مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل سينجح العرب في فرض مبادرتهم كأرضية صالحة للمفاوضات ؟
بعد قمة الرياض:
نشر في الشعب يوم 14 - 04 - 2007

أكثر من سؤال طرح قبل القمة العربية التاسعة عشرة بالرياض وأكثر من سؤال طرح بعدها ورغم ما آلت اليه من قرارات من شأنها توحيد الصفوف العربية وجدية العمل العربي المشترك إلا أن الاستفهام بقي قائم الذات حول فعاليات هذه القمة فهل ستكون المبادرة العربية للسلام قادرة على وضع النقاط على الحروف وهل ستكون قادرة على قلب ميزان القوى واخراجنا من نفق ضيق كسته الحروب والاحتلال غير الشرعي وخصوصا هل سينجح العرب في فرض ارضية صالحة للمفاوضات خاصة في ظل رفض اسرائيل وتحفظات أمريكية واروبية.؟ لقد أثارت القمة عديد الأسئلة وخاصة هل ستكون لقراراتها تداعيات ايجابية على الوضع العربي العام وهل ستكون لها نتائج ملموسة بالنسبة للملفات الثلاثة العراق وفلسطين ولبنان؟
هذه الأسئلة طرحناها على ثلة من الدبلوماسيين العرب الذين سلّطوا الضوء على خلفيات هذا الحدث الهام، وحاولوا أن يستشرفوا أبعاده وتداعياته .
تبقى قدرة العرب على جرّ الخصم الى المفاوضات
يقول الاستاذ احمد ونيس، السفير التونسي السابق واستاذ العلاقات الدولية: نتائج القمة ناجحة على مستويين اثنين ولا تزال محل تساؤل وضعف من جانب ثالث.
التخوفات الشديدة التي عمّت الرأي العام العربي الواسع وكذلك الأوساط السياسية في جميع العواصم كالتخوفات من التأثيرات الصادرة عن الرئاسة الأمريكية وعن أهم العواصم الأوروبية في مراجعة خطة السلام ، فإن ثبات القمة في التأكيد على خطة السلام العربية دون تغيير هو الفوز الأول.
ان مخطط السلام 2002 ببيروت حيّر العدو لأنه هو الحل الصحيح والقانوني والاخلاقي والمنطقي انطلق من أفكار الامير عبد الله ابن عبد العزيز آنذاك فإن القمة في بيروت تناولتها في شتى أبعادها وأصبحت مخطط سلام عربي حيث تم تناوله بالاجماع واعطاؤه الطابع القانوني والسياسي والاستراتيجي .
كلنا ضيّعنا التاريخ منذ 2002، فالتاريخ الصحيح يتمحور حول هذا المحور، ومنذ ذاك الوقت وقعت حروب وطلاسم وانتهاج الحلول المخطئة والمشوّشة والهروب من الخط البناء والسعي إلى كسر اللحمة العربية.
فما بين مارس 2002 ومارس 2007 عايشنا ثلاثة حروب وهي حرب العراق، حرب لبنان والحرب على الجبهة الايرانية والسورية فهذه الحروب جمعت الاحلاف الأمريكية والأوروبية وغيرها عسكريا ودبلوماسيا وقانونيا لأجل هدّ الصف العربي والحدّ من القدرة التفاوضية العربية وتجويع الشعوب كفلسطين والعراق واهانة الحكومات القائمة في الشرق الأوسط. إلا أن قدرة الشعوب على الصمود وقدرة الحكومات على التكيّف والتصدي لهذه المساعي . أضف الى ذلك بروز سلاح جديد وهو سلاح المقاومة الميدانية الذي تأكدت نجاعته في العدوان على لبنان وأكثر فأكثر في الساحة العراقية ، فانهزمت امامه المخططات العسكرية الغربية جميعها. ونجحت التراكمات العربية ما بين العتاد المنهجي وخطّة السلام والصمود والنفس الطويل في مقاومة الاحتلال.
