعها بشتى الطرق. وتقول سلمى: هذه هي صفات زوجي الذي حسدني فيه كل من يعرفني. وتضيف: انا امرأة جميلة جدا وجمالي هذا سبب بليتي مع زوجي فقد اصيب بغيرة عمياء ووضع امامي قائمة طويلة من الممنوعات وقدّم لي دروسا بعدم ضرورة الضحك اكثر من اللازم مع فلان ولا ينبغي النظر بطريقة توحي بالشهوة والاعجاب، كما قال لي ذات مرة انني اراك بالأمس قد الغيت المسافة بينك وبين رئيسك في العمل وهذا لا يجوز فأنت تشجعينه على الاقتراب منك اكثر لتطول قائمة الاوامر والنواهي مما جعلني احسّ بالاختناق والملل من هذا الزوج الذي تسكنه الوساوس وبعد مدة غير وجيزة استطعت الخروج من هذا السجن ومعي ابني الصغير الذي سيتحمل خطأ والده ويعيش محروما منه الى الأبد. قصة طريفة نوعا ما ومؤسفة في آن واحد روتها الآنسة رماح فتقول: اصبت في فخذي بمسمار بعد جلوسي على حافة الفراش فاستقر المسمار داخل رجلي فطلبت من خطيبي ان يحملني الى المستشفى لإزالته الا انه رفض رفضا قاطعا ان يكشف الطبيب هذا الجزء من جسدي. حاولت اقناعه بأن ذلك سيلحق بي ضررا فادحا ان لم اتخلص منه في اقرب وقت ممكن الا انه اصرّ على الرفض وخيرني بين البقاء معه او الذهاب الى الطبيب فخيّرت قطع علاقتي به على التضحية بصحتي.