احتفل المحامون التونسيون، في الساعات الأولى من فجر الاثنين بعميدهم الجديد، بعد أن تمكن رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس الأستاذ عبد الستار بن موسى من هزم العميد القديم الأستاذ البشير الصيد. وقد تم الاعلان عن نتائج الدورة الثانية لانتخابات العمادة في حدود منتصف الليل ليعلن الأستاذ سمير العنابي رئيس الجلسة العامة الانتخابية عن فوز الأستاذ عبد الستار بن موسى بمنصب العمادة للثلاث سنوات المقبلة بعد حصوله على ثقة 863 صوتا مقابل 839 صوتا لمنافسه العميد المتخلي البشير الصيد. **علامات التغيير بعد جلسة عامة عادية ناقش فيها رجال الدفاع يوم السبت ما أنجزته الهيئة الوطنية وعميدها المتخليين خلال الثلاثة أعوام الماضية بدأت ملامح التغيير تتجلى خاصة بعد حالة الغضب والاحتقان التي ميزت العديد من المداخلات. إذ انصب النقد على ما سمي بتصرف الهيئة بأموال المحامين واحتكار العميد مسؤولية الادارة والتسيير، فضلا عن حالة الارتباك التي هزت أنصار الصيد الذين اضطروا لمقاطعة المداخلات التي لم تنتصر أو تساند عميدهم بالصياح والتصفيق والسعي لاحداث الفوضى في أحيان عديدة، وهو ما اعتبر أسلوبا جديدا يخترق المحاماة للمرة الأولى في تاريخها. انتهت الجلسة العامة العادية ولم يبق بالقاعة أكثر من مائة محام، بعدما غادر الحاضرون اثر الانتهاء من المداخلات حتى أن التصويت على التقريرين الأدبي والمالي لم يكن بمستوى عدد المحامين الذين واكبوا أشغال الجلسة، اذ اعترض 41 صوتا على التقرير الأدبي وصوّت 59 محاميا ضد التقرير المالي في لحظات لم يختر فيها المحامون البقاء داخل القاعة. وكل ذلك كان مؤشرا على بداية «تمرّد» على عميد رغب في البقاء في منصبه لمدة ثانية إلا أن ارادة زملائه لم تكن بحجم ما راهن عليه. في اليوم الموالي، يوم الأحد، بدأ التصويت للعمادة ولمجلس الهيئة الوطنية منذ الصباح، وقد اشتدت الحملة الانتخابية حتى بلغت مداها، ليتم الاعلان عن غلق أبواب الاقتراع في مساء نفس اليوم، ثم بدأت عملية فرز الأصوات بالنسبة إلى العمادة فيما تمّ الاتفاق على فرز أصوات انتخابات مجلس الهيئة في اليوم الموالي. **نتائج الدورة الأولى أخذ كلّ موقعه، وبدأت عملية شد الأنفس، حتى توضحت الرؤية نسبيا بعد فرز قرابة 300 الصوت الأولى، إذ بدا للمتابعين «هروب» البشير الصيد وعبد الستار بن موسى وعبد الجليل بوراوي عن بقية المترشحين. وكانت للصيد أسبقية تراوحت بين الخمسين والمائة صوت فيما تساوت حظوظ بن موسى وبوراوي وتواصلت عملية شدّ الأنفس في مشهد مشوّق للغاية حتى تمكن العميد المتخلي من الحصول عل أسبقية تمكنه من الترشح للدور الثاني فيما تواصلت المنافسة بين المترشحين الآخرين، إلى ان اتضح التفوق النسبي لعبد الستار بن موسى الذي أصبح مؤهلا حسب عدد الأصوات للترشح لمنافسة الصيد في الدورة الثانية. وقد أعلن عن نتائج الدورة الأولى التي صوّت فيها 2298 محاميا من أصل 3820 لهم الحق في التصويت أي بنسبة مشاركة بلغت 