سلاح المقاومة الحربية في العدوان على لبنان واحتلال العراق أضافت له القمة العربية قوّة القيادات العربية على اثبات موقعها مهما سعت الاطراف الغربية الى بثّ التجزئة والتقسيم والتصنيف بين المعتدلين والمتشددين، حيث اصبح المتفاوض العربي له منهج سياسي ذكي تجاوز السطحية فكان المخطط مدعوما بالقدرة على الصمود وتكسير السلاح المادي . وأصبح لنا بعد القمة منهج مدعم بقدرتنا على التغلب على ميزان القوة العسكرية وأثبتنا للعدو أنه يستطيع الهدم ولكنه لن يستطيع زعزعة الروابط والثوابت العربية وهذا هو النجاح الأول.
أما النجاح الثاني في القمة فهو أن الأولويات الاقليمية المنزلة على القمة العربية هي التي كانت محل القرار فلم يتوزع العرب ولم تشتتوا بل وحّدووا كلمتهم على أهم القضايا لأنها جوهر الموضوع وهي الأولويات الرئيسية وتم الاتفاق حول خطّة العمل الجماعية وانهاء الاحتلال على جميع الأراضي المحتلة من طرف اسرائيل وغيرها وهذا ما جاء على لسان الملك عبد الله ابن عبد العزيز وهو أن العراق خاضع لاحتلال غير شرعي ولا بدّ من جلاء جميع قوات الاحتلال من المغرب والمشرق العربي. في قمة مارس 2007 وقع تصنيف القضايا الجوهرية بين القيادات العربية ولم يعد هناك تذبذب أو تشويش داخل الصف العربي أي ما بين المعتدلين والمتشددين، بين انصار اللّين والتفهم وانصار التشدد والتزمّت والمقاومة الدموية . هكذا انمحت كل الحواجز بينهم وأصبحوا صوتا واحدا مادامت القضية واحدة.
ولكن علينا ان نفتح القوس لنقول أننا منذ قمة ماي 2004 والتي انعقدت في تونس فآمالنا منذ ذلك الوقت تتعلق بالاصلاح السياسي والشروع في تعديلات ديمقراطية وحرية التعبير والصحافة واصلاح منزلة المرأة واصلاح التعليم فكل هذه الغايات في بيان تونس ماي 2004 وأصبحنا في جميع أنحاء الوطن العربي نأمل في تحقيق هذه الوعود التي تفجرت في هذه القمة ووقع الاتفاق عليها وتأكدت من جديد في السنة الموالية في قمة الجزائر ثم تبخرت ولم تتحقق ميدانيا لا في المغرب ولا في المشرق ولا في أي مكان رغم أنها بقيت طلبا ملحا حضاريا عميقا في صميم قلوبنا ، الا انه وبالنسبة للظرف الحالي في هذه القمة 19 بالرياض فإنّ الأجندا العربية الاستراتيجية فضلت أن تتجه الى قضية المواجهة التاريخية الملحة بين الساحة العربية والعدو حيث أنها صدقت في هذا الاختيار ، هذا البند الأول أما البند الثاني فأولويات الأجندا العربية ليس معناه انه ليست هناك قضايا غير التي اجتمعت عليها قمة الرياض لانه يبقى الاصلاح الديمقراطي أمرا هاما بالنسبة للشعوب وبالنسبة لمواعيد أخرى موالية.أما الجانب الثالث فإن هذه القمة مازالت فيه ضعيفة، فبالنسبة للطرف العربي لا يكفي أن يكون له مخطط صحيح وثابت للسلام وللمستقبل، لا يكفي أن يكون له اجماع معمق أمام مساعي العدو، بل يجب كذلك أن تكون له القدرة على جرّ الخصم الى الجلوس الى مائدة المفاوضات وعلى تناول جداول المفاوضة الواحدة بعد الاخرى حتى نغيّر واقع الساحة العربية الآن وليس بعد 10 أو 20 سنة . هذه القدرة على جرّ الخصم الى الجلوس حول المائدة والقبول بفتح الملفات والتجاوب مع التفاوض العربي لا تزال مفقودة.
