مع اقتراب موسم المهرجانات تجنّدت مصالح وزارة الثقافة والشباب والترفيه سواء المركزية أو الجهوية لقبول ملفات الترشح للمهرجانات من الفنانين التونسيين بمختلف درجاتهم وأصنافهم ذلك ان دعم الفنانين أصبح «واجبا» من واجبات الوزارة التي تتحمّله وحدها بدون شكر من أحد بل حتى محترفي «العربون» يصنّفون أنفسهم في الصيف «كمبدعين» ويطالبون بالدعم وإن لم يحصلوا عليه تصبح الوزارة «ظالمة» والمسؤولين في مصالحها «يحابون الأصدقاء ويراعون المصالح». إن هذه العقلية وإن كانت خاطئة إلا أننا نجد لها في ضيق السوق ورحابة صدر الدولة وأريحية الوزارة وظروف الفنانين أكثر من مبرّر ولكن السؤال الذي يطرح دائما أين البلديات التي من المفروض أن تكون الشريك الأساسي للوزارة في تحمّل عبء النشاط الثقافي المرتبط بالمدينة وبالوعي المدني وهل يمكن أن نتصور حياة مدنية بدون فكر ولا فن؟ أليس من العيب الكبير أن تتجاهل البلديات هذه المسألة تجاهلا تاما وكأنها غير معنية بالمرة بتنشيط المدينة لا أستثني من ذلك حتى البلديات الكبرى التي تغيب في الصيف في ضوضاء الناموس وفوضى الشواطئ وتنسى أن الموسيقى ضرورية والمسرح ضروري تماما مثل مقاومة الناموس والحشرات والضجيج؟ وواجب البلديات ليس في تخصيص ميزانية للتنشيط فقط بل في تهيئة البنية الأساسية فمعدل مسارح الهواء الطلق ضعيف جدا لا يكاد يذكر قياسا بعدد المهرجانات التي لم تعد تخلو منها قرية ولكن أغلب هذه المهرجانات حتى في مدن كبيرة تتم في فضاءات تربوية؟! وغياب البلديات ليس خاصا بالصيف فقط بل لا نكاد نجدها على مدار السنة وإذا استثنينا البلديات الكبرى: تونسصفاقسسوسةقابس فإن أغلب البلديات سواء في المدن أو القرى لا تعبأ بالثقافة فهل يعقل أن لا تشتري بلدية ما نسخة واحدة من كتاب عنها نشره صاحبه على حسابه الخاص؟ وهل يعقل أن لا تقدم بلدية أخرى مليما واحدا لجمعية تنظم مهرجانا بامكانيات قليلة لتنشيط المدينة وتجميلها وهذا اختصاص البلدية وأن يضطر رئيس تلك الجمعية إلى استضافة المشاركين في بيته لعجزه عن دفع اقامة الضيوف؟ ان اهتمام البلديات بالثقافة يجب أن يكون أكبر في مجتمع راهن على الانسان وعلى المعرفة وعلى الحسّ المدني.. لأن الثقافة والفنون من مشمولات البلديات أيضا تماما مثل «الخروبة» و»الناموس» و»البناء الفوضوي»؟