وراضية الزيادي تونس الشروق : في لقاء مع «الشروق»، وعلى خلفية مواعيد واحداث دولية هامة، وهي قمة مجموعة الثمانية وتصويت مجلس الامن الدولي على مشروع قرار هام بشأن العراق، تحدّث الينا السيد ايف اوبان دولامو سيزيار، سفير فرنسا ببلادنا عن اهمية النتائج التي اسفرت عنها القمة العربية، عن الاصلاح، عن العراق والقضية الفلسطينية. * كمثمل لبلد صديق للدول العربية، كيف تقيمون نتائج القمّة العربية التي انعقدت بتونس؟ لقد تابعنا، في فرنسا وكذلك على مستوى كل الشركاء الاوروبيين، باهتمام كبير، الاستعدادات التي تمت لهذه القمة، في مختلف مراحلها، وقد كان لنا فرصة لتبادل الاراء وربّما للقيام ببعض المساعي من اجل دعم موقف الذين يرون انه على هذه القمّة أن تتناول مسألة الاصلاح، بالاضافة بطبيعة الحال الى المسائل المتعلّقة بالأحداث الآنية (الشرق الاوسط والعراق)، فاشكالية اصلاح العالم العربي هي موضوع نقاش وحوار واسع في العالم العربي، حسب نسق مختلف هنا وهناك بطبيعة الحال، ثم ان هناك مشروع الشرق الاوسط الكبير، ولذلك كنّا نرى انه من المهم جدا، ان يكون الاصلاح نابعا من الداخل، وهو ما يحدث من خلال اللقاءات العربية الهامة التي طرحت هذه القضية سواء في الاسكندرية وكذلك في صنعاء وبيروت ثم مؤخرا في الدوحة، جمعت ممثلين عن الحكومات وعن المنظمات وكذلك مثقفين... اذن لا احد يرفض فكرة الاصلاح وضرورة التوجّه نحو الاصلاح... إذن لقد كنّا ملاحظين حريصين، خلال تلك القمّة... وقد لاحظنا ان اعلان تونس، هو من الوثائق الهامة المتعلقة بموضوع الاصلاح في العالم العربي، ولذلك كنّا من الاوائل الذين عبّروا عن ابتهاجهم ازاء نجاح القمّة العربية، سواء على مستوى المشاركة، أو على مستوى تبنّي وثائق ونصوص هامّة. وقد كان من المهم التأكّد من أن الاعلان الذي يتعلّق بالاصلاح في العالم العربي، سيكون مرجعية خلال المواعيد الدولية الكبرى وخاصة اجتماعات قمّة الثمانية، التي ستستعرض عدّة نصوص، وقد كان من المهم جدا ان يكون اعلان تونس ضمن هذه النصوص، وربّما في مقدّمة تلك الوثائق، وسيتم تضمين مقاطع عديدة من هذا الاعلان في النص النهائي الذي سيصدر عن قمة مجموعة الثمانية، والذي كان محل عمل واعداد دؤوب، من أجل ايجاد نصّ قوي ومقبول وواضح. اذن يمكنني ان اقول ان النصوص التي أعدّت في قمة تونس، ساعدت في اقناع شركائنا في مجموعة الثمانية بوجهة نظرنا، ذلك ما يمكنني ان اقول بشأن قمة تونس وكذلك اعلان تونس، الذي سيبقى في تاريخ الجامعة العربية باعتباره حركة اصلاح، وهناك اصلاحات اخرى سيتم تبنّيها خلال قمّة الجزائر في شهر مارس المقبل. * قبل اجتماعات قمة الثمانية قام الرئيس الامريكي بجولة في اوروبا، فهل يمكن القول انه قد سعى الى طي صفحة الماضي، استعدادا لوفاق حول اشكالية هامة خلال القمّة؟ نعم، يمكن القول أن تحوّل الرئيس الامريكي الى اوروبا، كان مفيدا جدا، لقد ذهب الى ايطاليا، وهي معروفة بكونها تدعّم منذ البداية التوجّه الامريكي في العراق، ثم اللقاء الذي حدث في فرنسا بمناسبة احياء الذكرى الستين لانزال القوات الحليفة في النورماندي بحضور رؤساء دول اخرين، وخاصة المستشار غيرهارد شرودر، وقد كان اللقاء مناسبة لاجراء حوار منفتح جدا، اضافة ايضا الى عشاء العمل الذي جمع بين الرئيسين شيراك وبوش، والذي كان هاما جدا، والذي اكّد انه لا توجد قطيعة، بل اختلاف في وجهات النظر، ويمكن القول ان فرنسا ساهمات بصفة واسعة في الحوار الذي دار حول الاعلان النهائي لقمة الثمانية عبر حوار معمّق ومنفتح مع شركائنا، وكذلك الامر بشأن القرار الذي تبناه مجلس الامن الدولي اليوم (أمس) بشأن العراق، حيث كان لنا حوار صريح في الأممالمتحدة. * ربّما الموقف على مستوى السياسيين الاوروبيين كان مختلفا عن موقف الشعوب الذين لم يرحّبوا بزيارات بوش وقد رأينا ذلك في ايطاليا وفي فرنسا؟ نعم هناك اخلافات في وجهات النظر، وقد كانت فرنسا تتحرك في توافق تام مع الرأي العام الاوروبي، الذي كان يعارض في اغلبيته الحرب ضد العراق، ولكن الرئس الامريكي تحوّل الى اوروبا في سياق آخر، وهو الاعتراف بفضل الولاياتالمتحدةالامريكية في تحرير فرنسا... وقد كان موعدا هاما لاحياء هذه الذكرى، وقد كان نجوم هذا الموكب الحقيقيون هم قدماء المحاربين، على الرغم من حضور رؤساء الدول، وقد جاء القدماء من امريكا وكندا واستراليا... وحتى الالمان ايضا... ومن الملفت خاصة حضور المستشار شرودر، فقبل سنوات، دعا الرئيس ميتران، المستشار كول للمشاركة في احتفالات سابقة، ولكنه اعتبر ان الوقت لم يحن بعد لمشاركة المانيا في مثل تلك المواكب، ولذلك اعتبرنا ان حركة المستشار شرودر بالمشاركة في تلك الاحتفالات حركة معبّرة جدا... وقد كان كل ذلك مناسبة لمناقشة الموضوع العراقي والشرق الاوسط، وقمة الثمانية. * وربّما لكل هذه الاسباب يمكن القول ان الرئيس الامريكي اختار التوقيت المناسب لزيارة أوروبا؟! اختيار التوقيت لم يكن اختياره هو بما أن الامر يتعلّق باحياء ذكرى معينة، ثم انه كان ضيف رئيس الجمهورية، كما هو الامر بالنسبة لرجال دولة آخرين. * بالنسبة لموضوعي العراق والاصلاحات، من الواضح، ان سوء الفهم «او الاختلاف قد زال»، فمن قام بالخطوة الاولى تجاه الاخر؟ لم تكن هناك خلافات، ولكن اختلاف في وجهات النظر، هناك مشروع قرار امريكي بريطاني، ولقد كان لنا حوله حوار ونقاشات مطولة جدا لتقريب وجهات النظر، ونحن نعتقد ان الامريكيين والبيرطانيين قاموا بخطوات واسعة لاخذ مواقفنا في الاعتبار وهواجسنا، وكذلك بقية الشركاء في مجلس الامن الدولي، وخاصة روسيا والصين وألمانيا التي عملنا معهم كثيرا، كما دأبنا على ذلك والامريكيون قدموا بالامس نصّا رابعا كانت هناك تنقيحات فرنسية، وتنقيحات قدمتها دول اخرى. بطبيعة الحال، لم يكن بامكاننا الحصول على اشياء مرضية تماما، ولكننا نعتقد اننا حققنا ما يدعونا الى التصويت لفائدة مشروع القرار، وخاصة حول مسألة السيادة التي نتمسّك بها، وأعلنا ذلك منذ توقف الحرب، عندما قلنا ان مسألة السيادة لا ينبغي ان تكون نقطة الوصول، بل نقطة الانطلاق، اي انه كان من المهم بالنسبة لنا استعادة العراق السيادة. وقد أكّد الرئيس شيراك خلال المؤتمرالصحفي المشترك مع الرئيس الامريكي، انه من المهم ان يشعر العراقيون بانهم استعادوا سيادتهم واستقلالهم. وربّما لا تزال نقطة اختلاف، ولكنها لا تمنعنا من التصويت لصالح القرار، حيث اننا نرى ان هناك غموضا بشأن العلاقات بين الحكومة العراقية الجديدة، والقوة متعددة الجنسيات، بشأن العمليات الامنية، مثل ما حدث في الفلّوجة، فقد كنّا نودّ ان ينص مشروع القرار على الموافقة الواضحة للسلطات العراقية قبل اي عملية هامّة. قد يكون هناك صياغة وسط، ولكن سيتم توضيح الموقف الفرنسي، خلال تفسير التصويت الذي يتم في مجلس الامن. * وهل تعتقدون ان الحكومة العراقية الحالية هي حكومة ممثلة وسيكون بامكانها ان تطلب من قوات الاحتلال المغادرة؟ القرار ينص على بقاء هذه القوات لمدة 12 شهرا، مع امكانيات التمديد في هذا البقاء، على الا يتجاوز ذلك موفى 2005. * اي انه لن يكون بامكان قوات الاحتلال التمديد بعد موفى 2005؟ هذا ما ينص عليه القرار مبدئيا. اما بالنسبة للحكومة التي شكلها الاخضر الابرهيمي، فنعتقد انه قام بعمل جيّد، في ظروف صعبة جدا بانشاء هذه المجموعة المختلفة على الاقل وبعض الوزراء عن المجلس السابق... ثم انه سيكون هناك مسار للاعداد للانتخابات بداية من جانفي 2005، ثم المؤتمر الوطني، التي ستعدّها الاممالمتحدة، وهي مبادرة فرنسية، ثم المؤتمر الدولي... وقد قلنا ايضا انه ينبغي حضور العراقيين مداولات مجلس الامن، وهو ما حدث بحضور وزير الخارجية هوشيار زيباري. * الذي دعا الى بقاء قوات الاحتلال في العراق، واقامة علاقات «متميزة» مع الامريكيين؟! هو وزير خارجية العراق، وذلك واقع، وقد طلبوا بعض التعديلات وهو ما حصل، والحكومة العراقية الحالية هي مؤقتة، وسوف تعقب هذه المرحلة ترتيبات اخرى عديدة... ولكن لا نعرف كيف ستتطوّر الامور على الميدان، وخاصة بعد الاتفاق على حل المليشيات. * الاتفاق يتعلّق بمليشيات الاطراف الرسمية المشاركة في الهياكل الحالية، ولا تتضمن فصائل المقاومة العراقية؟ نعم بالضرورة هناك فصائل اخرى... اعتقد اننا حصلنا، عبر هذا القرار على بعض المكاسب، حتى وان استمر الغموض يلف بعض المواقف الامريكية. ونحن نعتقد ان القرار يرسل اشارة ايجابية. * وإذا ما طلب من فرنسا المشاركة في القوات الدولية، فهل سيحصل ذلك؟ موقفنا واضح وقد عبّرنا عنه عديد المرات، هذه المسألة ليست مطروحة اليوم ولا غدا، ولكن نحن مستعدون للمشاركة في اعادة اعمار العراق، من خلال برامج موجودة منذ السابق وهي واقع. ونحن نقوم حاليا بجهد في اطار «نادي باريس» بشأن الديون العراقية. ونحن مستعدون ايضا، عندما يحين الوقت، وبعد طلب من السلطات العراقية للمساعدة في تكوين الشرطة العراقية، أمّا المشاركة ضمن القوات الدولية، فذلك غير وارد. * هذه القوات الدولية سوف تكون تحت اي قيادة؟ قيادة أمريكية. * هل تعتقدون انه بامكان هذا القرار ان يؤدي الى سيادة العراق مع وجود 140 ألف جندي احتلال، ثم هناك ايضا الرهانات الاستراتيجية التي حملت الامريكيين الى العراق، فهل تعتقدون انه سيكون بامكان الامريكيين التخلي عن هذه الرهانات؟ ما نتمناه هو استعادة العراق لسيادته وان يكون ذلك الامر حقيقة، ولكن القوة الدولية هناك هي حقيقة. وبالنسبة للرهانات الامريكية، سواء البترول، او القواعد العسكرية او وضع اليد على الاحتياطي العالمي للنفط... ولكن هنا اتساءل ان لم يكن هناك ايضا رهانات ايديولوجية. اعتقد انه علينا انتظار التطورات في العراق خلال سنة... * وهل تعتقدون انه سيكون هناك اتفاق ضمن مجموعة الثمانية حول العراق؟ نعم، يكون هناك اعلان سياسي وكذلك خطّة لدعم الاصلاحات، وكذلك الشرق الاوسط... ومن ا لمهم جدا تبني قرار الاممالمتحدة بشأن العراق خلال انعقاد قمة ا لثمانية. وبالنسبة للوضع في العراق وكذلك الشرق الاوسط هناك حرص على طرح افاق للحل، الامر الذي لم يكن واردا في البداية، ولكننا نعتقد أن الوضع في فلسطين ليس مبررا لرفض الاصلاحات، وقد شرحنا لشركائنا في المجموعة انه من المهم جدا وضع افاق واضحة للحل في فلسطين. وقد كان اعلان الدوحة واضحا حول هذه المسألة، ولكننا مقتنعون ان غياب الحل يخلق الاجواء المناسبة للتطرف والارهاب وعدم الاستقرار، ولذلك، وكما قال وزير الخارجية ميشال بارنيي، فإن الوضع في فلسطين يشكل ثقبا اسود، حتى وان اردنا ان نكون ايجابيين، بشأن الانسحاب من غزة، ما دام يتنزّل ضمن افاق الحل الشامل واعلان اللجنة الرباعية. * وهل تعتقدون ان الحكومة الاسرائيلية الحالية تنظر الى الانسحاب من غزة ضمن حل شامل؟ نحن نرى أن هذا الانسحاب ينبغي ان يكون ضمن الحل الشامل. خلال اللقاء بين بوش وشارون ثم تتم الاشارة الى اللجنة الرباعية، ولكن الامور تطوّرت بعد ذلك اثر اجتماع اللجنة في نيويورك، ونحن نتساءل بحذر حول الانسحاب من غزة... هناك اليوم المبادرة المصرية لتأمين غزة واعادة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى الحوار، وهي مبادرة علينا ان نحييها. اللجنة الرباعية تظل في مثل هذه الظروف الاطار الامثل ولكن بعد اجتماع نيويورك لم يحدث اي تحرك؟ نعم ونحن نأسف لذلك فخريطة الطريق كانت تبدو لنا سائرة في الطريق الجيد، ولكن ذلك يرتبط برغبة الامريكيين في التحرك. * ألا تعتقدون انه ربما قد حان الوقت لاستعمال العقوبات التجارية ضد اسرائيل التي يخوّلها اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي وهذا الكيان؟ نحن لا نعتقد ان فرض العقوبات سيسوي المشاكل، ولكننا ندعم حوارا مريحا مع اسرائيل، وهو ضروري، والحوار مع الاسرائيليين وكذلك مع السلطة الفلسطينية، لأننا نحتفظ بصلاتنا مع السلطة بما في ذلك السيد عرفات فنحن واعون بانه منتخب من قبل الشعب الفلسطيني وهو في قلب اللعبة السياسية، ولذلك نريد وضع افاق سياسية للقضية الفلسطينية... لقد كنّا من اقترح المؤتمر الدولي كما دعمنا فكرة الحماية الدولية عبر قوات دولية... وربّما قد تسمح هذه الأفكار بافاق جديدة بعد فترة، ولكن حتى الآن لا يوجد اي آفاق... وهو أمر من شأنه خلق المشاعر المعادية لاسرائيل، ونحن واعون بما يشاهد المواطن العربي في المشرق والمغرب العربيين وانا اتابع «العربية» و»الجزيرة» للوقوف على ما يراه المواطن العربي، وهي فظاعات يومية، فما يحدث في فلسطين وفي العراق، قد يؤدي الى اكثر المواقف تطرفا... ونحن واعون بذلك، لذلك نتمسّك بضرورة النظر الى المستقبل كما نعمل على اقناع شركائنا الاوروبيين والامريكيين بالامر، ولكننا في ظرف انتخابي امريكي، ولكن ذلك لا ينبغي ان يجعلنا نيأس كاوروبيين. * بالنسبة لاجتماعات الثمانية هل سيتم التنصيص على آليات لمتابعة ملفي الاصلاح او العراق مثلا؟ أعتقد أنه ربّما قد يتم انشاء منتدى يضم شركاء المنطقة اي المغرب العربي والمشرق الموسّع... والمهم هو أن هناك اقتناعا بأنه لا يمكن فرض اصلاحات من الخارج، بل ينبغي ان تنبع من الداخل، واذا ما قارنا بين النص الاول الذي نشر في «الحياة» قبل أشهر والنص الاخير، فإن الفرق واضح.