تكرر الاشياء والمعاني التي لا تصل الى الهدف او النتيجة، ويتكرر الكلام الذي يوغل في التكرار الممل انها ثقافة البرشا التي تتوغل في لغتنا صورة اخرى تتمطط لتصبح عادة يومية للحديث والكلام في حديثنا العادي وبرامجنا التلفزية والاذاعية فمثلا تكررت كلمة برشا في برنامج شمس الاحد ألف ألف مرة من صوت مقدمة البرنامج او من أزيز شرقي غائم لمطرب بلا أغنية ناضجة... انها ثقافة مهمشة لثقافة البرشة. فكم من أغنية بلا أغنية أو أغاني تونسية تتكرر مفردة البرشا داخلها وبينها وحولها عشرات المرات لتكون في الأخير المنطلق لحديث آخر يزاوج بين خليط هذا اللحن الباهت وبين كلمات الشاعر الذي يجعل قواعد الشعر وقواعد اللغة... إنها لعنة «البرشا» تصيب البعض من روّاد فنون الكلام واالحديث وتغزو شيب هذا الجدال الذي يجاري نمو الشكل الآخر للثقافة بكل اجناسها الادبية والفكرية والفنية. فالشاعر يحتاج عذاب اللغوي الذي يحتاج الكثير من عذاب السياسي الذي لا يجيد لعبة الاصغاء وبالتالي يحتاج لعذاب العاشق وهو في لحظات صفائه المصفي الذي يحتاج بدوره لعذاب العراقي وهو يتحدث عن عذاب السجون والمعتقلات... إنها نقيض ثقافة البرشا التي عمت فوضى الغبار الذي يعم حواس البعض ونظره ونظرتنا للنتيجة او من لمسنا للاشياء التي تعيقنا على فعل الشيء او اللاشيء من خلاق تذوّق المعنى ومفردات لغة اخرى كبيرة لقاموس عربي كبير أبعد كل البعد من مفردات «البرشا» و»التهشهيش» و»الفرجنة» نسبة الى «فرجين» وغيرها من ثقافة متسولة وفقيرة. فالانسان أكيد يفكر عادة فيما ينقصه او فيما يعيقه أكثر مما يفكر في أشيائه الموجودة او التي لديه ولغتنا يجب ان نفكر فيها كبضاعة ناقصة يمكن ان نستهلكها وهي موجودة داخلنا اي في فكرنا وفي تواصلنا الحياتي هذه اللغة البحر تبحر بنا الى عمق بحار الكلام الذي لا حدود له من جمال رائق لا سماء له ومن خيوط المحال لمستقبل الاشياء والافعال والكلام.