فماذا كان يجب علينا أن نقوم به حتى نرتقي الى جلب الخصم هنا كان يجب علينا أن ندرك الاخفاقات المتعددة للعدو في الجبهة السياسية والقانونية والعسكرية.
يعاني الخصم اليوم في 2007 الاخفاق السياسي : فالادارة الأمريكية فقدت حلفاءها الواحد تلو الآخر في اروبا وفقدت الأغلبية في الشعب الأمريكي، وفقدت الأغلبية في غرفتي البرلمان الأمريكي كما فقدت السلطة الأدبية في الساحات الدولية لأنها في جميع العواصم العربية أصبحت منعوتة بقوة الاحتلال وليست قوة تحرير وتنوير وتقدم وارتقاء وتنمية مثل ما تدّعي ولم تعد قادرة على التعبير كونها نزلت الى العراق لاجل العراق انما هي اصبحت تدافع عن ذاتها. والاخفاق السياسي الآخر كون حلفاء الولايات المتحدة الامريكية أضعف ما يكون بما فيهم الحكومة الاسرائيلية في الداخل والخارج واخفاق آخر يتمثل في الحليف طوني بلير الذي هو في كسوف شمسه (يهز ساق تغرق الاخرى) كلما توجّه الى واجهة عربية يصاب بلكمة وآخرها في الخليج مع ايران.
اضف الى ذلك اخفاق الخصم استراتيجيا فلم يعد له من عناصر القوة غير استعمال السلاح والتهديد وفرض العقوبات وهذا العنصر لم يعد له أي تأثير على القمة العربية في تحديد موقفها في مارس 2007 بعد استظهار سياسة العدوان وتشديد الحرب على أبعد من فلسطين والعراق والى ايران وأفغانستان وغيرها ومن الاخفاقات التي يعيشها العدو كالاخفاق القانوني فالموقف القانوني لا غبار عليه فهو مدعم بقرارات مجلس الأمن و بأحكام محكمة العدل الدولية في لاهاي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ولا سبيل الى التشكيك في صحة المرجعية العربية دعما لمخطط السلام. ففي هذه الصورة وبالرغم من تدهور الحالة السياسية داخل العواصم الغربية إلا أن القيادة العربية لم تهتد بعد الى استغلال الظروف الاقليمية التي تضيف الفارق الحاسم لقلب الميزان.
هذه الظروف الاقليمية هي توريط الجيوش الأمريكية في العراق دون الامل لا في الانتصار ولا في النجاة إلا بمساعدة عربية، كذلك توريط الخصم في ايران ولبنان وفي مذهب عدم انتشار السلاح النووي.
فموقف القمة العربية من هذه القضايا كان يجب ان يوحّد لا بين الاطراف العربية فقط ولكن الى ما أبعد من ذلك بين الأطراف الاقليمية الواسعة بما يشمل ايران وتركيا وقوس الدول المهددة في نفس المحيط .
لا يكفي أن يكون الموقف عربيا بل يجب أن يرتقي الى تحديد مفهوم اقليمي للسلام الشامل والكامل والمبني على جلاء جميع القوات الأجنبية عن الاراضي المحتلة مهما كانت وعن الخليج وعن العراق وافغانستان مع تحديد موقع زمني واقعي.
فالمفقود في نتائج القمة العربية هو هذا المفهوم الشامل والمركز للسلام الاقليمي. فهذا التصور يستوجب كذلك بناء مؤسسات اقليمية تسهر على الحدّ من التسلح في كامل المنطقة والسهر على عدم انتشار السلاح النووي وكذلك أسلحة الدمار الشامل الاخرى. فهذا المخطط قادر على تحقيق الأمن والسلام والتعاون الموضوعي والاستراتيجي المتناسب مع المعاهدات الدولية القائمة ومع قرارات مجلس الأمن دون تمييز فدور دول المنطقة يرتقي بفضل هذا التصور المتكامل الى وظيفة الفاعل السياسي والاسترتيجي اقليميا وعالميا بكامل المسؤولية والالتزام.
