اون لاين – محمد الطاهر: كتب الاستاذ بالجامعة التونسية ومنسق شبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية صلاح الداودي نصا تلقت الشروق اون لاين نسخة منه تحدث فيه عن مرور ذكرى العدوان الصهيوني على مدينة حمام الشطالتونسية في ظل صمت رهيب تونسيوفلسطيني وجاء النص كالتالي: "مرة أخرى مرت ذكرى العدوان الصهيوني على تونس، ذكرى حمام الشط في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس بتاريخ 01 أكتوبر 1985، في صمت رسمي وسياسي ومدني وشعبي تونسياوفلسطينيا، رغم بعض جهود تنظيف قبور الشهداء التي سمعنا عنها من المناضل جمال البحريني الذي كان في طاقم الإسعاف والتمريض وقتها. تزامنت الذكرى مع خطاب العاشر لسماحة السيد حسن نصر الله ورسالته لليهود بالانفصال عن الحركة الصهيونية وضرورة مغادرة أرض فلسطين. عملية "الساق الخشبية" في حمام الشطالتونسية اتت بعد ثلاث سنوات من خروج قادة العمل الثوري الفلسطيني إلى أثينا ومن ثم إلى تونس سنة 1982. في شهر سبتمبر 1985 تم إعلام كوادر منظمة التحرير بضرورة الحضور إلى تونس من الجزائر واليمن والسودان للاجتماع يوم 01 أكتوبر بمناسبة إنعقاد مجلس الأمن القومي الأعلى الفلسطيني. حوالي العاشرة صباحا من ذلك التاريخ، وكان الاجتماع قد أجل من طرف الراحل عرفات، كانت ثمان طائرات صهيونية مقاتلة من نوع اف 15 قد قصفت لعدة دقائق كل مقرات القيادة الفلسطينية في المنطقة بعد قطع مسافة 2000 كم من فلسطينالمحتلة إلى سماء تونس. واوقعت 50 شهيدا فلسطينيا و15 شهيدا تونسيا و101 جريحا من الجانبين. لا تكاد الكتب المدرسية التونسية بالكاد تتجاوز الإشارة إلى قضية فلسطين بشكل محتشم جدا. ولا يتم حتى الآن تثبيت ذلك العدوان الصهيوني الأخطر الذي نفذه كيان العدو خارج فلسطينالمحتلة في الذاكرة الوطنية التونسية رغم اجتهاد المجتمع المدني التونسي على مدى عقود وخاصة في السنوات الأخيرة في مقاطعة الكيان الصهيوني وتجريم التطبيع وإحياء قضية فلسطين ومساندتها بشكل مستمر. يعتبر التونسيون بالفعل ان التطبيع جريمة دولة وأنه صهيونية داخل الصهيونية. ويعتقدون جازما ان كل تبييض للارهاب الصهيوني هو حرب ناعمة على الذاكرة وتمييع للاختراق الصهيوني واستهتار بالأمن القومي وبالامن الإقليمي للمنطقة وبالتهديد الإستراتيجي والوجودي لكيان الاحتلال لمنطقتنا وقضيتنا. ومع أنه هو الذي يقع في دائرة التهديد الآن ومنذ انتصار تموز 2006 وبشكل متصاعد، ومع ان الوعي يتصاعد بأن الصهيونية إلى زوال وبان تجريم التطبيع هو أيضا تجريم للاستيطان والتهويد وانه خطوة مهمة في استراتيجية زوال الكيان الإسرائيلي من الوجود واستعادة أرض فلسطين الكاملة الموحدة وإقامة دولة واحدة تامة المعالم، يظل الفشل في ابداع منظومة مناهج تربوية مكثفة العمل على قضية فلسطين في مختلف المواد والمستويات التعليمية، يظل يراوح. ومع تراجع نظرية "من الخارج الى الداخل" التطبيعية الصهيونية (دراسة مركز الأمن القومي الصهيوني "إسرائيل والدول العربية والتطبيع" لفليب غوردون والتي نشرت منذ أشهر قليلة على سبيل المثال) وعدم تحقيق أهدافها. ووعي التونسيين وخاصة النخب العلمية والسياسية والمدنية المنتصرة لخط المقاومة طبعا، بضرورة ان تكون تونس خالية من الصهيونية وبافشال ما نسميه البنغريونية الجديدة الصهيونية التي تعمل على زرع أطراف واطواق واختراقات هنا وهناك، لم يصل العمل العام ذروة تثبيت الذاكرة وحسم مستقبل الذاكرة. بالمقابل، طالعنا بهذه المناسبة الإعلام العبري بتقرير عن دراسة هي ضمن سلسلة من الدراسات التي يروج لها كل مرة. ما مفاده أن السلطة الفلسطينية تعد أطفالها لحرب مستقبلية مع إسرائيل بواسطة الانروا. يتعلق الأمر بالجدل المتجدد حول المناهج التربيوية وبمهاجمة مؤسسات الأممالمتحدة أيضا. في هذا السياق جاء في موقع الفضائية 20 الإسرائيلية ان "6 ملايين يهودي يعيشون في فلسطين المنتصرة سيطردون منها”. وذكرت ان ذلك مكتوب في المناهج الدراسية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. اعتمدت الفضائية الإسرائيلية على دراسة “مركز سيمون فيزنتال” و ”منتدى الشرق الأوسط” ل 160 كتاب من المناهج الدراسية. وقالت ان المدارس التابعة للامم المتحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، على رأي الدكتور هارون غرويس، تجهز الطفل الفلسطيني ليقف أمام رصاص العدو كجندي بطل وتثني على دلال المغربي وعدة أمثلة أخرى من كتب أخرى. يلاحظ هذا الأخير ان المناهج الفلسطينية تؤكد أن المسجد الأقصى ومسجد بلال والحرم الإبراهيمي أماكن دينية إسلامية مهددة من قبل اليهود. وهو في الحقيقة ما تقوله المنظمات الدولية في الأشهر الأخيرة خاصة. وحسب المناهج الفلسطينية في مدارس وكالة الغوث “إسرائيل” "دولة" غير شرعية" كما تقول الدراسة واسم”إسرائيل” لا يظهر في مناهج الوكالة بل اسم فلسطين الذي يشمل حدود ما قبل العام 1967. من البديهي أن الدراسة لم تكتب ليندهش الصهاينة فهم يعلمون ذلك يقينا. ولكن ليعتبر الصهاينة وليدرسوا الاطفال ان هذا النوع من المناهج التربوية الفلسطينية 2016-2017 خطر محدق وعمل تهديدي يرتقي إلى درجة تعليم الارهاب والتدريب على الجريمة. وبالطبع من المعلوم ما يدرسونه هم وما يقولونه عن طرد وإبادة الفلسطينيين واصطناع كل الأساطير المؤسسة لاوهام وجودهم وتاريخهم و"دولتهم" ومستقبلهم. نحن لا ننظر في مثل هذه الدراسات والتقارير إلا لدهشتنا الدائمة وحيرتنا المتواصلة من أنفسنا قبل كل شيء. ولذلك نسأل أسئلة مثل عنوان هذا المقال: من يذكر 01 أكتوير1985؟