60.15 وكانت النتيجة كالآتي: البشير الصيد: 589 صوتا أي ما نسبته 25.63 عبد الستار بن موسى: 466 صوتا أي ما نسبته 20.27 عبد الجليل بوراوي: 448 صوتا أي ما نسبته 19.5 محمد المكشر: 285 صوتا أي ما نسبته 12.40 ابراهيم بودربالة: 228 صوتا أي ما نسبته 9.92 الياس القرقوري: 142 صوتا أي ما نسبته 6.17 عبد الرؤوف العيادي: 58 صوتا أي ما نسبته 2.52 رضا الأجهوري: 40 صوتا أي ما نسبته 1.74 بديع جراد: 16 صوتا أي ما نسبته 0.69 وما دام لم يحصل أي مترشح على الأغلبية المطلقة وهي 1150 صوتا فإنه تم اللجوء إلى دوره ثانية تجري بين الفائزين الأول والثاني لذلك انحصرت المنافسة بين البشير الصيد وعبد الستار بن موسى. **تحالفات اللحظات الأخيرة بدأ التصويت للدورة الثانية في حدود الساعة الثامنة مساء لينتهي بعد الساعة العاشرة وانطلقت عملية الفرز، التي كشفت تحالفات جديدة، وكانت بالفعل عملية شد للأنفس، إذ تميزت المنافسة بشدتها، ومنذ البداية تحصل عبد الستار بن موسى على أسبقية بعشرين صوتا سرعان ما تداركها البشير الصيد، ثم تواصلت عملية الفرز بتعادل بين المترشحين مع أسبقية صغيرة لبن موسى بين الحين والآخر. ولم يتمكن خلال كامل عملية الفرز البشير الصيد من تحقيق أسبقية إلا في مناسبة واحدة تجاوز فيها منافسه بصوتين فقط ثم تدارك بن موسى أمره وبدأت عملية «الهروب» تتوضح بعد فرز 1500 صوت من أصل 1734 شاركوا في الدورة الثانية لفائدة رئيس الفرع سابقا، حتى علا القاعة التصفيق والصراخ لاستئثار خصم العميد المتخلي بأغلبية الأصوات وهي 863 فيما حصل البشير الصيد على 839 صوتا، وهي لحظة الاعلان عن مرحلة أخرى في تاريخ المحاماة التونسية، بالاعلان رسميا من قبل لجنة الفرز عن فوز الأستاذ عبد الستار بن موسى عميدا جديدا للمحامين الذي تقبل النتيجة بالدموع والابتسامة المنتصرة، فيما غاب البشير الصيد عن الأنظار. منجي الخضراوي **هوامش تونس «الشروق»: لم يحضر العميد المتخلي البشير الصيد عملية تنصيب العميد الجديد مثلما جرت عليه العادة. رفع المحامون اثر الاعلان عن فوز الأستاذ عبد الستار بن موسى، شعارات حول استقلالية المحاماة وما أسموه بالتخلص من «مرحلة الفوضى». بكل روح رياضية تقدّم العميد السابق عبد الجليل بوراوي لتهنئة منافسه الأستاذ عبد الستار بن موسى وهو ما لاقى التصفيق من قبل الحاضرين. لم تكن الانتخابات الأولى التي يفوز فيها رئيس لفرع تونس على عميده، إذ سبق للأستاذ عبد الوهاب الباهي عندما كان على رأس الفرع الفوز أمام العميد منصور الشفي. حضر عملية الفرز عدد من الوجوه السياسية والحقوقية كما حضر عدد من طلبة كليات الحقوق. طلب المحامون العائدون من الجزائر من العميد الجديد أن يسحب الطعن بالتعقيب في قرار ترسيمهم الذي كان قام به العميد السابق. ناشد عدد من المحامين العميد الجديد التخلي عن قرار الهيئة السابقة بطرد أحد الموظفين من عمله نهائيا وارجاعه إلى سالف نشاطه. ساهم التأخير الحاصل في فرز أصوات العمادة إلى انسحاب عدد من