إننا أمة لا تستكين للظلم والحصار وترفض المساومة على الحقوق
أما السيد فيصل علّوني سفير الجمهورية العربية السورية بتونس فيرى إن الأجواء التي سادت القمة ودّية وممتازة ومن أفضل الأجواء العربية خلال السنة الماضية.
لقد كانت قمة الرياض بحق قمة استعادة الأمل من أجل انطلاقة جادة لعمل عربي مشترك يمهد الطريق لتفعيل التضامن العربي الذي تنشده جماهير الأمة وتتطلع اليه لمواجهة التحديات الخطيرة التي تتعرض لها.
..إن القرارات التي اتخذتها القمة تعكس تصميم الجميع للسير قدما لتلبية تطلعات الأمة العربيةوحشد كل الامكانيات لخدمة الشعب العربي وتجاوز حالة الوهن التي نمر بها من أجل تحصين أمننا القومي والدفاع المشترك عن مصالحنا ومستقبل أجيالنا.
.. إن الاصرار الواضح على التمسك بالحقوق وعدم التفريط بها والتأكيد على أن الحلول تأتي من داخل منطقتنا أهم ما يميّز هذه القمة على الاطلاق وهو ما كان ينتظره كل مواطن على امتداد الساحة العربية.
.. لقد ارسلت القمة رسالة قوية الى بعض القوى الطامعة بأرضنا وثرواتنا والتي تصوّرت أنها قادرة على تجاوزنا والتحكم بمصيرنا وفرض ارادتها علينا، إننا أمة لا تستكين للظلم والحصار وترفض المساومة على الحقوق.
وأختم بما قاله سيادة الرئيس يشار الأسد في الجلسة الختامية للقمة العربية.
«إننا نسجّل لهذه القمة أنها وضعت العمل العربي المشترك على المسار الصحيح ، وهذا من دون مبالغات أو مجاملات .. وبمقدار التزامنا جميعا بالمصداقية والعمل المخلص، فاننا سنكون قادرين على تنفيذ ما اعتمدناه من قرارت وبالتالي دفع العمل العربي المشترك قدما الى الأمام».
لا بد من وضع استراتيجية واضحة للأمن والسلم
من جهته يقول السيد سلمان الهرفي سفير فلسطين بتونس: مما لا شك فيه أن القمة العربية انعقدت في ظروف صعبة للغاية وعالجت فضايا أيضا صعبة للغاية سواء على صعيد القضية الفلسطينية والعدوان الاسرائيلي المستمر ضد الأمة العربية، وكذلك الوضع في العراق ولبنان والصومال والسودان والوضع الاقتصادي لمنطقتنا العربية والأهم من هذا وذاك هو الأمن والسلم في وطننا.
