مرة اخرى تتم ادانة اسرائيل في تقرير دولي مشهود رغم حرص اصحاب تلك التقارير على عدم افراد اسرائيل بالادانة عندما تتم الاشارة كذلك الى ان «حماس» ارتكبت هي ايضا جرائم حرب... ورغم هذا الموقف غير المنصف الذي يتخذ الى جانب اسرائيل، فان هذا التقرير يكتسب نصيبا هاما من المصداقية بالنظر الى انه تقرير صادر عن الاممالمتحدة، متوجا بذلك جملة من المواقف و التقارير التي اتخذت بشان عدوان غزة من قبل عدة منظمات و هيئات دولية. وقد اكدت كل تلك الهيئات و المنظمات و الجهات الدولية، بشاعة الجرائم التي ارتكبت من قبل اسرائيل، السياسة والجيش. ولئن لا يمكن القبول باستمرار ادانة الضحية في عدوان خلف اكثر من 1300 شهيد وآلاف الجرحى، فانه ينبغي العمل على الا تكون ادانة الفلسطينيين ايضا، مقابل ادانة اسرائيل، هي نوع من المقابل او الثمن، الذي ينبغي ان يدفعه الشعب الصامد من اجل شهادة تكشف جزءا من ممارسات هذا الكيان الذي يحظى بحماية دولية ضمنية. شهادة هي في حقيقة الامر، من ابسط حقوق الشعب الفلسطيني ، لدى هذا المجتمع الدولي الذي عجز عن حمايته ، كما عجز عن ايجاد تصور لحل يضمن الحد الادنى من حقوقه. شهادة ينبغي استغلالها من اجل اطلاق مسار التحقيق في الجرائم الاسرائيلية التي ارتكبت في غزة، وفي كل الجرائم الاخرى التي ترتكب في الضفة الغربية و في حق الفلسطينيين عموما . واذا كان هذا التقرير صادرا عن الاممالمتحدة، فإنه ينبغي ان يكون ذلك مقدمة للعمل المنتظر بعد اي تحقيق، وهو اتخاذ ما يلزم من الاجراءات المناسبة للخلاصة التي توصل اليها التحقيق ، بشان عدوان غزة تحديدا، لمعاقبة المسؤولين الضالعين في ذلك العدوان من ناحية، ولمواجهة اثار ذلك العدوان من ناحية اخرى . وقد بات معلوما ما يعانيه ابناء غزة من صعوبات و مشاكل بسبب استمرار اثار ذلك العدوان دون علاج ، و بسبب التجاهل الذي تواجه به قضية المحاصرين في غزة. ثم ان منظمة الاممالمتحدة التي طلبت تحقيق ريتشارد غولدستون، هي هيئة سياسية بامتياز وينبغي ان تنظر الى قضية الشعب الفلسطيني في شموليتها، باعتبارها قضية شعب محتل، وباعتبارها قضية سياسية وامنية، تعرض السلم والامن في العالم للاهتزاز طالما لم يتم ايجاد الحل المناسب لها. والاممالمتحدة معنية بذلك قبل غيرها من كل الهيئات الدولية الاخرى. المطلوب ايضا، ان يكون هناك دفع عربي باتجاه تفعيل هذه التقارير التي تصدر هنا وهناك وتتخذ مواقف الادانة لاسرائيل، و لممارساتها، حتى لا تكون مثل تلك التقارير مجرد تنفيس عن غضب او تخفيف عن ضمير.