خرجت مفاوضات ملف التأمين على المرض بعد مسار دام أكثر من خمس سنوات من مرحلة التعقيد وبدأت تأخذ طريقها نحو الانفراج وهو ما يبشر فعلا باقتراب موعد اقرار نظام جديد وشامل للتأمين على المرض، فقد أكّدت أطراف مهنية «للشروق» ان الجلسة التي جمعت السيد الشاذلي النفاتي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن امس الاول بمجلس عمادة الاطباء ونقابة اطباء الممارسة الحرّة والغرفة النقابية للمصحات الخاصة كانت ايجابية للغاية وأفضت الى اتفاق نهائي ومبدئي حول الخطوط العريضة لمشروع اصلاح نظام التأمين على المرض. ويقول السيد رابح الشايبي كاتب عام نقابة اطباء الممارسة الحرّة في هذا الخصوص ان جلسة امس الاول مع الوزير جاءت متابعة للاجتماعات السابقة التي التأمت مع وزارة الشؤون الاجتماعية ولكنها تميزت على سابقاتها بأنها افضت الى التعمق في كافة جوانب مشروع الاصلاح سواء فيما تعلق بالنقاط المتفق عليها او حتى في النقاط التي مازالت عالقة وتتطلب المزيد من التفاوض والتدارس مشددا على ان الاتفاق والتفاهم بشأن هذه النقاط يجري بشكل جيد وايجابي فالخلاف والتباعد في وجهات النظر الذي عرقل تقدم اعداد المشروع في السابق لم يعد مطروحا في الوقت الحالي. وبين السيد الشايبي ان الاتفاق مع الوزارة حصل حول منظومة استرجاع مصاريف العلاج بشكل عام حيث تمّ التشاور حول ثلاث خيارات في هذا الشأن يتمثل الخيار الاول في أن يتولى المريض دفع معلوم تعديلي مقابل العيادة الطبية او الزيارة في المنزل في حدود 20 أو 25 من المعلوم الحقيقي وتتولى الصناديق الاجتماعية دفع باقي المعلوم للاطباء وهذا الخيار يهم أساسا مستشفيات ومستوصفات القطاع العمومي كما يهم المصحات الخاصة لكن ليس بشكل كلّي أي أن هذا الخيار يطبق بالنسبة لاطباء القطاع الخاص ولكن على بعض الامراض وخصوصا الامراض المطروحة بكثافة على القطاع العمومي مثل امراض العيون. ولا يمانع أطباء الممارسة الحرّة حسب كاتب عام النقابة في اعتماد هذا النظام بصفة جزئية وتدريجية لكن على أن توفر صناديق الضمان الاجتماعي لهم ضمانات استرجاع وخلاص معاليم العلاج في اجل لا يتجاوز الشهر على الاقصى وهو ما تم الاتفاق بشأنه أيضا. وهناك خيار ثان في هذا الخصوص يتمثل في تكفل المواطن بدفع معاليم العلاج والدواء والاقامة كاملة وبصفة مباشرة ثم تتولى الصناديق خصم نسبة من تلك المعاليم وارجاع ما تبقى منها الى المواطن وهي الطريقة المعتمدة حاليا في بعض الامراض. وهناك خيار ثالث في الاسترجاع يتمثل في المراوحة بين الخيارين الاولين اي دفع معلوم تعديلي في بعض الامراض والعلاجات والدفع المباشر في امراض اخرى. وقال السيد الشايبي ان كافة خيارات الاسترجاع معقولة ومقبولة لكن ما تبقى في هذه المسألة هو الاتفاق حول معاليم الاسترجاع ومعاليم العيادات وقائمة الامراض القابلة للاسترجاع والامراض غير القابلة لذلك وهذه المعاليم يجب أن تكون معقولة. وأبرز الكاتب العام ايضا ان التشاور مازال يجري مع الوزارة بشأن مسألة الطبيب المرجع التي يراد بها الضغط على كلفة العلاج والحد من ظاهرة العيادات الجوالة والانتقال من طبيب الى آخر التي تثقل كاهل المواطن بالمصاريف حيث تقترح الوزارة ضرورة التقيد بطبيب عام واحد يكون لكافة افراد العائلة فيما يفضل الطرف النقابي التقيد بمبدأ الطبيب المرجع لكن مع ترك حريّة الاختيار للمواطن في اختيار هذا الطبيب كما تتمسك نقابة اطباء الممارسة الحرّة بضرورة ان يكون جهاز مراقبة الاطباء في نظام التأمين على المرض الجديد ممثلا لجميع الاطراف من ادارة ومهنة ولم لا القضاء حتى توفر فيه شروط الاستقلالية والحياد. وفي العموم اوضح السيد رابح الشايبي ان كافة النقاط المذكورة التي ستخضع الى مزيد النقاش والتشاور سوف لن تعرقل صدور النظام الجديد للتأمين على المرض باعتبار أنها ستنظم بمقتضى نصوص ترتيبية وقرارات ستصدر بعد اقرار المشروع. وشدد الدكتور بوبكر زخامة رئيس الغرفة النقابية للمصحات الخاصة من جانبه في تصريح «للشروق» على أن أصحاب المصحات الخاصة انخرطوا بشكل ايجابي في مشروع اصلاح نظام التأمين على المرض ويثمنون التقدم الحاصل في التفاوض بشأنه خصوصا وانه مشروع رئاسي ويخدم مصلحة المواطن. وأفاد انه تم الاتفاق مع الوزارة حول كافة الخطوط العريضة الاساسية بما في ذلك طريقة الخلاص والمتمثلة في الخلاص الجزافي التي ستضغط كثيرا على مصاريف التداوي والعلاج في المصحات الخاصة. حيث سيتكفل المواطن بمقتضى هذه الطريقة بدفع جزء من تلك المصاريف للمصحات وتتولى الصناديق استكمال الجزء المتبقي منها. وأضاف ان ما بقي في التفاوض والتشاور هو أن يتم الاتفاق حول بعض الجزئيات والتفاصيل الفنية المتعلقة بالنسب التي سيتكفل بدفعها كل من المواطن والصناديق، والتي تهم العلاج والاقامة بالمصحات مؤكدا على ان المهنيين يرون ضرورة أن يتم الضغط على كلفة العلاج بالمصحات الخاصة ولكن ذلك يجب ان يتم بشكل مدروس يراعي مصلحة المواطن بالدرجة الاولى ولا يغفل مربوحية المصحات حتى يمكنها تجديد معداتها ومواكبة التطورات والاستمرار في العمل كما أن هذه المعاليم يجب ان تراعي توازنات الصناديق الاجتماعية التي ستتكفل بالتعويضات للمواطن والمهنيين وقال ان المصحات الخاصة بحكم تجربتها الناجحة مع الصناديق الاجتماعية لا تحمل اية تخوفات في هذا الاطار وأن خلافها مع الصناديق الاجتماعية غير مطروح بالمرّة لكن هذا لا يمنع الصناديق من أن تعيد النظر في موازناتها باعتبارها مقبلة على عمل اكبر واوسع عندما يتم اقرار النظام الجديد للتأمين على المرض والذي حتما سيحمل اعباء اضافية وثقيلة يجب الاستعداد لها مبكّرا.