على امتداد ثلاثة ايام احتضنت مدينة رواد ملتقى هو الاول من نوعه في الجهة تم بفضل جهود الشاعر ومعتمد الجهة الاستاذ محمد الطاهر الحضري. على امتداد هذه الايام التي شارك فيها عدد ضخم من الشعراء ناهز الخمسين شاعرا نذكر من بينهم: محمد الغزي ومنصف الوهايبي ومنصف المزغني وجميلة الماجري ومحمد الهادي الجزيري والشاذلي زوكار ومحمد عمار شعابنية ومحمد الامين الشريف وليلى مكي ويوسف رزوقة وعبد الله مالك القاسمي وعبد الرؤوف بوفتح والصادق شرف والبشير المشرقي وجمال الصليعي وعمار النميري وشمس الدين العوني والازهر النفطي وأمال سفطة ونجاة الورغمي والعديد من الاسماء الاخرى التي لا يتسع المجال لذكرها جميعا. وقد حاضر في هذا اللقاء ثلة من الاساتذة الجامعيين نذكر من بينهم الاساتذة: مبروك المناعي الذي أثار اشكالية الابداع وظاهرة النشر على الحساب الخاص وكثرة عدد الشعراء وقد ارجع ضحالة الشعر الذي يكتبه الشبان الى تساهل الصفحات الثقافية للجرائد التونسية واطلاق صفة المبدع على من هبّ ودب. وكانت المداخلة الثانية في هذا الملتقى من طرف الدكتور كمال عمران الذي تحدث عن حركةالنقد الادبي ببلادنا وحصرها في الاسماء الجامعية دون سواها فذكر كل من محمد اليعلاوي ومنجي الشملي وتوفيق بكار وحمادي صمود ومحمد الهادي الطرابلسي ومحمد قوبعة وصالح بن رمضانومحمد صالح بن عمر ومحمد لطفي اليوسفي وأهمل النقد الذي يكتبه غير الجامعيين؟! ولاحظ أن اغلب هذه الاسماء اقتصرت على الشابي دون سواه من المبدعين التونسيين ولاحظ ان الادب التونسي فيه ما يستحق النظر والنقد والمتابعة ودعا في مداخلته الى ضرورة الاهتمام بالاسماء التي برزت بعد الشابي وتستحق المتابعة والنقد. أما الدكتور منصور قيسومة فقد تحدث في مداخلته عن حركة الشعر التونسي منذ الشابي الى نهاية القرن العشرين وقد قسم اجرائيا هذه المراحل الى عشريات ووقف عند حركة الطليعة الادبية ثم شعراء الثمانينات ثم شعراء التسعينات واعتبر ان العديد من الشعراء ا لذين واصلوا الكتابة يمكن ان يطلق عليهم اسم شعراء التسعينات بما فيهم شعراء السبعينات. ولاحظ ان كل هذه الحركات الشعرية غير متابعة من طرف النقاد وان الاطروحات التي انجزت في مستوى شهائد الكفاءة في البحث في الجامعة التونسية لم تتجاوز في اغلبها الوصف والتأريخ وان هناك العديد من الاسماء من الشعراء الذين تستحق مدونتهم الابداعية المتابعة والنقد من قبل الجامعيين التونسيين الذين يعزفون عن النقد ويرون الأدب التونسي غير صالح للتدريس في الجامعة. المداخلة الاخيرة في هذا الملتقى قدمها الدكتور منصف الجزار الذي اختار ان يحلل قصيدة «الساحرة» لجعفر ماجد وحاول ان يطبّق عليها منهج جمالية النصّ ذاهبا في مداخلته الى تفنيد رأي قاله محمد صالح بن عمر عن جعفر ماجد وهو أن هذا الاخير كلاسيكي واعتبر الجزار أن جعفر ماجد في هذه القصيدة قد حقق مقومات التجديد والتحديث الشعري من جهة قلب المفاهيم، فالساحرة ليست امرأة انما هي القصيدة والسحر هو الشعر والساحر هو الشاعر وقد عبر ماجد عن ذلك بطريقة فنية رائعة خاتلت النقاد ولم يفهموا العمق الذي حوته قصيدته. وقد تم في هذا الملتقى الذي افتتحه معالي الدكتور عبد الباقي الهرماسي مشيدا بجهود الذين قاموا على انجاح هذا الملتقى وعملوا على تكريس الفعل الثقافي في جهة روّاد وهذا يدخل في مكاسب دولة التغيير التي راهنت على الثقافة والمثقفين. وتم كذلك الاختتام من طرف ا لسيد والي اريانة السيد الفائز عياد الذي اكد ان الثقافة ليست غريبة عن مدينة الذكاء «روّاد» التي تحتضن مدينة تكنولوجيات الاتصال فكرّم السيد الوالي الاستاذ منجي الشملي في هذا اللقاء لما قدمه هذا الاخير خدمة للثقافة التونسية وتم توزيع الجوائز على الفائزين وقد نال الجائزة الاولى الشاعر الشاب عثمان المحمودي وقيمتها خمسمائة دينار. وما يمكن قوله اجمالا ان هذا الملتقى حقق الغايات المرجوة منه بوصفه ملتقى تأسيسيا أولا نرجو ان يتواصل في قادم السنوات ويزداد اشعاعا واننا بدورنا نثمن جميع الجهود الثقافية في مختلف جهاتنا لان اي فعل يسعى الى تأصيل الثقافة وتكريسها هو في نظرنا كسب للثقافة والمثقفين.