استغنت مديرة روضة أطفال عن خدمات احدى العاملات لديها بعد حوالي 5 سنوات من انتدابها ورفضت منحها شهادة تؤكد تلك الفترة التي قضتها داخل مؤسستها الامر الذي دفع العاملة للالتجاء الى تفقدية الشغل التي فتحت بحثا في الرواية لتحديد مدى صحتها وإثبات العلاقة الشغلية بين الطرفين وبمجرد أن بلغ خبر احالة ملف العاملة على أنظار المحكمة عمدت مديرة الروضة الى اختطاف العاملة من منزلها على متن شاحنة قبل أن تعتدي عليها بالعنف وتهددها باغتصاب طفلتها وبقطع أوصال ابنها الصغير إن هي لم تتراجع عن شكايتها الموجودة لدى تفقدية الشغل وذلك خلال شهر أوت من السنة الفارطة بجهة المنار بالعاصمة. مديرة الروضة وهي في العقد السادس من العمر وسائقها قوضيا ابتدائيا حضوريا بالسجن 6 أعوام لكل واحد منهما بعد أن وجهت إليهما تهم اختطاف شخص باستعمال العنف والتهديد بما يوجب عقابا جنائيا فيما قوضي باقي المظنون فيهم بعدم سماع الدعوى (3 أشخاص). وفي الجلسة الاستئنافية تم قبول مطلب الاستئناف شكلا لكن تم اقرار الحكم الابتدائي مع تعديل نصه والنزول بالعقاب المحكوم به على المتهمين الى ثلاثة أعوام لكل واحد منهما. وحسب ما جاء في حيثيات الواقعة التي جدّت خلال شهر أوت من السنة الفارطة أن أعوان الادارة الفرعية للقضايا الاجرامية تلقوا اتصالا من لدن مواطنين يؤكدون باعتبارهم شهود عيان أن جارتهم قد وقع اختطافها من قبل 4 أشخاص على متن شاحنة من منزلها...وقدموا تفاصيل وملامح المشتبه فيهم ورقم الشاحنة...ففتح محضر بحث انطلقت من خلاله التحقيقات التي كشفت بدورها عن أن الشاحنة المعنية بالحادثة هي تابعة لسيدة في عقدها السادس من العمر... في الاثناء كانت المخطوفة (الشاكية) قد تم اطلاق سراحها. وصرّحت لباحث البداية أنها كانت تعمل لدى صاحبة الشاحنة لحوالي 6 أعوام وطيلة تلك الفترة لم تحدث بينهما مشاكل الا أن هذه الاخيرة استغنت عن خدماتها متعللة بظروفها المادية، فطلبت منها حينئذ أن تمكنها من شهادة للاستظهار بها لدى روضة أطفال ثانية تثبت تأهلها لمثل هذا العمل خاصة وأنها لا تحمل شهادات علمية في الاختصاص لكن صاحبة المحضنة رفضت خوفا من أن تستعمل الشاكية تلك الشهادة في المطالبة بتعويض عن عملية طردها، حينئذ أكّدت الشاكية أنها التجأت الى تفقدية الشغل وتقدمت بعريضة حيث تم اثرها استدعاء مديرة الروضة للجواب الأمر الذي أثار غضبها خاصة وأن الملف كان سيحال على أنظار المحكمة. خطف من المنزل وأضافت الشاكية في تصريحاتها أنه في صبيحة الحادثة كانت داخل منزلها حين استمعت الى طرقات على الباب الخارجي ففتحت الباب لاستجلاء الأمر الا أنها فوجئت بسائق الروضة أمامها وتظاهر بكونه جاء للاطمئنان على صحتها ثم فوجئت به يحكم قبضته عليها واضعا يده على فمها مانعا اياها من الصياح ثم اقتادها نحو شاحنة تابعة للروضة وكان بداخلها 3 أشخاص تولوا بدورهم ادخالها الى الشاحنة وقد أعلمها حينها السائق بأنه ينفذ تعليمات مديرة الروضة وسارت الشاحنة الى منزل هذه الأخيرة التي استقبلتها بحضور معينتها المنزلية وشرعت في صفعها وركلها والامساك بها من شعرها بعد أن أعلمتها بصريح العبارة أنها ستنتقم منها وذلك باغتصاب ابنتها من خلال تحريض بعض الشبان عليها، وأنها ستتولى تكليف من يقطع أوصال ابنها ان لم تتراجع عن شكايتها لدى تفقدية الشغل وتغير من أقوالها لتفيد أنها عملت لدى المديرة شهرين فقط وليس 6 أعوام. وأكّدت الشاكية ان عملية التهديد والضرب سجّلت بحضور المعينة المنزلية وذلك