قضت احدى الدوائر الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا بادانة شاب والحكم بسجنه مدّة ثمانية اشهر، بعد تورّطه في جريمة سرقة هاتف نقال وحافظة نقود وسط زحام احدى الحافلات. المتهم شاب عمره 18 سنة، توجّه يوم الواقعة الى احدى محطات الحافلات وسط العاصمة، وظل ينتظر تجمّع عدد كبير من الركاب، ليستغل حالة الازدحام حول باب الحافلة ويتسلّل وسط الجمع، ثم اختار راكبا ليدخل يده بهدوء الى داخل جيب جمازته ويستولي على هاتفه الجوّال، وقام بسرعة باغلاقه واخفائه، ولم يكتف بذلك بل واصل عمليته، اذ راقب راكبا آخر ليتوجّه نحوه بكل جرأة ويقوم بادخال يده بنفس الهدوء الى جيب جمازته ثم يستولي على حافظة النقود، إلا أن احد الاشخاص ارتاب في أمره واشتبه فيه، فلاحظ عليه الارتباك عندما هم باخفاء حافظة النقود، وتزامن ذلك مع تفطّن المتضرّر الى تعرّضه لعملية سرقة، فاطلق عقيرته بالصياح خاصة وأن جزءا هاما من اجرته الشهرية، كانت بالحافظة، وأمام صياح المتضرّر وطلبه النجدة، وثب الشخص الثاني الذي ارتاب في امر المشتبه به على الشاب «السارق» وأمسك به مخبرا الجمع المزدحم داخل الحافلة بأنه أمسك من سرق أموال المتضرّر وأمام الجلبة والفوضى والاخذ والرد، قفز شخص آخر وأخبرهم بأنه افتقد جهاز هاتفه الجوّال وهو من النوع الرفيع، ووجّه اصبع الاتهام الى نفس الشاب وأمام تلك الحالة، توجّه سائق الحافلة الى أقرب مركز للأمن، وتم ابلاغ الاعوان بالموضوع. فألقوا القبض على الشاب، الذي حجزوا لديه حافظة النقود كاملة دون زيادة او نقصان وبداخلها كامل المبلغ كما حجزوا لديه جهاز الهاتف الجوّال، الذي تعرّف عليه صاحبه وصرّح بأنه ملك له وأن الشاب المضنون فيه سرقه منه ساعة الازدحام في الحافلة. وبالتحرير على المشتبه به واستنطاقه أفاد بأنه كان محتاجا الى المال، لذلك توجّه الى محطّة الحافلات وسط العاصمة وانتظر تجمّع الركاب حتى قدمت حافلة فانطلقوا نحو بابها الخلفي مزدحمين من اجل الصعود، لذلك تسلّل وسطهم وقام بالاستيلاء على جهاز هاتف جوّال من جمازة المتضرّر الاول ثم تقدّم واستولى على حافظة نقود المتضرّر الثاني، وعندها هم بالانسحاب من الحافلة بعدما تمكّن من الصعود، تفطّن الى امره احد الركاب. كما تفطّن المتضرر الثاني لتعرّضه لعملية السرقة، فانكشف امره وألقي عليه القبض، وكان منطلق هذه القضية. تمسّك المتضرّران بحقهما في التقاضي وتتبع الجاني قضائيا، فأحيل على انظار ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، حيث تمسّك المتهم بما سجّل عليه لدى باحث البداية واعترف بما نسب اليه، فصدرت في شأنه بطاقة ايداع بالسجن وتوجّهت له تهم السرقة، وقرّرت النيابة العمومية احالته على احدى الدوائر الجناحية المختصّة. وقد مثل خلال الايام القليلة الماضية، أمام هيئة المحكمة، حيث اعترف اثناء استنطاقه بأنه فعلا استولى على جهاز الهاتف الجوّال وعلى حافظة نقود، بدافع الفقر، إذ أكّد بأن ظروفه الاجتماعية والمادية هي التي دفعته لارتكاب جريمة السرقة، وهي المرّة الاولى التي يرتكب فيها مثل هذا الجرم في حياته، وأفاد بأن وفاة والده وظروف عائلته المادية وحالة الاحتياج التي يعيشها كانت سببا في ما قام به. من جهته ركّز محاميه على ظروفه ونقاوة سوابقه العدلية، وأنها المرّة الاولى التي يقترف فيها جريمة، وطلب من المحكمة ادماج عقاب السرقتين في عقاب واحد لتواتر الواقعتين ووقوعهما في نفس المكان وفي زمن قريب، وطلب على أساس ذلك القضاء في شأنه بأخف عقاب ممكن قانونا وان امكن القضاء في شأنه بحكم مؤجّل التنفيذ، الا أن ممثل النيابة العمومية تمسّك بالمحاكمة طبقا لنصوص الاحالة وفصولها القانونية فقرّرت هيئة الدائرة الجناحية، ختم الترافع في القضية بعد الاستماع الى كافة أطرافها وحجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتعلن مساء نفس اليوم بادانة المتهم وسجنه من أجل ما نسب اليه مدّة ثمانية أشهر.