ليلة رأس العام تحت المراقبة: ''خليك واعي وانت تسوق''    وليد النصيري يفوز بإنتخابات الجامعة التونسية للملاكمة    ماجول يؤكد ان ما تحقق بين تونس والسعودية يظل أقل من الامكانيات، ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي تدعو السعوديين الى الاستثمار في تونس    حوالي 40 بالمائة من المساحة المحترثة مخصصة للزياتين وتونس تساهم عالميا ب30 بالمائة من التمور -المديرة العامة لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية    عاجل/ هذا ما قرره القضاء بخصوص الاعتراض الذي تقدم به أحمد نجيب الشابي..    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    سام الطرابلسي: سنواجه تنزانيا من أجل الفوز و ليس التعادل    مدرب تنزانيا: مستعدون لخوض "حوار كروي قوي" ضد المنتخب التونسي    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    تونس تحتضن اشغال ملتقى قرطاج الثامن عشر للتامين واعادة التامين    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    الأمطار ترجع : شنيا يستنى فينا الأيام القادمة؟    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    عاجل/ الاشتباكات مع "داعش": وزير الداخلية التركي يكشف حصيلة الضحايا في صفوف الشرطة..    وزير الاقتصاد: سياسة الاستثمار في تونس ترتكز على تجسيم حرية الاستثمار وحماية حقوق المستثمر والحرص على تمتين صلابة الاقتصاد الوطني    الأونروا: انهيار 17 مبنى وتضرّر أكثر من 42 ألف خيمة في غزة جراء المنخفض الجوي    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    عاجل:الابن الي قتل والده الطبيب في فرنسا...أخفى الجثة في حديقة المنزل...تفاصيل مرعبّة    حصيلة أبرز الأحداث الرياضية لسنة 2025... الثلاثي الثاني (أفريل – ماي – جوان)    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    عاصفة بالسويد تجيب الموت للسويد: 3 ضحايا    التسجيل مازال مفتوح: دورة فيفري 2026 للتكوين المهني تنتظركم    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    كأس افريقيا للأمم المغرب 2025: المنتخب التونسي يواجه نظيره التنزاني من أجل حسم التأهل إلى الدور ثمن النهائي    عاجل : وفاة صاحب أغنية ''أخواتي'' الشهيرة في سن صغير    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    عاجل/ اليوم.. القضاء ينظر في الاعتراض المقدم من طرف أحمد نجيب الشابي على الحكم الصادر ضده..    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة تونس... منعرج العمل العربي المشترك
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

ما من شك ان الشعوب العربية التي بلغت في مجملها درجة عالية من النضج والتي اصبحت تطمح ان لم تكن تتطلع او تطالب بقدر متزايد من الحرية والديمقراطية وضمان حياة سياسية حقيقية تنشط فيها احزاب المعارضة بكل شفافية وكفاءة ويشعر فيها المواطن بكرامته وهيبته كعنصر فاعل في المجتمع الذي هو وسيلته وغايته في نفس الوقت لتحقيق الرقي والرفاهة وتوزيع عادل للخيرات الطبيعية ولثمار المشاريع التنموية، هذه الشعوب كلها دون استثناء، من المحيط الى الخليج ومن البحر الى النهر، تتطلع هذه الايام لما ستتمخض عنه قمة تونس للقادة العرب هذه القمة التي طالما انتظرناها وانتظرنا منها الكثير والتي تم تأجيلها لزيادة التباحث والتشاور وتعميق التفكير والمزيد من التنسيق بين مختلف البلدان العربية لضبط جدول اعمالها بكل دقة والسعي للخروج منها بمبادرات تاريخية.
وان تونس المعروفة بتفتحها وكونها ارض اللقاءات العربية والحوار النزيه والصريح والبنّاء وبأنها بلد الحرية وحقوق الانسان في مضمونها الشامل، وحقوق المرأة على وجه التحديد كانت تسعى منذ البداية لطرح افكار ومقترحات بنّاءة وجدية وادراجها ضمن جدول اعمال القمة لقناعتها الراسخة وان الوقت قد حان لدخول الحداثة من الباب الكبير ولكي يضع العالم العربي كله بجناحيه الشرقي والغربي قطاره على سكة التقدم ولكي يسير بنسق منسجم ومتقارب فإذا كانت البلدان العربية تتوق الى الوحدة او على الاقل الى قدر عال من تنسيق المواقف وتوحيد البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية فلا مناص من تعديل عقارب ساعتها على نفس التوقيت، توقيت القرن الواحد والعشرين ولا بديل عن اقتناعها وإيمانها انه لم يعد اليوم مجال لتأجيل ادخال الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية لحياتنا السياسية وتحديث مؤسساتنا بما يواكب العصر ويتماشى مع نسق العهد الحديث بعيدا عن فرض اي مناهج او اجندات من الخارج بل لضرورة ذاتية واقتناع طوعي فتسيير الامور في بعض البلدان لم يعد متماشيا مع العصر والوضع العالمي الراهن لم يعد يسمح باتباع سياسة النعامة. كما انه لم يعد هناك مجال بدون برلمانات واحزاب معارضة وبدون دساتير ولا تضمن فيها حقوق الانسان والحريات العامة وابسط حقوق المرأة والرفع من مستواها.
