لعل أبرز ما يخرج به المتتبع للبطولة الاوروبية التي تدور حاليا بالبرتغال ظاهرة سقوط الكبار وهو جعل العديد من النقاد يحملون المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك. «الشروق» اتصلت ببعض الفنيين وسألتهم عن الأسباب لنخرج بانطباع أول يقول بسقوط «أوروبا القديمة» وصعود نجم «أوروبا الجديدة».. بعيدا عن السياسة العالمية. ** جلال القادري : أهم عامل حسب رأيي بدني، فما نلاحظه هو ان المنتخبات التي غادرت السباق مبكرا هي التي تملك أكبر عدد من اللاعبين في أكبر البطولات الاوروبية. فهؤلاء بعد ان شاركوا مع أنديتهم يعودون الى منتخباتهم مرهقين ولعل خير شاهد على ذلك بقاء المنتخبات التي اعتمدت على لاعبين من بطولاتها. أما السبب الثاني فيتعلق بمواجهة هذه المنتخبات لمنتخبات تملك خطوط دفاع حصينة وهو ما جعلها تجد صعوبة لاختراقها وليس من باب الصدفة ان المنتخبات التي بقيت في السباق هي التي تملك خطوط دفاع صلبة. وفي خصوص المدربين نلاحظ ان الذين تألقوا هم في جلهم من بلد المنتخبات التي يشرفون على حظوظها (أولسن الدانمارك وأودفوكات الهولندي) والذين بقوا لمدة طويلة على رأسها. ** خالد بن ساسي : اعتقد ان انسحاب الكبار منتظر وليس مفاجأة والسبب تعويلهم على لاعبين كبارا في السن مثل المنتخب الفرنسي على عكس المنتخبات التي بقيت في السباق لأنها عولت على عناصر شابة والنتيجة عادت بالوبال على المنتخبات الكبيرة التي لم يستطع لاعبوها مجاراة النسق ضد لاعبين يتقدون حماسا ونشاطا. كما ان هذه المنتخبات وجدت امامها منتخبات تتمتع بتنظيم دفاع محكم وحرمتها من المساحات الفارغة بالضغط على حامل الكرة والعودة بسرعة الى الخطوط الورائية عند افتكاك الكرة. وفي خصوص المدربين فإن أهم ما يلفت الانتباه اعتماد مدرب المنتخب الفرنسي سانتيني على الاسماء بدل الكفاءات علاوة على أخطاء تكتيكية فادحة كتعويله على تورام على وسط الدفاع عوض عن خطة ظهير أيمن. ** المنذر كبيّر : «اعتقد أن لكل منتخب أسبابه الخاصة في الانسحاب. ففي خصوص المانيا فالامر يتعلق بنهاية الجيل الذهبي الذي أهل الالمان للسيطرة على الكرة في العالم. أما بالنسبة لفرنسا فأعتقد ان السبب هو غياب الرغبة لدى اللاعبين بعد عديد الألقاب التي نالوها كما ان للمدرب قسطا من المسؤولية بتعويله على لاعبين ليسوا في أوج استعداداتهم مثل تريزيقي مقابل التخلي عن خدمات عناصر أخرى كان بالامكان ان تفيد المنتخب مثل بيدراتي وروتان وساها الذي افتك مكانا في التشكيلة الأساسية بمانشستر مكان فان نيسترلوي رغم قيمة هذا الاخير. وفي ما يتعلق بالمنتخب الانقليزي فإن عاملا واحدا وراء انسحابه وهو سوء الحظ وأذكر هنا مثلا الركلات الترجيحية ضد البرتغال والمردود الجيد الذي قدمه خلال المقابلات الاولى التي خاضها. وفي خصوص المنتخب الايطالي فقد ذهب ضحية اختيارات مدربه تراباتوني التي تعتمد الدفاع المكثف في حين انه يعج بالمهاجمين الذين يعتبرون من أفضل ما في العالم مثل كاسانو ودال بيارو وفييري وتوني وديفايو وكورادي. ** علي الكعبي : «سقوط المنتخبات الكبيرة دليل على ان المهارات الفنية لم يعد لها مكان في الكرة الحديثة التي أصبحت تعتمد أكثر على الانضباط التكتيكي واللعب الجماعي. فالاسماء الرنانة لم يعد لها وزن الا اذا ما انصهرت في بوتقة المجموعة مثلما حصل مثلا في تشيكيا التي تمكنت من هزم المانيا رغم نزولها بتشكيلة احتياطية وعلى عكس الكبار فقد برزت منتخبات مغمورة مثل اليونان لأن لاعبيها يريدون البروز والحصول على عقود احتراف. أما السبب الثاني لسقوط الكبار فهو الارهاق البدني والذهني للاعبين الذين يشاركون في بطولات قوية وعلى عدة واجهات وهو أمر يستدعي اعادة النظر وذلك بإدخال تحوير على تاريخ اجراء هذه الدورة باختيار موعد مناسب. ** سمير السليمي : مراجعة التوقيت اعتقد ان هناك العديد من العوامل التي ساهمت في خروج المنتخبات التقليدية وهذه العوامل قد تكون خاصة وعامة. أما الخاصة بالامكان التحدث عن كل