كلنا ثقة بادراك ووعي الجميع لاهمية هذه المواضيع ومعالجتها والخروج بتوافق لما فيه خير الأمة وشعوبها ودولها. وقد عبّر عن ذلك بشكل جلي خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ابن عبد العزيز حيث وضع النقاط على الحروف في سبل وطرق معالجة القضايا المشار اليها أعلاه كضرورة المصارحة والمصالحة والوحدة في مؤسسة القمة وعلى كافة المستويات الرسمية كما أشارت الى مزيد من تفعيل الدور العربي على الصعيد الدولي والاخذ بزمام الامور وقيادة الدفّة بشكل أنجح وأفضل من الماضي. فالنار تشتعل في كل أرجاء الوطن العربي وتهدد الجميع، فلا بدّ من اطفاء هذه الحرائق والتفكير جيدا ومليّا في اعادة بناء البيت العربي على أسس سليمة تأخذ بعين الاعتبار مصالح ومكتسبات شعوبنا العربية. فلا بدّ من تفعيل جدّي للمبادرة العربية على صعيد القضية الفلسطنية يؤمن اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ضمن حدود 4 جوان 1967 ووفق قرارات الامم المتحدة وحل قضية اللاجئين حلاّ عادلا وفقا لقرار الامم المتحدة رقم 194 كما أنه لا بدّ من وقفة جادة وصادقة لوقف نزيف الحرب الاهلية في العراق وتقسيمه وهذا لا يمكن أن يتم إلا بانسحاب قوات الاحتلال ووضع حدّ للفكر الطائفي التقسيمي. كما أنه لا بدّ من احترام ارادة الشعب اللبناني في تقرير مصيره بنفسه دون تدخل خارجي . أما على صعيد القضايا الاخرى لا بدّ من تفعيل الدور العربي لمساعدة أشقائنا في الصومال والسودان على حلّ مشاكلهم، ولا بدّ من وضع استراتيجية واضحة وصريحة للأمن والسلم في العالم العربي وهو الأمر الذي تطرقت اليه جامعة الدول العربية بإنشاء مجلس الأمن والسلم العربي وتفعيل مؤسسات جامعة الدول العربية بالاضافة الى سياسة تنمية شاملة على كافة الأصعدة ومساعدة الدول والشعوب على التنمية.
فمن هنا نحن تفاءلنا بانعقاد هذه القمة ونأمل من الله ان تتكلل بالنجاح وأن تطبّق قراراتها في ظروف أفضل من الظروف القائمة الآن. أما على صعيد القضية الفلسطينية فنحن نأمل من أشقائنا السعي الى رفع الحصار الظالم عن شعبنا ودعم حكومة الوحدة الوطنية لانجاز برنامجها الهادف الى التحرّر والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا عبر موقف عربي حازم يفرض نفسه على المؤسسات الدولية وتفعيل قرارات القمة العربية السابقة.
قمة الأمل
ومن جهته يرى السيد عبد الوهاب الصاوي سفير جمهورية السودان بتونس أن القمة العربية التاسعة عشرة حققت بالرياض نجاحات هامة بتأكيد انتظام القمة الراتبة وبالحضور الكبير والمميّز وحلول التعامل الراقي ووحدة الهدف محل الخلافات والملاسنات. ومن حيث المضمون أثبتت القمة جدّية العرب في التوجه نحو السلام على مبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية بدون تعديل وردت الكرة الى ملعب إسرائيل كدولة معتدية محتلة وللمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه تعنّتها وفك الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني ودعم حكومة الوحدة الوطنية وضرورة إحترام الخيار الديمقراطي الذي يتشدق البعض في الغرب به بينما يرفضه لدى الآخرين. فإن كان الغرب يدعو الى قوات دولية بدارفور ، لماذا يرفضون قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني ؟. وكانت التدخلات الإيجابية مشحونة بالنظرة الناقدة للأوضاع الراهنة برفض حالة التمزّق والدعوة الى رفض الاحتلال غير الشرعي للعراق ونبذ الفرقة الطائفية التي يستحثها المحتل ودعت القمة لوحدة العراق ورفض دعاوي تقسيمه وضرورة عقد مؤتمر الوفاق، وقد عمل السودان على تحقيق هذه الغاية إبان رئاسته وسلم الأمر للرئاسة الحالية متمنين هدوء الأوضاع والخواطر لعقد المؤتمر وإستلام الاخوة العراقيين أمرهم بأيديهم وخروج المحتلين في أقرب الآجال. ودعمت مسيرة الوفاق البناني. وبنفس جدية التعامل مع الملفات السياسية أفسحت القمة المساحة المستحقة للقضايا الاقتصادية وتقرر تخصيص قمة لبلورة برامج وآليات لتفعيل الاستراتيجيات التنموية الشاملة وربط العرب بمصالحهم وتبادل منافعهم الضخمة التي هي أساس في أمن الأمة الشامل . وكان الوضع في القرن الافريقي ضمن إهتمامات القمة التي دعت لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية في أفريل الجاري . والأوضاع في الصومال الشقيق أصبحت أسوأ مما كانت عليه حيث يروح الابرياء من نساء وأطفال في معارك ضارية. والصومال جزء من الأمة العربية وتتأثر الدول العربية وأمنها القومي بما يجري فيه. وقد آن الأوان لوقف التدخل الأجنبي وتحقيق المصالحة الشاملة بين القبائل والفصائل فيه بما يضمن أمن وإستقرار المنطقة.
