حين أعادت عبير النصراوي جماعة «سوبر ستار» الى أحجامهم تأكدت ان هذه الفنانة الجامعية مازالت وفية لمبادئها. خرجت من تونس مخلّفة وراءها مشاريع جيّدة ذات بعد فكري وبعيدةعن «سلطة العربون». عبير ردّت الاعتبار لكل فنان يؤمن بفكره وثقافته وامكاناته الغنائية... هي ليست دخيلة على الغناء ولا بحاجة الى شهادات تؤكد امكاناتها الصوتية لكنها بحاجة الى تفريغ شحنة... تسكن كل فنان يمتلك الموهبة ويرفض ان يركن على الرف!! من هذا المنطلق شاركت في «سوبر ستار» وانتزعت اعترافا من المشرفين عليه بامتيازها لكنها تمردت عليهم حين أرادوا ممارسة الهيمنة التي تهين الفنان وتجعله مسلوب الارادة! عبير النصراوي احد اصوات اذاعة الشرق بباريس سبقتها شهائدها ومستواها العلمي الى هناك فضلا عن موهبتها. وفي لقاء مع «الشروق» تحدثت عن تجربتها مع «سوبر ستار» وخيبة أملها من إلياس الرحباني الذي كانت تحلم بلقائه وتؤمن بعدله ونزاهته «ولكن»...! *السر في «ولكن»؟ ضحكت وقالت: نعم لم يعد الياس الرحباني عادلا حين جامل بعض الاصوات وأنا لم تفاجئني عبارات الشكر التي توجه بها اليّ رغم حديثه عن الحظ ثلاث مرات وانا لا أومن بالحظ بل بالموهبة والعمل ولا اريد ان اكون نجمة بالحظ والصدفة. فانا غنيت من قبل في دار الاوبرا ومعهد العالم العربي وغيرهما وشدوت بألحان كبار الشعراء وأيضا الملحنين». *قلت: هل كان الرحباني «صرحا فهوى»! قالت: لا المسألة ليست مسألة صرح بل مسألة نزاهة يجب ان تتوفر وان يكون لجميع المتبارين نفس الحظوظ وهو ما لم يثبت... حتى الهواتف فيها ألاعيب تصوّر... ساعة التصويت تقفل الخطوط الدولية وخط سوريا والبحرين!! ولا تبقى سوى خطوط القاهرة والامارات ولبنان. النية بدت واضحة والانحياز كان اوضح لهذا المشارك او ذاك وكنا نعرف مسبّقا لمن سيكون الفوز. وشخصيا لم تحصل لي اية صدمة لأني كنت اعرف ما يدور في الكواليس... قلت لهم بالصوت العالي وهذا لم يجرؤ عليه احد «لقد ضيعت وقتي معكم وأنا نادمة على مشاركتي في برنامجكم الذي حطّ من قيمتي»! صُدموا لانهم يسمعون لاول مرة مثل هذا الكلام وقد تعوّدوا من المشاركين الخضوع الكامل. * قلت لها ألا تخشين من ردة فعل الجماعة بسبب تصريحاتك وانت ممنوعة اصلا من التصريح بمقتضى عقد طيلة سنة كاملة؟ قالت: «أنا تحديتهم اصلا... وها أنا أتحدى عقودهم فهم لم يحترموا اي قاعدة، بل مثّلوا على الجمهور لأن كل ما شاهده الجمهور من صور مثالية هي للاستهلاك الخارجي وقد تم اعداده في دقائق هذا ما يشهد عليه الجميع واقوله دون ان اتجنّى على احد... حاولوا حتى ان يفرضوا عليّ «لوكا» خاصا لكني رفضت حتى مجرد صبغ شعري بالطريقة التي ارادوها... رفضت ان اكون دمية انا صوت وعقل يفكر واحمل مشروعا غنائيا. لقد رفضت سابقا العمل مع احدى المجموعات في المطاعم... لأني لا أؤمن بفن يحمل هوية وألما وفكرا في فضاء يؤمّه السكارى والباحثون عن الابتذال وعن كل شيء الا ما يهذّب الذوق ويسوّي السلوك... قُدسية * وعدت اسألها ماذا تعني لك جوليا بطرس وغادة رجب وانغام... وعلى الفور قالت: «أرى نفسي فيهن»! أعرف أن طريقهن ليس طريق روبي ومروة وغيرهما... أدرك ان طريقي صعب ايضا لكني مصرّة على الحفاظ على قدسية المغني... الغناء موهبة والصوت حامل لفكر وقيم ولو بحثت عن «العرابن» لكنت في عداد الثريات لكن «قاتل الله هذا الانف»!! قالتها ثم ضحكت قبل ان تضيف «أنا سعيدة بحالتي... رغم اني كنت افضل ان انطلق من تونس واواصل مسيرتي لهذا انا اليوم في باريس اعمل في مجال الاعلام (راديو الشرق)؟ لماذا لا أبرمج داخل تونس واشارك ضمن فعاليات كل المهرجانات وفق برنامج يختلف عن التجاري السائد؟ تونس التي صنعت عشرات النجوم العرب أليست قادرة على صنع نجومية ابنائها انا ابحث عن مشروع... ابحث عن فضاء عن متنفّس... حياتي بغير غناء لا معنى لها... مستعدّة للتنازل عن كل بهرج الدنيا ولكن لست مستعدة للتفريط في دغدغة واحدة تسكنني... * وقبل أن أودع عبير التي استرسلت من البوح عن شجونها الفنية سألتها هل جنيت بصراحتك وصرامتك على التونسيين الذين يعتزمون المشاركة في برامج اخرى؟ فابتسمت قائلة: «اعتقد اني رفعت رؤوس كل التونسيين والتونسيات خاصة لاننا لسنا دمى ولا نقبل ان يمتهن احد كرامتنا... ماذا يعني الفن اذا لم يكن صنوا للكرامة؟ واي معنى لغناء في زمن الخنوع والخضوع؟ الفن يعلمك ان ترفع رأسك وان تغني كلاما يحمل القيم الجميلة... اما ثقافة العربون فعلى اصحابها ان يقبلوا المهانة وقبول الأوامر من «سوبر ستار».