كلما ارتفعت حدة الانتقادات للممارسات الامريكية في حق المساجين العراقيين في «ابو غريب» تطلع علينا صحيفة امريكية بشهادة تقول بأن «اسرائىل هي استاذ في تعذيب المعتقلين والأمريكان تلاميذ وهواة».. وهي شهادة غير بريئة بالمرة... فهي تهدف الى صرف الانظار عن فظاعات الامريكان في العراق وتحويلها الى ما يعانيه الشعب الفلسطيني عموما الذي يعيش في سجن كبير اسمه الاحتلال الصهيوني، والمعتقلون خصوصا واعدادهم بعشرات الآلاف على ايدي زبانية الاحتلال في معتقلات النقب وغيرها... وهذا تكتيك مرفوض ومفضوح.. مرفوض لأن تسليط الاضواء على فظاعات الصهاينة في سجون الاحتلال لا يعفي الامريكيين من تبعات فظاعاتهم في حق المساجين العراقيين... ومفضوح لأن الهدف ظاهر والغاية معروفة لكل ذي بصر وبصيرة... ذلك ان الاحتلال الصهيوني يجثم على صدر الشعب الفلسطيني منذ قرابة الستين سنة واساليبه في القمع والتعذيب وإهانة الفلسطينيين معروفة وجعلت من الصهاينة فعلا اساتذة في فنون التعذيب وهتك حقوق الانسان... فأين كان ضمير الصحافة الامريكية طيلة هذه العقود؟ ولماذا لا تتذكر «ابداعات» الاساتذة الصهاينة في التعذيب الا عندما يشتد الخناق حول «تلاميذهم» الامريكان؟ وهل نصرف النظر مثلا عن تجاوزات الامريكيين في سجون العراق بدعوى انهم مازالوا تلاميذ صغارا مقارنة بممارسات الاساتذة الصهاينة؟ الى هؤلاء وهؤلاء... كفوا عن الاستهتار والاستغباء... فكلكم اساتذة «مبدعون» في فنون القمع والتعذيب... من معتقلات عسقلان الى سجن «ابو غريب». «معيز ولو طاروا»!! أكدت مؤخرا لجنة امريكية حققت في وجود علاقة مفترضة بين القيادة العراقية السابقة وبين تنظيم القاعدة انتفاء هذه «النظرية» بالكامل... وان نظام صدام بريء من تفجيرات سبتمبر 2001 براءة الذئب من دم يوسف.. ومع ان اللجنة امريكية لحما ودما.. ومع انها كانت معنية بكشف اي خيط يقود الى علاقة من قريب او من بعيد بين قيادة صدام وبين تنظيم القاعدة، فإن الرئيس الامريكي مازال مصرا على وجود مثل هذه العلاقة وكأنما المسألة «وحي يوحى» او «حقائق» تهبط من السماء.. ولأننا نعرف ان زمن الوحي قد ولّى وان السماء لا تمطر اتهامات، فإننا نسأل لماذا يصر الرئيس الامريكي على اتهام صدام ولو على حساب مصداقية لجنة امريكية اللحم والشحم وعملت فوق هذا بتكليف من الإدارة الامريكية وضمّت مجموعة من المحققين والخبراء الاكفاء والذين كان يهمهم العثور على اي خيط يقود الى توريط العراق؟ والجواب عن هذا السؤال واضح وظاهر... وبعد سقوط اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية في الماء... وبعد الخسائر المادية والبشرية التي تتكبدها امريكا بحكم تورطها في مستنقع العراق... فإن الرئىس بوش يحتاج الى تهمة من الوزن الثقيل تلوكها ابواقه الدعائية.. الى حين نهاية الحملة الانتخابية... وقديما قالت العرب «معيز ولو طاروا»!