أثبت المواطن التونسي من الظروف التي تستدعي التضامن والتكافل انه لا يتردد مطلقا في مدّ يد المساعدة للاخر مجسدا بهذا واقع مجتمع متآزر وهو ما تؤكده شواهد كثيرة لعل من ابرزها تجربة صندوق التضامن الوطني 26 ... وإذا كان العمل الخيري بمختلف اشكاله احد تجليات القيم الانسانية النبيلة ا لتي تشكل اطارا واساسا للمجتمع التونسي، فإن الانحرافات المسجلة في هذا المجال تفرض على كل مواطن التعاطي بحذر مع هذا الموضوع في ظل انتشار ظاهرة التحيل. فقد تكاثر المتحيلون الذين ينشطون تحت ستار العمل الخيري في حين انهم يعملون في الواقع على ابتزاز المواطنين من خلال ايهامهم بانهم يتبرعون لعمل خيري والامثلة على هذا الانحراف عديدة بالتأكيد. وهؤلاء يمتلكون بلاشك وسائل اثارة عواطف اصحاب القلوب الرحيمة فينجحون بسهولة في ابتزاز ضحاياهم وتذهب «التبرعات» الى جيوبهم وتستخدم في قضاء مآرب بعيدة كل البعد عن العنوان الحقيقي. وللأسف بات هؤلاء يصلون في معظم الاحيان الى تحقيق هدفهم المتمثل في الابتزاز والسلب بالخداع والمكر مستخدمين جمعيات او منظمات خيرية حقيقية أو وهمية مطية لسلب ضحاياهم مع انه لا صلة لهؤلاء بهذه الجمعيات والمنظمات لا من قريب ولا من بعيد. وللتصدي لهذه الظاهرة والقضاء عليها في نهاية المطاف، اصبح المواطن اولا واخرا مطالبا بتحمل مسؤوليته من خلال التحري الكامل عند المساهمة في العمل الخيري كي تذهب الاموال الى مستحقيها وليس الى جيوب المتحيلين. وفي هذا الباب تحديدا لابد من التأكيد على ان المواصن هو الذي يقدر على ان يضمن سلامة عملية التبرع اذ عليه ان يتأكد تماما من هوية من يجمع التبرعات ومن حقه بالتالي ان يطلب بطاقة تعريف القائم على جمع التبرعات. وليس هذا فقط اذ على المواطن ايضا أن يتفادى الدفع نقدا او يدفع بدل ذلك بواسطة الصكوك حتى لا تذهب التبرعات سدى.