القاهرة «الشروق»: محمود عبد الحميد الدكتور بركات الفرا السفير المناوب لفلسطين بالقاهرة وممثل حركة «فتح» يحظى بشعبية واحترام كبير في الأوساط الديبلوماسية وأوساط الجالية الفلسطينية بالقاهرة وأبناء قطاع غزة وكانت أبرز المؤشرات على الشعبية التي يحظى بها فوزه مؤخرا بعضوية المجلس الثوري لحركة «فتح». التقت «الشروق» مع الدكتور الفرا في حوار شامل عن الشأن الفلسطيني العربي وفق آخر المستجدات على الساحة، حيث أوضح لنا أن الخلافات بين العراق وسوريا لم تغط على القضية الفلسطينية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورته 132 ودعا إلى مضاعفة الجهود الرامية للضغط على إسرائيل لوضع حد لانتهاكاتها بحق القدس والشعب الفلسطيني مؤكدا أن أحدا لن يرضى بدولة فلسطينية مقطوعة الأوصال كما ناشد جميع القوى الفلسطينية تغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وتهيئة الأجواء لإنهاء حالة الانقسام وقال «إنه رغم خلافنا مع حماس فإننا نعتبرها جزءا من الشعب الفلسطيني ولا نعتبرها عدوا لنا لأن عدونا كان وسوف يظل إسرائيل ولن يكون لنا عدو آخر غيرها». وفي ما يلي نص الحوار: برأيكم هل غطت المشاكل الأخيرة بين العراق وسوريا على القضية الفلسطينية برغم التهديدات الخطيرة التي ظهرت في التصعيدات الأخيرة للحكومة الاسرائيلية؟ كان من الطبيعي أن تستحوذ قضية الخلافات بين العراق وسوريا على جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية ولكن في ما يخص القضية الفلسطينية، فقد ناقشنا تسعة مواضيع تشمل متابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية، والصراع العربي الاسرائيلي، ومبادرة السلام العربية، ومتابعة تطورات ما يجري من عدوان إسرائيلي في القدس، وقضايا الاستيطان والجدار العنصري، ودعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، ودعم موازنة السلطة الوطنية ودعم صمود شعبنا بالاضافة إلى تقرير توصيات مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول المضيفة في دورته ال82، وتقرير عن أعمال المكتب الرئيسي والمكاتب الاقليمية لمقاطعة إسرائيل، والأمن المائي العربي، وسيطرة إسرائيل على المياه في الأراضي العربية المحتلة، بالإضافة إلى بحث التضامن مع لبنان وسوريا. وقد ركز الوفد الفلسطيني على قضيتين أساسيتين هما الاستيطان، والقدس، فالمدينة المقدسة تتعرض لهجوم إسرائيلي غير مسبوق يستهدف محو هويتها العربية والإسلامية، ولا بد من مواجهة هذا الموقف باجراءات عملية، وليس مجرد الاكتفاء بالتصريحات. كما هو معلن وكما أكدتم عليه فهناك خطر محدق بالقدس من جانب إسرائيل فكيف يمكن أن تصف لنا التطور الأخير الذي وصلت له هذه المخاطر وتقييمكم للتحرك العربي لمواجهة ذلك؟ المخاطر الاستعمارية للسياسة الاسرائيلية تهدد الأراضي الفلسطينية بشكل عام ومدينة القدس وبلدتها القديمة على وجه الخصوص والمخططات الاسرائيلية المختلفة تهدف لتحقيق هدفين أساسيين هما فرض أمر واقع جديد على الأرض وإيجاد خلل ديمغرافي لصالح اليهود، وتزوير تاريخ المدينة ويظهر ذلك جليا من خلال جرائمها المتواصلة سواء بسفك الدماء في ساحات الأقصى أو في محيطه، أو سحب هويات المقدسيين وإجبارهم على الهجرة، وكذلك قيام خبراء الآثار الاسرائيليين بالتقاط مجموعة من الصور داخل المسجد الأقصى ونقلها للكنيست الاسرائيلي وكلها مؤشرات على تنامي الخطر المحدق بالأماكن الإسلامية في المدينة المقدسة. ولا بدّ أن أؤكد أن الكل مقصر بدرجة أو بأخرى في مواجهة هذه المخاطر ويستوي في ذلك الدول العربية والإسلامية ويكفي أن نعلم أن صندوق الأقصى الذي أنشئ لغرض دعم أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسسات مدينة القدس بات شبه فارغ من الأموال بسبب عدم تسديد الدول العربية حصصها في الصندوق ويجب مضاعفة الجهود الرامية للضغط على إسرائيل لوضع حد لانتهاكاتها بحق المقدسات في القدسالمحتلة والتحرك على مستوى دول الاتحاد الأوروبي ودول عدم الانحياز وراعيي عملية السلام لحثهم إلى التدخل ووقف الانتهاكات الاسرائيلية. كيف تنظرون إلى ما طرحه نتانياهو رئيس حكومة الاحتلال بشأن توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وعدم ظهور موقف جدي على الأرض من إدارة الرئيس الأمريكي أوباما يترجم ما سبق وأعلنه بشأن الاستيطان؟ يجب على الإدارة الأمريكية البدء في خطوات عملية تتضمن وقف الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية لأن أي تحرك جاد لإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي يجب أن ينطلق من إزالة جميع أشكال الاستيطان والاستعمار، والكل يعلم أنه لن يقبل أحد بدولة فلسطينية مقطوعة الأوصال وأن الممارسات الاسرائيلية في القدسالمحتلة تتنافى مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الانساني، وكذلك قرارات مجلس الأمن الدولي. وسط كل هذه الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي والإنساني كدولة احتلال نجد البعض في الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يدعو العرب إلى البدء بالتطبيع مع إسرائيل من أجل تعزيز الثقة لاستئناف عملية السلام.. ما ردكم على هذا المنطق المقلوب؟ انه شيء يدعو إلى التعجب وليس الانتقاد فقط وما يهمنا التأكيد عليه هو أن التطبيع المجاني جريمة يرفضها العرب والمسلمون لأن الكل يعلم ان العائق الأساسي أمام احداث تقدم في عملية السلام وهو عدم اعتراف اسرائيل بمبادرة السلام العربية، وتهرب دولة الاحتلال من تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة وبالطبع إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود فإن كل الخيارات أمامنا سوف تكون مفتوحة بما فيها العمل المسلح فهذا حق لنا وفق الشرعية الدولية. حملت حركة «حماس» في تصريح سابق لكم كامل المسؤولية عن تأخير انجاز اتفاق المصالحة الفلسطينية... فما دلائلكم على ذلك خاصة وأن حماس تحمل فتح المسؤولية بالدرجة الاولى أيضا؟ يكفينا فقط النظر الى الذرائع التي ساقتها الحركة للتهرب من مسؤولياتها التاريخية والوطنية فكلما اقتربنا من الحل المنشود تخرج حماس بشيء جديد أو مطلب آخر فتارة يتذرعون بالمعتقلين، وأحيانا بملفات اخرى واذا نظرنا الى فتح فهي تنازلت كثيرا لأجل انجاح الحوار. ورغم خلافنا مع حماس فإننا نعتبرها جزءا من الشعب الفلسطيني ولا نعتبرها عدوا لنا لأن عدونا كان وسوف يظل اسرائيل ولن يكون لنا عدو آخر وعلى هذه الخلفية أناشد جميع القوى تغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وتهيئة الأجواء لانهاء حالة الانقسام والاستجابة الى المصالحة الفلسطينية وانجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، والانحياز الى الحل العقلاني والواقعي لأزمة الانقسام الفلسطيني. وهل تعتقد أن اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها يمكن ان يكون اساسا للخروج من المأزق الذي تمر به المفاوضات؟ حماس تعرقل المفاوضات فنحن لا نريد ان يبقى معتقل لحماس او غير حماس في السجون الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو غزة الا إذا كان هذا وفق احكام قضائية ويكفي الاسرى الموجودون في السجون الاسرائيلية والتي يشكل أبناء فتح غالبيتهم وحتى اذا اخرجنا كل المعتقلين سوف تطالب حماس بشروط أخرى... فهي تخشى اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لأنها تدرك ان تلك الانتخابات ليست في صالحها بعد ان فقدت شعبيتها في الشارع الفلسطيني ولذلك فهي تحاول عرقلة الانتخابات بكل الطرق. دعنا ننتقل الى قضية أخرى ونسأل ما تقييمكم لنتائج الانتخابات الاخيرة لحركة فتح والتي جرت مؤخرا في الضفة الغربية؟ أولا فإن انعقاد مؤتمر فتح في حد ذاته مكسب كبير لحركة فتح ولكل أبناء الشعب الفلسطيني كله لأن حركة فتح هي التي قادت النضال الفلسطيني طوال العقود الماضية ومن أبرز النتائج نجاح جيل الشباب على حساب الكبار وأرى أن هذا شيء طبيعي لأن المؤتمر لم ينعقد منذ 20 عاما وخلال هذه الفترة حدثت استحقاقات كثيرة منها تقدم عدد كبير من رموز الحركة في السن وهذه ظاهرة صحية ودلالة على أن حركة فتح كانت وستظل حركة ثورية وفي المقابل أبقت الحركة على عدد من رموزها في القيادة وهذه أسمى معاني الوفاء.