يقول خبراء الصحة إن فصل الخريف يمثل اختبارا حقيقيا لجهاز مناعة الانسان باعتباره الفصل الذي تنشط فيه البكتيريا والفيروسات بشكل لافت مما يتسبب في حدوث متاعب صحية كثيرة وأمراض تنفسية يمكن تجنب بعضها ويصعب الوقاية من بعضها الآخر. ويحل فصل الخريف هذه السنة، استثنائيا، بعد أن انضاف هاجس صحي جديد يرعب الكثيرين وهو انفلونزا الخنازير الى المجموعة التقليدية والمتعارف عليها بما يسمى «أمراض الخريف». وفي النهاية، يبقى الهدف الأساسي لكل شخص هو مرور هذا الفصل دون حدوث أية تعقيدات صحية، وهي نتيجة يمكن أن نؤمنها باتباع وسائل بسيطة تتمثل في الوقاية والتصرف بحكمة عند الاصابة. وفي هذا السياق يقول أخصائي في أمراض الجهاز التنفسي: في هذا الفصل يتقلب الجو بشكل كبير بين الليل والنهار مع فترة اعتدال بينهما قد لا تكون كافية لتحصين الجسم وحمايته بصورة جيدة إذا لم يكن مستعدا لهذا التغيير، ونقصد بهذا جهاز المناعة. ويضيف أن هذا الفصل يعتبر الفصل الأنسب لظهور الأمراض التنفسية لدى شرائح كبيرة من الناس فيكثر بذلك عدد المرضى ولا سيما الأطفال، مفسرا ذلك بهجوم الفيروسات والبكتيريا المنتشرة بكثرة في الأماكن العامة، حيث يكثر الاختلاط ساعات طويلة خاصة في المدارس والمحاضن، مما يهيئ الجو الملائم لانتشار العدوى. لا للتداوي الذاتي عن أمراض الخريف الشائعة، يقول الأخصائي يعد الزكام المرض الفيروسي الأكثر شيوعا وهو متعدد الاشكال بتعدد وتنوع الفيروسات المسببة له، وأعراضه معروفة من احتقان الأنف والعطس والارتفاع الطفيف في درجة الحرارة في بعض الأحيان، وعلاجه بسيط بالأدوية خافضة الحرارة والمسكنات ان لزم الأمر وهو لا يتطلب تناول المضادات الحيوية. وكذلك الشأن بالنسبة لنزلات البرد أو «القريب»، التي تظهر أعراضها في ارتفاع درجة الحرارة واحتقان الأنف والحنجرة وأحيانا احتقان الأذنين مع شعور بالتعب وآلام في العضلات والمفاصل، وتتطلب ملازمة الفراش واللجوء الى الراحة، فلا تتطلب سوى تناول مضادات الحرارة والألم، دون استعمال المضادات الحيوية. وينصح المرضى بالابتعاد قدر الامكان الى التطبيب الذاتي لأنه قد يعرض المريض لارتكاب الأخطاء ويعرض بذلك صحته للخطر لأن الطبيب هو المؤهل الوحيد لتشخيص المرض ووصف العلاج المناسب. واستدرك بالقول ان بعض حالات نزلات البرد قد تسبب مضاعفات اذا طالت مدتها وخاصة عند الأشخاص ضعيفي المناعة كالعجزة ومرضى بعض الأمراض المزمنة وضيق التنفس وقد تتحول الى مرض جرثومي ومن المضاعفات المحتملة الاصابة بالتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الاذن والتهاب القصبات الهوائية حينها يتطلب الأمر اللجوء الى الطبيب واستعمال المضادات الحيوية. أما الانفلونزا الموسمية فهي الأشد وطأة وتتطور كل عام ولعل انفلونزا الخنازير تعد أحدث أشكالها. وتكون أعراضها أكثر هجومية وفجائية فقد يكون الشخص مثلا في حالة جيدة ثم ترتفع حرارته بشدة خلال ساعتين ويُصاب بصداع شديد وآلام مبرحة في عضلات الظهر والذراعين وسعال شديد وإرهاق.. احتياطات وقائية ينصح الأخصائي ويؤكد خاصة على ضرورة الاحتياط لأمراض الخريف قبل حلول هذا الفصل، وتتمثل أنجع الوسائل للوقاية من أمراض الخريف على اختلاف أنواعها، في الاهتمام بتقوية جهاز المناعة الذي يعد صمام الأمان ضد كل هذه الأمراض، وذلك بالمحافظة على نمط حياة صحي ونظام غذائي صحي كذلك، وهذا يعني بالخصوص الانتظام في الغذاء والنوم وتجنب المواد الغذائية الحاوية على الكثير من فيتامين «أي» والأصباغ والمواد الحافظة لأنها ترهق الجسم وتستنفد طاقته فلا يعود قادرا على التعامل مع الطوارئ الصحية المحتملة. حتى بعد دخول فصل الخريف، يمكن لنا تأمين كفاءة عالية لنظام المناعة لدينا عن طريق تناول المنشطات الحيوية الطبيعية التي توجد في الخضر والفواكه لا المضادات الحيوية، ومن هذه المنشطات الحيوية حامض «أوميغا 3»و فيتامين «د» الذي يقوي مناعة الانسان ويمثل مصدرا هاما للوقاية من مختلف الأمراض الفيروسية. أما فيتامين «سي»، فهو المكون الأساسي للمناعة من أمراض الخريف والشتاء، لكنه ينفع للوقاية لا للعلاج، وليس بالضرورة تناوله على شكل أقراص فهو موجود في العديد من الخضر والحمضيات. وينصح بالخصوص بالابتعاد قد الامكان عن الأطعمة المعلبة الحاوية للمواد الحافظة ومختلف المضافات الأخرى التي تضر بمناعة الانسان وتضعفها، كما يؤكد على أهمية الرياضة كعنصر وقائي يعمل على تنشيط الجسم وتقويته. وبالاضافة الى ذلك، يحبذ تعويد الجسم شيئا فشيئا على البرودة وعدم المبالغة في تدفئة المنازل ومواقع العمل، إذ يكفي الحفاظ على درجة حرارة لا تتجاوز 21 درجة، أو 22 درجة مائوية في أقصى الأحوال خلال ساعات النهار، أما في الليل فيفضل ألا تتجاوز 18 19 درجة مئوية في الغرفة أو البيت. وفي خلاصة القول، تلعب ثلاثة عوامل مهمة دورا حاسما في تحصين وتعزيز نظام المناعة ضد الأمراض الفيروسية وهي اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الحركة الكافية والعيش بدون توتر وقلق. ويعتبر الطعام الصحي الأكثر أهمية، إذ يجب أن يكون خال من الدسم مع التركيز على اللحم الأبيض والسمك والحبوب وتناول القدر الكافي من الماء وعلى تناول خمس وجبات ويوميا منها وجبتان تتضمنان الفواكه والخضر المصدر الرئيسي للفيتامينات والمعادن والتي تعتبر أيضا أساس الصحة.