وأصبح من أوكد الضروريات في الوقت الحاضر ان تمنح المرأة العربية في كل البلدان حقوقها كاملة في مجال الاحوال الشخصية والشغل والمشاركة الحقيقية في الحياة العامة واقتحام المؤسسات ومراكز اتخاذ القرار وكذلك الشباب الذي من حقه ان يحصل على الشغل وان يطمئن على مستقبله ومواطن شغله وان يضمن لنفسه الرعاية الصحية والمسكن اللائق والشيوخ اصبح من حقهم الحصول على اوضاع لائقة عند احالتهم على المعاش.
والمواطن العربي بصفة عامة اصبح من حقه العيش الكريم والتمتع بحقوقه الاجتماعية والسياسية والفكرية.
وذلك لا يمكن تحقيقه الا بوضع منهجية واضحة وطموحة لتطوير مؤسسة الجامعة العربية وتنسيق مواقف سائر البلدان العربية ازاء امهات القضايا والتحديات التي يواجهها العالم العربي لبناء اقتصاد قوي ومتكامل وانشاء مصارف لتمويل التنمية وتوحيد مناهج التعليم وتقريب العقليات.
وقمة تونس سعت بكل عزم وجدية وموضوعية لوضع اللبنة الاولى وارساء حجر الاساس على هذا الطريق الصعب والشاق والطويل.. لكن غير المستحيل.
اذ لا ننسى ان منظمة اقليمية صارت اليوم عملاقة وهي الاتحاد الاوروبي هذه المنظمة بدأت في اوائل الستينات بفكرة اقل من ذلك، بدأت بسوق اوروبية مشتركة وانتهت ببرلمان وبمجموعة أوروبية لتستقر على اتحاد اوروبي يضم خمسة وعشرين دولة تتكلم عديد اللغات وتدين بعدة معتقدات وكان بعضها ينتمي الى معكسر شرقي يناصب العداء البلدان الاوروبية الغربية وخرج جلها من حرب عالمية ابادت الملايين وحطمت البنى التحتية والقاعدة الاقتصادية وزرعت التفرقة والاحقاد بين شعوب القارة.
أما نحن فكل شيء مبدئيا يجمع بيننا العقيدة واللغة ووحدة المصير... بقي فقط ان نشعر بحتمية تعاوننا وبضرورة تنسيق مواقفنا وتسخير كل طاقاتنا ومقدراتنا الطبيعية والمادية والبشرية لفرض وجودنا على الساحة العالمية كمجموعة حضارية واقتصادية ومالية وعسكرية فاعلة للدفاع عن مصالحنا وحقوقنا ومصيرنا المشترك وهنا تكمن اهمية قمة تونس التي وضعت اصبعها على المواضيع الحقيقية والحساسة واعطت اشارة الانطلاق للسير نحو الهدف الاستراتيجي الأعلى.
وان حنكة الرئىس زين العابدين بن علي وحكمته السياسية ومثابرته واصراره على انجاح العمل العربي المشترك ونظرته الاستشرافية وحسه الاصلاحي الشامل جعلته يدرج عدة مواضيع حساسة على جدول اعمال القمة وفعلا نجح في اقرار هذه المواضيع البالغة الأهمية فخرجت عن قمة تونس قرارات وفرضيات نخص بالذكر منها:
اولا: التوقيع بالاحرف الاولى من قبل وزراء الخارجية على وثيقة العهد والتضامن التي من شأنها ادخال الديمقراطية للعالم العربي وتطوير مؤسساته السياسية وتفعيل دور المجتمع المدني فيه مع مراعاة خصوصيات كل بلد عربي.
ثانيا: مساندة الشعب الفلسطيني في كفاحه من اجل تحقيق مطالبه العادلة في دولة مستقلة وعاصمتها القدس والمطالبة بتوفير حماية دولية له.
ثالثا: التأكيد على وحدة العراق واستقلاله وضرورة اجلاء القوات الاجنبية عنه وارجاع السيادة الكاملة لأبنائه بأسرع وقت ممكن.
رابعا: الإعراب عن التضامن العربي مع سوريا الشقيقة ازاء العقوبات الامريكية والتأكيد على سيادة دولة الامارات العربية المتحدة على جزرها الثلاثة وتأكيد تضامن الدول العربية مع جمهورية السودان الشقيق والحرص على وحدته والحفاظ على سيادته.
والشيء الذي يسترعى الانتباه على وجه الخصوص هو وثيقة العهد والتضامن التي تضع لبنة هامة على درب تحديث واصلاح الحياة السياسية في الوطن العربي مع اقرار آلية لمتابعة تنفيذ وتطبيق هذه القرارات من قبل سيادة الرئىس زين العابدين بن علي الذي عرف بجديته وحرصه على الاصلاح.
وقد شهدت كل الوفود المشاركة والمراقبون من مختلف البلدان العربية ووسائل الصحافة العالمية على نجاح هذه القمة وانها سوف تكون تاريخية بالقرارات التي تمخضت عنها وخاصة بالحرص على متابعة تنفيذها وتطبيقها مما يقطع مع الماضي ويعيد الثقة للمواطنين العرب في نجاعة مؤسستهم المشتركة وفي جدوى قممهم... خاصة ان قمة تونس لم تكتف كما هو في السابق بالتنديد والمساندة وبإصدار قرارات تبقى بدون تنفيذ بل حرصت على التنفيذ وضمان التطبيق منذ اليوم الاول لصدور هذه القرارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.