هند النصراوي فنانة تونسية خرّيجة المعهد العالي للموسيقى وبصدد اتمام رسالتها الجامعية المعمقة بسوسة، اختصّت في الغناء تأثّرا بأختها عبير النصراوي...معتبرة أن نسبة الأكاديمين ضئيلة جدا. «الشروق» التقتها مؤخرا لتسليط الضوء على توجهاتها الفنية كفنانة أكاديمية في بداية مشوارها وهذه التفاصيل : أنت في بداية نحت مسيرة فنيّة هل كان توجّهك للمجال الموسيقي اضطرارا أم اختيارا؟ هو اختيار منّي بحكم نشأتي في عائلة مغرمة بكل ما هو طربي فتأثرت منذ الصّغر بروائع الفن العربي التي أنتجها محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ووردة وغيرهم من العمالقة حيث غنيت وأنا في سن الرابعة«لسه فاكر»، ولقيت كلّ التوجيه من عائلتي التي غرست ورسخت في نفسي هذا الذوق الموسيقي والذي تدعم بتوجهي الدراسي من خلال تكوين أكاديمي شجعتني عليه أختي عبير والتحقت بمعهد الموسيقي ثم المعهد العالي للموسيقى اختصاص غناء شرقي إضافة إلى العزف على آلة العود، وقطعت شوطا مهما في هذا المجال ولازلت أطمح للمزيد لإثراء تجربتي. بين فنان أكاديمي كابد المصاعب والمتاعب وبقي في الظلّ وبين مؤدّ هاو ابتسم له الحظ كيف تفسّرين هذه المفارقة؟ إذا بنى الفنان رسالته كما ينبغي فلن يسقط مهما كان لأن الأهمية تكمن في تلك الرسالة بعيدا عن الشهرة الزائفة الزائلة فبالنسبة لي قضيت إلى حد الآن أربع عشرة سنة في المجال الموسيقى قد أكون لم أحقق شيئا خلال هذه الفترة ولكني واعية باتزان خطواتي وبحرصي على التشبع بالمبادئ الموسيقية والتي حتما ستثمر في يوم من الأيام لأني شديدة الاقتناع بما أقوم به وشهادتي الجامعية ضمانا لي من كل الضغوطات التي قد تجبرني على الانحراف عن المبادئ الفنية مما يجعلني أعتبر أن الغناء هواية في حياتي أمارسها وفق قناعاتي وليس وفق الأذواق الرديئة فلم ولن أنخرط في الابتذال الموسيقي الذي نسمع الكثير منه في عصرنا ولا في مثل السخافات الموسيقية تحت أي ضغط من الضغوطات ولست مستعدة للتنازل بدافع المال أو الشهرة لأن الشهرة أمر نسبي في كل الحالات فما يبنى بطريقة علمية ومتأنية لن يسقط والعكس صحيح وإن كان ما أغنيه لا يرضي الكثير الآن فسيرضيهم لاحقا لأنه مبني على أسس صحيحة كما أفسر هذه المفارقة بالتأثير السياسي حيث كانت السلطة تروّج للابتذال وتعمل على تمييع الأذواق بتدعيم من بعض وسائل الإعلام المرئية والسمعية التي سعت إلى تعويد أذن المستمع على كل ما هو مبتذل. كيف تنظرين إلى انخراط العديد من الأكاديميين في «منطق العرابن»؟ قد يكون للبعض أعذارهم في ذلك في ظل عدم تنظيم القطاع الفني. هل أنت ضدّ أم مع ظاهرة العرابن؟ في الأعراس ممكن ولكن أنا ضد الغناء في اماكن أخرى كالكباريهات والملاهي الليلية وغيرها ولم يسبق لي أن غنيت في «عربون»، والأكاديمي الذي يضطرّ للغناء في مثل هذه الأماكن من الأفضل له أن يتخلّى عن شهادته الدراسية مثلما كان من الأفضل له أن لا يدرس البتة فيكون بذلك قد ربح الوقت (تضحك) فما فائدة الدراسة إذا اختار الغناء في تلك الأماكن. ما هو المكان الطبيعي للموسيقي الأكاديمي؟ المسرح أو ترويج أغانيه من خلال الأسطوانات ن وفي تونس مكانه المنزل أو يبحث عن عمل آخر فبالنسبة لي قد أدرّس موسيقي وسأجعل الغناء مقتصرا على بعض التظاهرات الثقافية والمهرجانات لا غير مع التركيز على بعض المحاولات في التلحين في تجربة كنت قد خضتها ولاقت استحسان العديد. حسب تقديرك الشخصي ما هي نسبة الموهوبين في صفوف الأكاديميين؟ نسبة ضئيلة قد تقدر بعشرة أو خمسة عشر بالمائة والبقية يتخذون الموسيقى كمهنة فالعديد يختارون دراسة الموسيقي لغايات مادية يظنون أنها مجلبة للربح المالي. هذا الرأي قد يعني أن اختيارات طلبة المعاهد العليا للموسيقى غير مدروسة؟ نعم يجب التحرّي من خلال ادراج اختبار قبل ترسيم الطلبة في هذه المعاهد فهناك العديد لا علاقة لهم بالموهبة وأقترح على وزارة الإشراف التقليص من المعاهد فهناك من الطلبة من الذين اعرفهم يصرحون بانهم اختاروا اختصاص موسيقى اضطرارا فلابد من قبول الطلبة الموهوبين لا غير. ألا ترين أن الدور موكول أيضا إلى الأسماء الفنية ذات الخبرة لاستقطاب المواهب الفنية؟ في تونس العقلية المسيطرة هي أنا وما بعدي الطوفان فلا احد من الموسيقيين يفكر في مساعدة الفنانين الشبان أتذكر في سنواتي الأولى قد قمت بتلحين أغنية حول فلسطين وبالمناسبة اتصلت بأحد الفنانين المعروفين الذي عبر من خلال إحدى الإذاعات عن استعداده لمساعدة الفنانين الشبان دون شروط فطلبت منه أن أقوم بتسجيل أغنيتي في الأستوديو الذي يملكه ولكن صدمني بقوله نتناقش في المقابل المالي قبل كل شيء. لماذا أنت خائفة هل لنا أسماء يمكن أن تهدّد مواهب؟ لا ولكن لا أريد ذكر الأسماء فانا لا زلت في بداية الطريق و لآ أحبذ الدخول في خلافات مع أي فنان. ما المانع في ذكر اسم هذا الفنان حتى لا يغالط فنانين آخرين ويصدمهم؟ هو «صلاح مصباح»... هل لنا أسماء فنية كبرى في تونس؟ لنا أسماء لا غير أما فنانين فلا، لنا أشباه الفنانين فهناك من اشتهر بفضل السياسة الثقافية البنفسجية التي تشجع على الإبتذال و التهميش والدليل العديد من الأسماء التي ساعدهم النظام السابق قد اختفت بعد الثورة.