حكايات تونسية ...«الماء إلّي ماشي للسدرة.. الزيتونة أولى بيه»    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    أخبار الحكومة    المنستير: دعوة إلى إحداث شبكة وطنية للإعلام الجهوي خلال ندوة علمية بمناسبة الذكرى 48 لتأسيس إذاعة المنستير    بلدية سوسة تُحذّر: لا استغلال للرصيف أو مآوي السيارات دون ترخيص    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    أبو عبيدة.. مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء لأسرى العدو ولكن بشرط    مصادر طبية فلسطينية: قرابة 100 شهيد إثر الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ فجر الأحد    هيئة شؤون الحرمين تدعو زوار المسجد الحرام لارتداء لباس محتشم يليق بالمكان المقدّس    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    وفاة كهل غرقا بشواطئ بنزرت    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    النجم الساحلي يكشف تعاقده رسميا مع ماهر بالصغير والسنغالي الحسن دياو    باجة: تجميع ربع الانتاج الوطنى من الحبوب وموسم الحصاد يقترب من نهايته    المنستير: الإعداد لإحداث ماجستير مهني في مجال الإضاءة المستدامة والذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بالمنستير    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    الملك تشارلز يعرض مروحية الملكة إليزابيث للبيع    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    درجات حرارة تفوق المعدلات    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس عارضت فرنسا وأمريكا وبريطانيا العظمى في سبيل استقلال الدول الافريقية
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

وذكّر السيد محمود المستيري بأنه كلما حدثت مشكلة في احدى الدول الافريقية أو كلّما تمّ تدارس أمر له صلة بالقارة السمراء الا ودُعيت تونس للحضور للإدلاء برأيها أولا ثم المساهمة بما أمكنها من دعم سياسي أو عسكري أو لوجستي.
وقال المستيري: «كان بوريبة حريصا على ارسال التعليمات التي كانت تصبّ جميعا في دعم استقلال الشعوب الافريقية وغيرها...»
ومما يذكره المستيري أن الأمريكيين قد اشتكوه الى بوريبة عندما قدّم تقريرا عما يتعرّض له السكان في بورتوريكو من هيمنة استعمارية أمريكية يقول: تحوّلت الى هذا البلد ممثّلا عن لجنة ال التابعة للأمم المتحدة وأعددت تقريرا يدين الأمريكيين مثلما تحدّثت في الصحافة عما رأيته هناك فغضب الأمريكان وعبّروا عن غضبهم للزعيم بوريبة الذي اكتفى بالقول: «الذي قاله المستيري هو الصحيح...»
فبوريبة لم يكن يساوم بتاتا في قضايا الاستقلال والتحرّر وكان يعتبر أن استقلال أي بلد افريقي أو غيره هو دعامة للاستقلال التونسي وسند له.
حضور قوي في الأمم المتحدة
وأبرز السيد محمود المستيري ما أنجزته الديبلوماسية التونسية من تدعيم للحضور الافريقي في المنتظم الأممي، يقول: «في نوفمبر وفي نفس اليوم انضمّت كل من تونس والسودان والمغرب الى الأمم المتحدة ولم يكن الى حدود ذلك التاريخ أي وجود فعلي لافريقيا في المنتظم الأممي بل كانت هناك المجموعة الآسيوية الافريقية التي تجتمع كل شهرين للنظر في القضايا التي تهم المنطقة...».
وأضاف: «كنا دول افريقية فقط وكانت الدول الأسيوية أكثر عددا لذلك عقدنا اجتماعا وزاريا وشكّلنا أمانة عامة افريقية في الأمم المتحدة متوّنة من ممثلي تونس (المتحدث) ومصر (عبد الحميد الشافعي) وغانا، للتنسيق بعيدا عن المجموعة الأسيوية وبدأ العمل لإبراز وجود افريقيا». وقال المستيري إن البداية الفعلية كانت في الدورة للجمعية العامة التي طرحت القضية الجزائرية ثم بعدها تمّ طرح أول مشروع قرار افريقي طالبنا فيه دول العالم باعتماد مبدإ الانتخاب العام الحر لتقرير مصير المستعمرات وخاصة الواقعة تحت الوصاية.
