"الشروق اونلاين" تنشر الحوار الذي اجرته "القدس العربي" امس مع رئيس هيئة الانتخابات في تونس شفيق صرصار وجاء فيه : اكد رئيس هيئة الانتخابات في تونس شفيق صرصار أن الهيئة تتعرض لعملية «ابتزاز سياسي» من قبل بعض الأطراف السياسية، مشيرا إلى أنها نجحت في جميع الاختبارات حتى الآن، كما أشار لوجود مآخذ كثيرة على القانون الانتخابي، لافتا إلى أن الهيئة ستلزم الناخبات المنقّبات بالكشف عن وجوههن قبل المشاركة بعملية الاقتراع. وقال صرصار في حوار خاص مع «القدس العربي»: «ثمة نوع من الابتزاز (السياسي) للهيئة في ظل وجود بعض الأطراف الساعية لفرض بعض المواقف عبر محاولة التشكيك في الهيئة التي بينت في كل مواقفها أنها لم تكن موالية لأي من الأحزاب بل حاولت أن تبقى على نفس المسافة من الجميع». ونفى، في السياق، ما يروجه البعض حول محاباة الهيئة لبعض الأطراف السياسية كحركة النهضة التي تمتلك حوالي نصف المقاعد في البرلمان، مشيرا إلى أنه تم انتخاب الهيئة بأغلبية الثلثين، و» هذا يعني أنه ليس هناك أي حزب و(لا حتى الترويكا) يستطيع احتكار الانتخاب الذي تضمن أطرافا من المعارضة والأغلبية البرلمانية». ويضيف «هناك عقوبة سجنية لستة أشهر لأي عضو في الهيئة يثبُت أنه منتمٍ لأي حزب سياسي، وبالنسبة لمن يتهمني شخصيا بالمحاباة أقول إنه تم انتخابي ب167 صوتا لمنصب يستمر ست سنوات يعني أنه أول رئيس منتخب سيغادر منصبه قبل انتهاء عمل الهيئة الحالية، وهذا من المعايير الدولية لضمان استقلالية الهيئة، الأمر الآخر هو أني أستاذ جامعة ولدي تاريخ يمتد ل23 عاما لم أنتمِ خلاله لأي حزب سياسي ولن آتي اليوم لأمرغ هذا التاريخ بموقف غير سليم، ومن ثم كل موقف تم اتخاذه تم ضمن أسس قانونية بحتة وصدر عن مجلس الهيئة عموما، ومن لديه دليل عكس ذلك فليقدمه». وفيما يتعلق بتزوير قوائم التزكيات لدى مرشحي الرئاسة واللغط الذي أثير حول سرقة قاعدة بيانات الهيئة، يوضح صرصار بقوله «قمنا بالتدقيق بشكل جدي بالتزكيات التي قاربت المليون وعندما اكتشفنا وجود إخلالات وتزوير في بعضها استعنا بالنيابة العمومية لوقف هذا الأمر، وحرصا على الشفافية قمنا بنشر هذه القوائم ووضعنا تطبيق على الهاتف الجوال يمكن كل ناخب من التأكد في حال تم استخدام معلوماته الشخصية في قوائم مزورة، كما أن المحكمة الإدارية حسمت أغلب الطعون المقدمة ضد الهيئة فيما يتعلق بملفات الترشح التي تم رفضها، لصالح الهيئة». ويضيف «أود الإشارة أن قاعدة بيانات الهيئة خاضعة لمعايير السلامة المعلوماتية ولم تتم سرقتها كما يروج البعض، لكن أربع شركات (عامة وخاصة) قدمت بيانات عملائها (زبائنها) لبعض المرشحين الذين قاموا بإضافة الإمضاءات بشكل غير قانوني، وتمت إثارة هذه المسألة في النيابة العمومية». وكان الشيخ فريد الباجي اتهم في حوار سابق مع «القدس العربي» الهيئة بعدم الاستقلال، مشيرا إلى أن نسبة أخطائها تجاوزت 800 في المائة، وخاصة فيما يتعلق برفض التزكيات المقدمة من قبل حزب الأمان الذي يدعمه الباجي. ويعلق صرصار على ذلك بقوله «المحكمة الإدارية قامت يوم السبت الفارط بالبت في القضية وحكمت بإقرار موقف الهيئة، ويستطيع حزب الأمان أن يستأنف القرار في أعلى هيئة في المحكمة الإدارية، كما الشيخ فريد الباجي أعطى عدة تصريحات ثم تراجع عنها، من بينها حرمة الانتخابات إذا كانت مزيفة». وحول الاستعدادات التي تتخذها الهيئة من أجل الانتخابات المقبلة، يقول صرصار «نقوم الآن بتدريب خمسين ألف عضو مكتب اقتراع ثم انتدابهم مؤخرا، إلى جانب توفير الإعداد اللوجستي للانتخابات وخاصة إرسال المواد الانتخابية لمكاتب الخارج، وحافظنا حتى الآن على الروزنامة