المحامين خاصة محاميي الجهات الداخلية وهو ما أربك حسابات المترشحين. قال الأستاذ فوزي بن مراد إن كل زملائه الذين تدخلوا يوم الجلسة العامة لنصرة العميد البشير الصيد قد حصلوا على مبالغ مالية بعناوين مختلفة من أموال المحامين، ورفع التحدّي على من له خلاف ذلك فلم يأته الردّ من أي جهة كانت. أكد بعض المقربين من العميد الجديد الأستاذ بن موسى أنه سيتم احياء لجنة مقاومة التطبيع مع العدوّ الصهيوني ولجان الدفاع عن العراق التي تم حلها في عهد العميد السابق البشير الصيد. خضراوي **العميد الجديد في أول حديث له: أنا عميد الاستقلالية والحوار تونس «الشروق»: بعد الاعلان عن فوزه، قال العميد الجديد الأستاذ عبد الستار بن موسى، بنبرة باكية «إن لم أحافظ على استقلالية المهنة، فإني أرجوكم إقالتي» وأكد أنه سيؤدي دورة واحدة لا غير واعدا المحامين بأنه لن يترشح لدورة ثانية. وقال العميد عبد الستار بن موسى، إنني سأحافظ على استقلالية المحاماة «فأنا لست عميد السلطة ولا عميد المعارضة، أنا عميد كل المحامين مهما كان لونهم أو جنسهم أو رؤيتهم..» كما رفع شعار «لا للوصاية على المحاماة، ولا للتكتلات من أي جانب» وأكد أنه ينتصر للمحاماة وحقوق الانسان باعتبارهما مترابطين، وقال العميد بن موسى «إننا مجنّدون للحوار، وإننا نمدّ أيادينا للتحاور الجدّي وكذلك لاتباع كل الوسائل التي تحقق المكاسب للمحاماة». ووعد بأن تكون السلطة للجلسات العامة التي ستكون هي صاحبة القرار. وأشاد بالجو الديمقراطي الذي ميّز الانتخابات كما توجه بالشكر إلى العميد المتخلي وإلى كافة المترشحين. م خ **تطابق بين نتائج سبر الآراء الذي أجريناه ونتائج الانتخابات تونس «الشروق»: وعدنا في «الشروق» الصادرة يوم السبت 19 جوان أن نعلن عن نتائج سبر الآراء الذي أجريناه على عيّنة متكونة من 420 محاميا، بكل ثقة وأمانة بعد أن اخترنا الاعلان عن النسب دون الأسماء وذلك بدعوة من بعض المترشحين والمحامين تفاديا إلى أي تأويل في اتجاه التأثير على مجرى الانتخابات. انتجت عملية سبر الآراء التي أجرتها «الشروق» على عيّنة في تونس الكبرى ما يلي: 1) عبد الستار بن موسى: 97 صوتا أي ما نسبته 23.09 2) البشير الصيد: 83 صوتا أي ما نسبته 19.76 3) عبد الجليل بوراوي: 55 صوتا أي ما نسبته 13.09 4) ابراهيم بودربالة: 54 صوتا أي ما نسبته 12.85 5) محمد المكشر: 37 صوتا أي ما نسبته 8.80 6) الياس القرقوري: 33 صوتا أي ما نسبته 7.85 7) عبد الرؤوف العيادي: 28 صوتا أي ما نسبته 6.66 8) رضا الأجهوري: 25 صوتا أي ما نسبته 5.95 9) بديع جراد: 8 أصوات أي ما نسبته 1.90 وبالتالي يكون هامش الخطأ في المرتبة الرابعة والخامسة أي ان النتيجة الحقيقية أعطت أسبقية للأستاذ محمد المكشر على الأستاذ ابراهيم بودربالة خلافا لنتائج سبر الآراء الذي أجريناه، كما يمكننا أن نلاحظ عدم وجود فارق كبير في الأصوات بين الأستاذين عبد الستار بن موسى والبشير الصيد، وهو ما أكدته نتائج انتخابات يوم الأحد الماضي.