وقال: «بالرغم من أننا هزمنا إذ لم نتحصّل على أغلبية لمشروع قرارنا الا أننا أبرزنا الشخصية الافريقية عبر مجموعة دول متناسقة ومتقاربة في الاعتبارات والتوجهات السياسية: «لقد وحّد الاستعمار والشعور بإهانته وقسوته الأفارقة وجمعهم الى مصير واحد...»
ويضيف المستيري: «ظل التنسيق قائما بين الأمانة العامة للمنظمة والمجموعة الافريقية بنيويورك ولجنة ال (التي ترأسها المتحدّث لفترة طويلة) واللجنة الخاصة بالميز العنصري واللجنة الافريقية للعقوبات لإجراء الاتصالات وإعداد المواقف...»
علامة فارقة
وأشاد السيد محمود المستيري بالشخصية الفذّة للديبلوماسي المنجي سليم وقال: «المنجي سليم شخص لا مثيل له ساهم في تلميع صورة تونس الخارجية وكان يُحظى بمنزلة راقية جدا... كان حكيما وفي غاية الإتزان.. وكان محلّ إعجاب وتقدير من الجميع...» ويُضيف: «كان صامتا وسكوتا في أغلب الأحيان وكان أكبر همّه هو خدمة تونس والدفاع عن مواقفها، وكان لا يتوانى في الدفاع عن بوريبة بالرغم مما كان ربّما يجري ضدّه في الخفاء...»
ومما ذكره المستيري عن المنجي سليم موقفه الرافض لاقتراح فرنسا منح الطوغو الاستقلال الداخلي ومطالبته بمنحها الاستقلال التام. يقول: «كنا من ضمن المجموعة المسماة أصدقاء فرنسا التي تضمّ الى جانبنا أمريكا ويوغسلافيا وجاءنا «قاستون دي فيري» وزير فرنسا ما وراء البحار وقال «أنتم قبلتم الاستقلال الداخلي فلماذا ترفضونه للطوغو؟ فخاطبناه أنا والمنجي سليم: «نحن على ارتباط بالمجموعة الافريقية ولا يمكن أن نقبل ما هم يرفضونه...»
وأكد السيد صلاح الدين عبد الله الرأي ذاته قائلا: «عبّر المنجي سليم عن استعداد تونس لتبنّي ملف انضمام غينيا أمام مجلس الأمن بمساندة فرنسا أو دونه، وفي ردّه على إدّعاء الوفد الفرنسي أنه على الأمم المتحدة انتظار اتخاذ قرار في الموضوع الى حين عقد اتفاقات بشأن تحويل السلطات الى الحكومة الغينية ذكّر سليم أن انضمام تونس الى المنتظم الأممي تمّ قبل التوقيع على نصوص من ذلك القبيل مقلّلا بذك من صدقيّة الموقف الفرنسي الذي كان يؤكد على اختلاف الوضع بين غينيا وبين تونس والمغرب...»
وأضاف السيد عبد الله: «تقول المصادر الموثوقة إن ديالوتلي مندوب غينيا لدى المنتظم الأممي عرض الخطاب الذي كان يزمع القاءه أمام الجمعية العامة على السفير المنجي سليم للاستئناس بملاحظاته وهو الذي كان حائزا على احترام الجميع بالنظر الى خصاله الشخصية والسياسية اضافة الى ما كان يحمله لافريقيا والأفارقة من عطف لا حدود له».
وذكّر عبد الله بما كان يردّده المرحوم المنجي سليم مازحا من أن لونه أبيض وقلبه أسود، مستحضرا ما ذكره له المرحوم من أن تونس قد رفضت اغراءات كبيرة قامت بها جنوب افريقيا لشق الصف الافريقي عبر تعطيل قرارات المقاطعة المتخذة في قمة أديس أبيبا، وأن رفض الصفقة كان قطعيا وعن موقف مبدئي.
