أساتذة في مائدة مستديرة: الإمام سحنون كان له زيّه الخاص للصلاة في إطار الدورة الثالثة عشرة التي تحتفل بها كل المدن التونسية سنويا وبالتعاون مع المندوبية الجهوية بالقيروان واللجنة الثقافية للقيروان الجنوبية عقدت جمعية صيانة المدينة مائدة مستديرة حول : «المساجد والجوامع ودورها الاجتماعي في الحضارة العربية والاسلامية». أدار هذا اللقاء الدكتور مراد الرمّاح والأستاذ محسن التميمي وذلك بالمركّب الثقافي أسد بن الفرات. وبدأ الدكتور بتوضيح حول كلمة مسجد وجامع، فالمسجد هو كل مكان يتعبّد فيه المسلم وهو لأداء الصلوات الخمس ويوجد في الاحياء. والجامع هو المسجد الكبير الذي تؤدي فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس. الدكتور مراد الرمّاح : المساجد هي فضاءات مقدسة لها دورها الاجتماعي والديني والدين يمثل محور حياة كل مسلم. في القديم الى جانب دار الامارة يقام الجامع في وسط المدينة والحياة الدينية تنعكس على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. بعد اقامة الصلاة والطقوس الدينية يستأثر المجتمع المسلم بالمؤشرات الاقتصادية فينظم شؤون الناس ويقوم مقام مجلس الشورى والنظر في الشؤون الهامة منها : عقد الصّلح، وقبل ان تبنى الثكنات للتدريبات العسكرية عندما كانت الامور مضيّقة تصنع الرماح والنبال فيه، وهو وسيلة اعلام ايضا اذ ان البعض يأتي لإبلاغ المعلومات. وتلقى القصائد كما كان يفعل حسّان بن ثابت وكان يستمع اليه الرسول ويشجعه على ذلك. بعد استشارة إمام المسجد يأوي اليه عابر السبيل ومن لا دار له والوفود الزائرة. هو لاتخاذ المسائل الاجتماعية والاستشارات يقوم مقام دار الجمعيات الخيرية في تجمع الزكوات وتقسّم على الفقراء والمحتاجين وتقدم اليهم المأكولات. يعقدون فيه الخطبة والاملاك والصداق والختان وأداء اليمين والفقهاء كانوا يحرصون على ذلك والمواعظ والذكر والاحتفاء بالميت وختم القرآن ترحّما على بعض الاقارب. الإمام سحنون كان له زي خاص للصلاة ويتعطّر يوم الجمعة ويأتي للصلاة وللناس. كانت للجامع أروقة خاصة تبارى الملوك في بناء المدارس بها يسكن فيها الطلبة والوافدون على طلب العلم، وقد رصدت لهذه الجوامع والزاويات الصحابية اعتمادات خاصة حتى تعوّض المعاهد والكليات لتصبح أكادميات للفلكيين والأدباء... وأشار الاستاذ محسن التميمي الى تكريم أول بناية وهي المسجد، مثل ما قام به رسول الله وعقبة بن نافع.. ووظائف المسجد هي تعليم الناس فقه الدين والقراءة والكتابة، تعقد مناظرات دراسية علمية عالية وتخرّج منها علماء الفلك والطبيعة والحساب. وتعقد جلسات لطرح عينات من الحياة الاجتماعية وتصرفات البعض في نقل نعالهم الى المكان الذي يصلّون فيه وبعض مظاهر التجاوزات كالتي وقعت بغرناطة حيث يتم بيع وشراء الملح والبلح في المساجد يجيبون بالعصير والماء والآخرون يصلّون. وقد نهى بعض الامراء هؤلاء ولا يتركونهم يفعلون ما ذكر كما منعوا قراءة المقامات وروايتها والمسجد لا ترفع فيه الاصوات ولا توقف فيه النار. وبالمناسبة أقيم معرض بمقام سيدي عبيد الغرياني حول ترميم المعالم الدينية بالمدينة كصيانة الدور وريحانة الزجاج في جامع عقبة والسّور القديم والمواجل الموجودة في المنازل القديمة واطلع الزائرون على نماذج الخطوط والتهذيب والزخرفة وكلها تعود الى فنون الخط. كما تم منذ أيام بمقام سيدي عبيد الغرياني حفل بمناسبة «التوأمة» بين جمعية صيانة مدينة القيروان وجمعية صيانة مدينة المنستير، وكان البرنامج ثريا حيث استقبل السيد معتمد القيروان الشمالية وفد جمعية صيانة مدينة المنستير وألقيت كلمة من طرف السيد رئيس بلدية القيروان ونائب رئيس بلدية المنستير، وتمت مداخلة قيمة من طرف الدكتور مراد الرماح حول أعمال الصيانة بالمدينة والبنايات الحجرية بها. وبارك السيد كمال الغمراسي نائب مدير الاذاعة الجهوية بالمنستير هذه التوأمة وتمنى لها العلاقة المتواصلة وقال : أصل سكان ولاية المنستير قيروانيون، وقد سجلت منذ العهد الوسيط كتب التاريخ مودة بين المدينتين اللتين تسعيان الى اعادة رسومها تتفاعلان معها بربطهما مع ماضيهما وحاضرهما والاهتمام بالتراث أصبح مشغلا وطنيا. وقبل زيارة المعالم المصانة بالمدينة تم تبادل الهدايا تمثلت في كتب عن تاريخ المدينتين وهي للتحسيس والتأطير لتقريب معلومات الارث الحضاري من الناس حتى يدركوا قيمة الامتداد بين الساحل والوطن في تاريخه وجذوره بين رباط المنستير وصلته التاريخية بجامعة عقبة بن نافع.