الانتخابية التي وضعناها، ولدينا 1100 مراقب في الجهات لضمان احترام المتنافسين لقواعد الحملة الانتخابية، وسنتخذ عدة عقوبات بحق المخالفين تبدأ بغرامة مالية وعقوبة سجنية وتنتهي بإلغاء فوز القائمة في حال اكتشاف إخلالات كبيرة عند إعلان النتائج». ويضيف «حرصا على الشفافية، قمنا بوضع قوائم أعضاء مكاتب الاقتراع على موقع الهيئة حتى يقع الطعن فيمن لا يستحق أن يكون عضوا أو رئيسا في مكتب الاقتراع، كما قمنا بإعادة النظر في «الخلوات» ووضع تصوّر طريقة ورقة الاقتراع (عبر استعمال الألوان) حتى لا يتم ارباك الناخب، إضافة إلى دعوة عدة منظمات دولية لمراقبة الانتخابات، وإصدار قرارات تتعلق باحترام الحملة الانتخابية ومقاومة المال السياسي». وحول موضوع إلغاء البطاقة عدد 3 المتعلقة بالسماح لأصحاب السوابق العدلية بالترشح للانتخابات البرلمانية، والذي أثار جدلا في البلاد، يوضح صرصار بقوله «المعايير الدولية التي اعتمدنا عليها في هذا الشأن تقول إن من عوقب بجريمة وقام بتمضية العقوبة، يسترجع حقوقه كمواطن إلا في حال وجود عقوبة تكميلية تقضي بعدم حقه في المشاركة في الانتخابات أو إحدى الوظائف العمومية، هذا ما جاء في العهد الدولي عام 1966. وحول منع نشر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، يقول صرصار «هذا المنع جاء به قانون الانتخابات، وهو منع جاء نوعا ما جذريا لسوء الحظ لأنه في تونس إلى حد الآن ليس هناك قانون ينظم استطلاعات الرأي، وثمة تقرير صدر في 2011 ويؤكد وجود تلاعب في استطلاعات الرأي في تونس وهذا يمكن أن يؤثر على الناخبين بشكل أو بآخر، ولذلك اتجه القانون إلى منع جذري لنشر الاستطلاعات لعدم وجود قانون يلزم أصحاب هذه الاستطلاع بالإعلان عن الجهة الممولة». ورغم أن صرصار يؤكد أن عملية تسجيل الناخبين كانت ناجحة جدا بشهادة «مركز كارتر» (تسجيل حوالي 70 في المائة من العدد الكلي للناخبين)، لكن يبدي تخوفه من نسبة الإقبال، مشيرا إلى أنه في جميع تجارب الانتقال الديمقراطي تكون الانتخابات الثانية أكثر صعوبة «لأن ثورة وحماس التغيير في 2011 تخبو شيئا فشيئا ويحل محلها خيبة أمل على مستوى الاقتصادي والسياسي، والتحدي المطروح الآن أمام الهيئة ليس فقط تنظيم الانتخابات ولكن أيضا ضمان إقبال جماهير الناخبين بطريقة حقيقية وفعالة». من جانب آخر، يشير إلى وجود مآخذ عديدة للهيئة على القانون الانتخابي الحالي تتعلق بشكل خاص بموضوع التزكيات الذي يصفه بأنه «كارثة بكل المعايير» وعملية الاقتراع في الخارج، مشيرا إلى أن الهيئة ستعمل على إصلاح القانون بعد إتمام العملية الانتخابية. وحول ترشح الأئمة والمنقبات للانتخابات التشريعية، يقول «بالنسبة للأئمة ثمة تداخل بين وظيفة الإمام في المسجد وترشحه لمنصب سياسي، وتونس ذهبت باتجاه الفصل بين الأمرين، فالإمام الذي يرغب بلعب دور سياسي يجب أن يتخلى عن وظيفة الإمامة». ويضيف «بالنسبة للمنقبات ثمة مشكلة في التعرف على الوجه (والهوية) لذلك فإن الهيئة تكتفي بشيء وحيد (إذا لم يمنع القانون هذا) وهو وجوب التأكد من هوية جميع الناخبين ويتم ذلك بالكشف عن وجوههم، لذلك يجب أن نكشف عن وجه كل ناخب يحاول التوجه لصناديق الاقتراع، أما بالنسبة للمترشحات (المنقبات)، فيبقى هذا الأمر للناخبين وحقهم في الاختيار». وحول إمكانية مشاركته في الحياة السياسية مستقبلا، يوضح بقوله «لا أسعى لذلك إطلاقا، أولا لأن القانون يمنع أعضاء هيئة الانتخابات من الترشح لأي انتخابات لمدة خمس سنوات، وثانيا لأنني شخصيا لا أميل لذلك، أنا أستاذ في الجامعة وأميل أكثر إلى العودة للبحوث والتدريس ولا أعتقد أنكم ستروني في مسيرة سياسية مستقبلا»