تحديد السعر المرجعي لأضاحي العيد بنقاط البيع المنظمة    تراجع عائدات صادرات التمور بنسبة 4.3 بالمائة    تعيين مكتب جديد لتسيير الرابطة الوطنية لكرة اليد النسائية    الليلة: خلايا رعدية محلية بالشمال والوسط مصحوبة بأمطار    الإطاحة بسارق حقيبة طبيب بمستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    كلية الطب بصفاقس تتحصل على الاعتماد في دراسات الطب لمدة 4 سنوات    عاجل/ إجتماع أوروبي في بروكسيل يناقش تعليق التجارة وفرض عقوبات على اسرائيل    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    تعيين خبراء لتدقيق التقرير المالي للنادي الإفريقي    القيروان: أسعار أضاحي العيد بين 700 و1200 دينار    السينما التونسية تحصد أربع جوائز في اختتام الدورة التاسعة لمهرجان العودة السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    حيّ هلال: حجز 310 صفائح 'زطلة' و100 غرام كوكايين لدى زوجيْن    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكاس للسيدات: تأهل الجمعية النسائية بالساحل الى الدور نصف النهائي    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    عاجل/ بريطانيا تستدعي سفيرة اسرائيل لديها وتتّخذ هذا الإجراء    سعر الأضاحي يصل 1400 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    في قضية رجل الأعمال يوسف الميموني: تمديد الإيقاف التحفظي بمحام    تونس: صابة قياسية في الفستق    اتهام ابنتي نور الشريف بالاستيلاء على مليون جنيه    بالفيديو تعرف على المشهد الذي أبكى عادل إمام وتفاصيله    تشامبرز: لن نعترف بأي قرارات جديدة من هيئة دخيل قبل استشارة فريق عملي    خلال ندوة رفيعة المستوى بجنيف.. تونس تبرز تجربتها في المشاركة المجتمعية في السياسات الصحّية    10 سنوات سجنا لمروج كوكايين بحي النصر والمنازه    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    في عيد الأم: 6 هدايا بسيطة... بقلوب كبيرة!    أمطار أفريل: الشمال والوسط يُسجّلان معدلات قياسية    جريمة قتل مروعة/ فصل رأسه عن جسده: شاب ينهي حياة والده شيخ 95 سنة..!    مجدي الكرباعي : "رابطة حقوق الإنسان دافعت عن المهاجرين ولم تصمت عن الترحيل القسري"    لا ترشحات لرئاسة النادي الصفاقسي    مصر: سقوط طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    نقابة التاكسي الفردي: نسبة نجاح الإضراب تجاوزت 95% وتعليق مؤقت في انتظار نتائج التفاوض    ساحة باردو: تحويل جزئي لحركة المرور ودعوة مستعملي الطريق إلى الحذر    في هذه الولاية..وفرة في الأضاحي وأسعار أقل ب150 دينار مقارنة بالسنة الماضية    بشرى سارة: انخفاض أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    انطلاق عملية التسجيل وإعادة التسجيل في رياض الأطفال البلدية التابعة لبلدية تونس للسنة التربوية 2026-2025    إطلاق خط جوي جديد دبلن – النفيضة    اليوم في الجلسة العامّة: البرلمان يحسم في تنظيم العقود ومنع المناولة    السجن ثم السفارة: المصادقة على تعيين أب صهر ترامب سفيرًا بفرنسا وموناكو...مالقصة؟    طرابلس: العثور على 58 جثة مجهولة الهوية في مستشفى    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    النائب رؤوف الفقيري: السجن لكل من يُمعن في التشغيل الهش... ومشروع القانون يقطع مع عقود المناولة نهائيًا    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    نابولي وإنتر دون مدربيهما في الجولة الختامية من الكاتشيو    رئيس الجمهورية: الثورة التشريعية لا يمكن أن تتحقق الا بثورة في إدارة المرافق العمومية    طهران: تونس تدعو دول منظمة التعاون الاسلامي إلى إقامة شراكة متضامنة ومستدامة في مجال البحث العلمي    الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    خلال الحفل السنوي بفرنسا...تتويج تونسي في مهرجان «كان» السينمائي    المهدية... في اختتام شهر التراث.. «الجبة» واللّباس «المهدوي» في قائمة «اليونسكو»    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    الخطوط التونسيّة تؤمن 44 رحلة لنقل 5500 حاج خلال موسم الحج    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









خميسيات آدم فتحي: المسرحية الفاشلة
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

فجأة حاصرتنا برّا وبحرا وجوّا مسرحية تم اخراجها على عجل بممثلين فاشلين وبديكور ناقص وبموسيقى باهتة وبنص أقرب الى الايماء. ولا أدري لماذا استقر في ذهني أنها مسخ لمسرحية «زيارة السيدة العجوز» للمبدع السويسري فريديريك ديرنمات (1990-1921).