أما بالنسبة للسودان فقد كانت رئاسته للقمة السابقة والفترة التي تلتها محل إشادة الرؤساء العرب لما تحلت به من نشاطات في متابعة المقرارات وتخفيف حدة النزاعات في لبنان وفلسطين. وكان لإهتمام القمة بفضّ النزاع في دارفور أثره الطيب في نفوس السوادانيين قيادة وشعبا خاصة وأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله قد ترأس بنفسه قمة الثمانية التي ضمّت السودان والرؤساء الحاليين للمنظمات الاقليمية والأمناء العامين للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والمؤتمر الاسلامي ومنسق الاتحاد الأوروبي برز خلالها إتجاه لوقف الضغوط والتلويح بالعقوبات على الخرطوم وتكاتف الجهد الدولي مع الاتحاد الافريقي لإيقاف العنف في الاقليم وحثّ الفصائل غير الموقعة لإتفاق أبوجا للحاق بركب السلام. وتأكد للأمم المتحدة رغبة حكومة السودان المخلصة في التعاون بالاتفاق الذي وقع مؤخرا بشأن تسيير الإغاثة الإنسانية والتعامل بمرونة في مسألة الحزم بدعم من الأمم المتحدة للاتحاد الافريقي في مراحلها الثلاث دون التدخل في دعاوى إرسال قوات دولية تنتقص من دول الاتحاد الافريقي وتفرض الوصاية على السودان. ودعت القمة الدول وصناديق التمويل العربية للمشاركة بفعالية في التنمية والاستثمار بجنوب السودان تحفيزا للوحدة الجاذبة وبقاء السودان البوابة الجنوبية للأمة العربية وقلب افريقيا موحدا ومستقرا.
إنها فعلا قمّة الأمل كما وصفها الرئيس الأسد الذي يمكن أن يتحول الى حقيقة بتفعيل آليات المتابعة والعمل الجاد في توحيد الرؤى وتجاوز الصغائر لتحرير الأرض وتحقيق التنمية الشاملة للإنسان العربي وثقافاته وثرواته بإذن الله.
نجاح القمة في ردود الفعل الدولية حول المخطط
أما السيد نجيب الزروالي وارثي سفير المملكة المغربية بتونس فانه يقول:أظن ان القمة العربية في دورتها الاخيرة تميزت عن سابقاتها بنوع من جدّية القرار وكان الاجتماع تقريري أكثر منه تشاوري حيث تناولت أهم الملفات ، وكل التوصيات الأخيرة لهذه القمة تنم عن الاحساس بضرورة توحيد الصف العربي ككل ومعالجة كل الاشكاليات كمشكل فلسطين والعراق ولبنان ودارفور هذا زيادة على عدد من المشاكل والنزاعات الثنائية.
ان التوقيت لانعقاد القمة كان ملائما ورأينا اليوم هو الاهتمام بالملف الفلسطيني وعودة اللاجئين والعودة الى خطّة السلام التي تقررت في قمة بيروت 2002 وتم تناول هذا الموقف باجماع ، وليس أدل على نجاح ذلك من ردود الفعل الدولية حول هذا المخطط . وقد لمسنا التدرج واللين في السياسة الاسرائيليةبعد فعاليات القمة، حيث أعلن اولمرت عن استعداده لاستقبال الرؤساء العرب للتفاوض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.