وفي ردّهما (المستيري وعبد الله) عن أسئلة ملحّة حول حقيقة أن تكون غيرة بوريبة قد وقفت حائلا أمام احراز المنجي سليم منصب الأمين العام للأمم المتحدة أكّدا أن المنجي سليم كان مرشّحا بارزا لمنصب الأمانة العامة ولم يخفيا اعتقادهما بوجود خفايا فعلية وشخصية وقفت أمامه على الرغم من أنه لم يكن يرغب بتاتا في الحديث عن مثل هذه المواضيع، وذكّر صلاح الدين عبد الله أن المنجي سليم قد تلقّى توبيخا مباشرا وعلنيّا من بوريبة سنة عقب اجتماعات «أكرا» التي أقرّت قطع العلاقات مع بريطانيا العظمى على خلفيّة قضية روديسيا وهو القرار الذي وافق عليه المنجي سليم دون تحفّظ وأغضب بوريبة...»
وأكد عبد الله أن الأمين العام همرشولد كان يستشير المنجي سليم خاصة في قضية الكونغو التي لم يكن يتّخد في شأنها أي قرار سياسي أو عسكري قبل الرجوع اليه».
وأضاف: «إن موقف بوريبة من المنجي سليم وتوبيخه له يعود الى أسباب أخرى غير قضية روديسيا».
فهل دفعت الغيرة بوريبة الى الوقوف في طريق تعيين المنجي سليم أمينا عاما للمنتظم الأممي؟
«المحراث الكبير»
من جهة أخري أبرز السيد صلاح الدين عبد الله في بداية مداخلته أهمية اندلاع الثورة التونسية سنة بعد أن تراجعت فرنسا عن وعودها بإنجاز الاستقلال الداخلي وقال: «كانت تونس أول من قارع الاستعمار بالسلاح وجلب ذلك أنظار الأفارقة ممّن يرزحون تحت الحكم الفرنسي وغيره..»
وأضاف: «صحيح أن الأوضاع كانت تختلف عما كانت عليه في تونس أو المغرب لكن النخبة جنوب الصحراء كانت حساسة لما يجري في شمالها وأن رياح الحرية بدأت تهب هنا وهناك في وقت كانت فيه الحرب الجزائرية على أشدّها تستنزف الطاقات الفرنسية».
ويواصل عبد الله: «على إثر الاعتداء على ساقية سيدي يوسف كانت قيادة الجيش الفرنسي في الجزائر تعدّ العدة لاجتياح التراب التونسي في عملية معروفة باسم «المحراث الكبير» حتي توقف المدد الذي كانت تقدّمه تونس الى الثورة الجزائرية وتقطع ما توفّر للثوار من منطلق وملاذ وتسمح به من مرور العتاد الى قواعد جيش التحرير..». وأضاف: «بالرغم من هشاشة الاستقلال والأخطار المحدقة بحرمة التراب الوطني لم تتوان تونس عن القيام بواجبها تجاه أشقائها في الجزائر».
واعتبر السيد عبد لله أن نجاح تونس في إقحام العامل الأمريكي والبريطاني في علاقتها مع فرنسا وما كان لذلك من تأثير على الساحة الافيرقية السبب الذي دفع الجنرال ديغول الى اقتراح انشاء المجموعة الفرنسية (La communauté française) كإطار يضمّ كافة المستعمرات ويسمح بتحريرها من الحكم المباشر دون أن يصل ذلك الى حدّ الاستقلال.
بورقيبة ونكروما
ذكّر السيد عبد ا& أن بورقيبة والزعيم الغاني نكروما يقفان خلف الدعوة الى عقد اول مؤتمر للبلدات الافريقية المستقلة الثمانية. وكان ذلك على هامش الاحتفالات الكبرى التي أقامها نكروما بمناسبة استقلال بلاده سنة 1957 والتي حضرها عدد من الشخصيات العالمية وكان الرئيس بورقيبة أول من وصل من المدعوين الى أكرا، وأضاف عبد ا& «انعقدت القمة في افريل 1958 ووضعت مبادئ مشتركة من أجل تنسيق نضالات الشعوب الافريقية بما يسمح عند اندحار القوى الاستعمارية بتحقيق وحدة القارة، هذه الوحدة التي مثلت الهاجس الاكبر للرئيس الغاني طيلة حياته السياسية».