مرة أخرى ترفض الصورة أن تؤدي دور الخادم.
ابتسم للصورة. هكذا كان الصوت القديم يهمس في ذاكرتنا مصحوبا بأول آلة تصوير، لم تعد الابتسامة هي المطلوبة الآن. حاولت العبقرية «المونتاجية» أن تكشف لنا عن «شراسة» السجين، ان تختار لنا أكثر زوايا وجهه افتقارا للبعد «التيليجينيكي».. فكشف لناعن ان «المصور / السجّان» يكذب هو ايضا ويزيف ويحاول ان يمكر بالحقيقة. هكذا لم يعد السؤال : من هو السجين؟ وماذا ارتكب؟ بل أصبح السؤال : ما الفرق بين السجين والسّجان؟
ما الفرق بينكما؟ يصرخ الجمهور.
لا بد من التميز في مثل هذه اللحظات، لذلك تكون الصورة شديدة الأهمية، لا بد أن أطمئنّ الى أنك مختلف، لا بد أن أتأكد من أنك لا تقصي كالآخر، ولا تنصب المشنقة قبل الاستماع الى المتهم، ولا تستغل خوفي كي تبرر المؤقت الذي يدوم. ولا تعتدي على القانون باسمي. كلاكما جاء على صهوة دبابة وأصبح ملكا على بغداد، الفرق الوحيد ان أحدكما نصّب نفسه والآخر نصّبه الأمريكان. هكذا يصرخ الجمهور. وأنا في حاجة الى أن أعرف أن أحدكما مختلف عن الآخر. أن أحدكما صادق حقا وديمقراطي حقا، وليس بصدد لعب دور المتمسكن حتى يتمكن...
لابد من التميز، لذلك فشلت الصورة، أرتنا الصورة الأنياب نفسها تلمع. المحاكم الاستثنائية نفسها، التلاعب بالقانون، العبارات نفسها (قطع الأيدي، قطع الأعناق، الاعلان عن حالة الطوارئ...) الجرائم نفسها اذن ترتكب باسم القصاص والعدالة.
ما العلاقة بين العدالة والجريمة؟ هل تبرر العدالة الجريمة؟ هل يجوز ارتكاب الجريمة باسم العدالة؟ أسئلة طرحها المسرح كثيرا، خاصة ديرنمات في مسرحيته «زيارة السيدة العجوز» تسقط فتاة فريسة اغواء رجل بلا ضمير، فترحل بعيدا وتختفي عن الانظار، وحين تصبح مليونيرة تعود الى مدينتها الاصلية وتغري السكان بالمال كي يقتلوا الرجل الذي أغواها...
بعض النقّاد رأى في هذه الزائرة العجوز الوجه الأنثويّ للكونت دي مونتي كريستو. ذهب البعض الآخر بالتأويل الى حدود الكاريكاتور، معتبرا المسرحية تصويرا للعلاقة بين أمريكا وأوروبا. تقع الفتاة (أمريكا) ضحية الغواية فتضيق بها مدينتها كما تضيق بالبغايا، وبعد زمن تعود الى مدينتها الاصلية (أوروبا) في «زيارة» انتقام وقصاص قوامها المال (مشروع مارشال)... تأويل لا يخلو من جوانب مضحكة،وإن كان صالحا لتصوير العلاقة بين اسرائيل والغرب ايضا. فمن مواهب اسرائيل الواضحة احتراف دور «الضحية» وتأثيم الآخرين الى درجة العمى والصمم.
لكن للعمى حدودا وللصمم نهاية.
ديرنمات نفسه الذي كتب سنة 1975 مقالة شهيرة دفاعا عن اسرائيل، تراجع عن رأيه سنة 1982 قائلا لجريدة لوموند : «لا أستطيع الآن أن أكتب مثل تلك المقالة فقد فقد الاسرائيليون اليوم تفوقهم الأخلاقي، ولا يمكنهم الحديث دون نفاق عن أوشفيتس، انهم يستخدمون ضد الفلسطينيين أسالب تليق بالغستابو...»
قال ديرنمات هذا الكلام سنة 1982 فماذا لو رأى بشاعات شارون سنة 2004؟ وماذا لو ذهب الى أبعد من ذلك، فأشار الى أحد أسباب مأزق العالم اليوم : فقدان أكبر قوة في الغرب «تفوقّها الاخلاقي»؟ ذاك ما فضحته الصورة (الصورة حين تجلت كمسرحية فاشلة) معلنة عن ان الجميع في الهواء سواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.