منتخب منفصلا عن الآخرين وهذا موضوع آخر لأن كل منتخب له ظروفه وأما العوامل العامة التي نتحدث عنها في هذا التحقيق والتي تهم كل المنتخبات الكبرى المنسحبة فيمكن تلخيصها في ثلاثة عوامل : العامل الاول هو الارهاق البدني والذهني والاكيد ان لاعبي منتخبات فرنسا وايطاليا واسبانيا وانقلترا يلعبون في مستوى عال جدا طوال الموسم في البطولات المحلية ولذلك فإن التوقيت سيء ونفس الملاحظة نسوقها بالنسبة الى توقيت كأس العالم ومن الافضل ان تدور تظاهرات بهذا الحجم في وسط الموسم. ومن الصعب جدا ان يكون اللاعب جاهزا بدنيا وذهنيا بعد موسم طويل وشاق ولذلك مرّ نجوم ايطاليا فرنسا واسبانيا والمانيا بجانب الحدث. العامل الثاني : هو المعرفة الدقيقة لخصال اللاعبين المشهورين فلاعبو فرنسا وايطاليا وانقلترا واسبانيا يعرفهم المنافسون جيدا ويعرفون كيف يتصدون لهم على عكس لاعبي اليونان وبعض لاعبي تشيكيا والبرتغال ولذلك وجد اللاعبون المعروفون صعوبات كبيرة في النجاح لأن المنافس يعرفهم جيدا. أما العامل الثالث فهو نجاح بعض المدربين الذين أكدوا ان دور المدرب يبقى دائما حاسما في كرة القدم والرياضات الجماعية وقد لاحظنا جميعا منذ بداية الدورة كيف ان منتخب تشيكيا يتحول الى آلة لتسجيل الاهداف في الاشواط الثانية وهذا دليل على قدرة المدرب بروكنار وكذلك مدرب اليونان أوتو الذي أكد براعته في هذه الدورة. ** فريد بن بلقاسم : الواقعية سقوط الكبار ليست ظاهرة خاصة بكأس أوروبا بل لاحظنا ذلك في كأس العالم الاخيرة عندما غادرت فرنسا وايطاليا والارجنتين وغيرها وتألقت تركيا وكوريا الجنوبية ولذلك يمكن القول ليس هناك «كبار» في كرة القدم الحديثة والمنتخبات التي كانت أكثر واقعية هي التي حققت النجاح. واذا تابعنا منتخب فرنسا الكثير من الغرور اذ اعتبر لاعبو هذا المنتخب أنفسهم الافضل واعتقدوا ان الفوز بالكأس من تحصيل الحاصل لذلك كانت الخيبة على عكس منتخب تشيكيا الذي يمتاز بالواقعية ويلعب دائما من اجل الانتصار وقد قدم درسا في كرة القدم عندما فاز على المانيا بالتشكيلة الاحتياطية ورغم انه ضمن التأهل بعد لقاءين. في كأس أوروبا الحالية وفي كأس العالم السابقة تأكد بما لا يدع مجالا للشك ان كرة القدم لعبة جماعية ولا يمكن الحديث عن الفرديات الآن. هناك عامل آخر هام وهو الحضور الذهني والبدني للاعبين الكبار الذين يعانون من الارهاق بعد موسم طويل وشاق والاكيد ان اللاعب له طاقة محدودة ويحتاج وقتا للراحة ولا يمكن ان يكون على امتداد 12 شهرا في أفضل حالاته البدنية والذهنية. ** الحبيب الماجري : اعتقد ان السبب الرئيسي لسقوط الكبار بدني وهو ما يفسر غياب الحيوية في أداء اللاعبين وقد يكون هناك مشكل يتعلق بغياب التدرج في نسق التمارين، ولعل ذلك يعود الى تواجد عدد كبير من لاعبي هذه المنتخبات في البطولات الاوروبية القوية على عكس المنتخبات الصغيرة التي أظهر لاعبوها انتعاشة بدنية كبيرة مثلما حدث مع المنتخب التشيكي خاصة وحتى اللاعبون المنتمين الى أندية أوروبية فإنهم لا يلعبون فيها باستمرار. ومقابل ذلك برزت منتخبات صغيرة مثل اليونان التي تألقت بفضل تنظيمها الدفاعي والانسجام بين لاعبيها وهو ما عوض النقص الفني لدى لاعبيها. ** سالم التباسي : أهم عامل وراء سقوط المنتخبات الكبيرة العامل البدني بسبب الارهاق الذي انتاب اللاعبين جراء مشاركاتهم المكثفة في البطولات الاوروبية ذات النسق الرفيع قد انجر عن ذلك ارهاق ذهني وعدم تركيز لدى اللاعبين ولعل خير شاهد على ذلك السلوك الصادر عن توتي ضد لاعب دانماركي واهدار بيكام لضربتي جزاء رغم مهاراته الفنية العالية. أما العامل الثاني فهو اعتماد بطولات هذه المنتخبات على اللاعبين الاجانب وهو ما حصل على حساب اللاعبين المحليين مما جعل البطولة أقوى من المنتخب. والمطلوب هو اعادة النظر في تاريخ اجراء البطولة الاوروبية وكذلك كأس العالم وذلك بتحديد موعد ملائم يسمح للاعبين بتعزيز صفوف منتخباتهم في ظروف بدنية جدية. * فريد كعباشي