وللتذكير فإن نكروما قد زار تونس سنة 1958 ودعا الى عقد ندوة لكافة الشعوب الافريقية في ديسمبر من نفس السنة حضرها الزعماء كاوندا من روديسيا الشمالية وجوليوس نيوري من تنقانيكا وجوشوانكومو من روديسيا الجنوبية ولمومبا من الكنغو وطم بويا من كينيا وبحضور تونس، يقول السيد عبد ا&: «أذكُر ان عددا من هذه القيادات التي كانت مستقرة في أوروبا تتردّد علينا في السفارة التونسية في لندن للاجتماع بالسفير وتلقي المساعدات منه من أموال وتذاكر سفر وغير ذلك... فقد كانت العاصمة البريطانية القناة التي تمرّ منها المساهمات التونسية الحزبية منها والحكومية الى حركات التحرير الافريقية».
وأكّد السيد عبد ا& أن تونس منحت أغلب هذه القيادات جوازات سفر ديبلوماسية، وتدخّل السيد محمود المستيري ليقول أن احد هؤلاء قد أجهش بالبكاء عندما سلّم جواز سفر تونسي.
وعاد السيد عبد ا& ليؤكد ان الديبلوماسية التونسية كانت في قمّة الصدق مع القيادات الافريقية وكانت تدعمهم دون حسابات او اعتبارات من ذلك أنها قد تبنت في شخص الزعيم المنجي سليم مطالب انضمام بلدان غرب ووسط افريقيا عقب استقلالها سنة 1960 (الكامرون / افريقيا الوسطى / مدغشقر / مالي / النيجر / الطوغو / فولتا العليا) الى جانب الموقف المبدئي الذي اتخذته في مسألة موريطانيا وهو الموقف الذي عكس الطموحات المغربية في ضمّ هذا البلد وكانت نظرية تونس أن المهم هو عدم تعطيل خروج المستعمر من موريطانيا ثمّ الوحدة مع المغرب ان كان ذلك استجابة لارادة الشعبين.
استقبال الفاتحين
يرى الديبلوماسي صلاح الدين عبد ا& ان افريقيا عرفت خلافين هامين طيلة المدة الفاصلة بين 1958 و1963 تاريخ قيام منظمة الوحدة الافريقية، الاول حول آنية الوحدة والثاني مذهبي مطبوع بالانحياز الى احد المعسكرين الشرقي او الغربي، وقد انضمت تونس الى مجموعة منروفيا (نيجيريا السينغال ليبيريا) التي ترى أن الوحدة هدف يتحقق عبر اتفاقات تتشابك بفضلها المصالح بين الدول وهو عكس ما ذهبت اليه مجموعة الدار البيضاء (الجمهورية العربية المتحدة غينيا مالي غانا المغرب الحكومة الجزائرية المؤقتة) التي أيّدت توجّهات نكروما بشأن الوحدة الافريقية من برلمان موحّد وسوق مشتركة قارية وقيادة عليا موحدة تقع ضمن سلطات حكومة تضم كافة البلدان القارية.
يقول السيد عبد ا&: «مع بروز الحرب الباردة كان لتونس موقف واضح وهو عدم الذهاب مع الشيوعية وقد عزفت تونس عن اعمال لجنة التحرير بدار السلام التي انبثقت عن المؤتمر التأسيسي لمنظمة الوحدة الافريقية بعد ان ازداد تأثّرها بالاتجاهات التقدمية وقرّرت تقديم المساعدات مباشرة الى حركات التحرير».
ويرى عبد ا& أن توجّه اغلب حركات التحرير الافريقية عند وصولها الى السلطة كان توجّها يساريا نحو الماركسية هو ما اضر بها واوقعها في الفشل نسبيا عقب نهايات الحرب الباردة.
ويذكر السيد صلاح الدين عبد ا& أنه كان من ضمن الوفد التونسي الذي توجّه في اوت 1959 لحضور مؤتمر وزاري في منروفيا رفقة الدكتور الصادق المقدّم ومحمود المستيري والحبيب بولعراس وهو الاجتماع الذي تمّ فيه الاعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة... وتوقّف عبد ا& عند نادرة يراها اكثر من مُعبرة يقول «خرجنا ذات يوم نتجوّل في شارع المدينة ونحن نرتدي الجبة التونسية واذا بشيخ مسن يقترب منا ويستفسر عن حالنا بعد ان علم اننا من تونس ورجانا ان نقبل دعوته لزيارة الكتّاب الذي يشرف عليه وأعتقد اننا من أول الفاتحين التونسيين لليبيريا اذ لم يزرها على الارجح احد قبلنا وتم ما أراد واستقبلنا الاطفال بنشيد: أقبل البدر علينا ورحّب بنا الشيخ بحرارة مرددا قولة مازلت اذكرها: «منروفيا وما أدراك منروفيا بلاد الكفر والجهل والفقر».
أفضل استثمار
أكّد وزير الخارجية التونسي الاسبق السيد سعيد بن مصطفى أن ما أنجز خلال العقدين الاخيرين على مستوى سياسات تونس تجاه القارة الافريقية يعدّ افضل استثمار لما بُذل من مجهودات ديبلوماسية منذ الاستقلال في دعم حركات التحرر الافريقية وشد أزرها وقال: «بعد فترة الاستقلال وخروج المستعمر وجدت الدول الافريقية نفسها في مواجهة مشاكل داخلية تمثلت في النزاعات القبلية والطائفية وكانت تونس من اول من تفطّن الى ضرورة معالجة هذا السرطان الذي يُمكن ان يُهدّد مستقبل القارة...».
وأضاف بن مصطفى: «تعتبر الالية الافريقية لمعالجة وتسوية النزاعات في افريقيا، التي تبنتها القمة الافريقية لسنة 1994 باقتراح من تونس بمثابة التدخل الحاسم الذي استنهض الهمم من اجل السعي للحفاظ على مكاسب القارة...».
واعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق ان عودة تونس الى مجلس الامن قد كان فرصة جديدة للاهتمام بافريقيا وذكّر بأن شهر فيفري 2001 الذي ترأست فيه تونس مجلس الأمن كان شهر افريقيا بامتياز وقال: «50 من شواغل تونس في مجلس الامن كانت متجهة لافريقيا...».
واستشهد بمجهودات تونس في ما يخص ملف جمهورية الكونغو التي خصصت لها قمة ا فريقية داخل مجلس الامن مما دفع الامم المتحدة لاتخاذ قرار يجمع بين تصالح الفرقاء ومبدإ خروج القوات الاجنبية وهو ما دفع الرئيس الكونغولي الى التأكيد على دور تونس ومساعدتها ماضيا وحاضرا...
وأبرز بن مصطفى ان الديبلوماسية التونسية قد مهّدت الطريق كما يجب امام المجموعة الوطنية من اجل الاستثمار الاقتصادي والتجاري والثقافي وقال: «ان الامكانيات متوفّرة وما على الجميع ا لا حسن التعامل معها نظرا لاتساع القارة وكثرة مواردها وخيراتها...».
وأضاف بن مصطفى: «بالرغم من حساسية الموقف وصعوبته في السنوات الاخيرة حيث ان الديبلوماسية التونسية وجدت نفسها في مواجهة حكومات جديدة بعد ان فشلت العديد من حركات التحرير التي دعّمها الغرب بالرغم من ذلك كانت العلاقات طيبة وتواصل التفاعل مع القارة وظلت الديبلوماسية التونسية على استعداد دائم وجاهزة لكي تتدخل في الاوقات الحاسمة وكلما طلب منها ذلك.
وأشار السيد صلاح الدين عبد ا& الى أن تونس تحظى بمنزلة رفيعة في افريقيا وقال: «علينا أن نواصل استثمار ذلك»، وذكّر عبد ا& باتفاقية التعاون الثلاثي التي عقدت مؤخرا في اليابان والتي ستتولى من خلالها اليابان صرف اعتمادات في استثمارات ضخمة في افريقيا عبر وساطة تونسية وهو دليل آخر على الثقة الموضوعة في الكفاءات التونسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.