داخل منزل ابنة المظنون فيها كما أنها تظاهرت بالامتثال لأوامرها خوفا منها خاصة وأنها أعلمتها بأنها كلفت بعض الأشخاص من العاملين لديها بمراقبتها لمدة شهرين اثنين وعزمت في قرارة نفسها على سحب الشكاية وعدم اعلام أعوان الأمن بما تعرضت إليه خوفا من الانتقام الا أنها وبمجرد أن أطلق سبيلها فوجئت بوجود اعوان الأمن يحضرون الى المكان وعلمت أن شهود العيان قد اتصلوا بالنجدة حينها تشجعت وحدثتهم بتفاصيل ما حدث لها وعبرت عن رغبتها في تتبع المتهمين عدليا. شهود عيان يؤكدون الاختطاف أحد شهود العيان من أجوار الشاكية أكد أنه كان بمنزله حين شاهد صدفة سيارة من نوع البيجو البارتنار تتوقف أمام بيت جارته وكان بداخلها 4 أشخاص وقد شاهد أحدهم يتجه الى باب المنزل ثم حوّل وجهة صاحبته وهو يجرّها غير عابئ بصياحها ومحاولة الهروب من قبضته حينئذ أحس بخطورة السيناريو الذي كان أمامه فدوّن بسرعة رقم السيارة وتحدث مع عدد من عمال حضيرة الكهرباء (كانوا على مقربة من المكان) وأكدوا له بدورهم ان العملية هي اختطاف حقيقي حينها اتصل برقم النجدة وبمجرد حضورهم بالمكان روى عليهم تفاصيل الواقعة ومكنهم من رقم السيارة وسانده في شهادته أحد الأشخاص ممن كانوا يعملون في حضيرة الكهرباء وهو فني سام والذي أكد انه لم يعر الأمر اهتماما في البداية لأنه وقع في وضح النهار وذهب في اعتقاده ان المرأة مريضة وعائلتها تنقلها الى المستشفى. ... وشهدت المعينة المنزلية بسماع المعينة المنزلية أكدت انها تعمل لدى المظنون فيها منذ أكثر من 12 عاما كما أنها تعرف الشاكية وتعرف السائق الذي اصبح زوجها قبل شهر واحد من تاريخ الحادثة وأنها كانت آنذاك رفقة مديرة الروضة وابنتها على متن سيارة أجرة حين أتاها اتصال هاتفي فغيّرت وجهة الطريق وعادت الى جهة المنار وهناك شاهدت الشاحنة وعددا من الأشخاص لا تعرفهم وبرفقتهم الشاكية ثم دخلوا جميعهم المنزل حيث دار حوار حاد بين مؤجرتها والشاكية شاهدت اثرها ابنة مؤجرتها وهي تسلّم مبلغ 10 دنانير الى الشاكية لتمتطي بها سيارة الأجرة وتعود الى بيتها وجاءت تصريحات المعينة بعد تصريحاتها الأولية بأنها لم تكن بمسرح الواقعة حيث تم جلب عاملة الروضة الى المنزل. وبسماع ابنة المظنون فيها اكدت ان والدتها تلقت اتصالا من شخص أكد على حضورها لأمر مهم وأنها شاهدت فقط خلاف والدتها مع العاملة حول الشكوى التي تقدمت بها ضدّها لدى تفقدية الشغل خاصة وأن مهمتها بالروضة كانت كمعينة لا غير. إنكار لكن بسماع المظنون فيها مديرة الروضة أنكرت كل ما نسب إليها من تهم نافية ان تكون شاركت في عملية اختطاف العاملة مؤكدة ان هذه الأخيرة عملت لديها كمعينة لمدة عامين فقط وحين طالبتها بتسوية وضعيتها الاجتماعية كمنشطة رفضت لأن هذه الأخيرة لا تتوفّر فيها المؤهلات والشهائد العلمية التي تخوّل لها تلك الصفة ذاكرة ان تكون قد أطردتها من العمل إلا ان هذه الأخيرة وتقدّمت بشكاية الى تفقدية الشغل وحين تم استدعاؤها عبّرت عن استعدادها لإبقائها لديها وأن سائقها اتصل بها وطلب منها ملاقاتها دون ان تكون على علم بالسبب ولم تكن تعرف ان العاملة السابقة لديها كانت برفقته وحين رأتها اعتقدت انها جاءت للتفاوض معها. فقامت بلومها على ما فعلته واحتد النقاش بينهما لكنه لم يصل الى مرحلة الاعتداء عليها بالعنف أو تهديدها. ... وأنكر السائق العملية بسماع السائق الذي قام بعملية تحويل الوجهة أنكر بدوره ان تكون العملية مدبّرة مضيفا انه فقط نقلها لإجراء عملية الصلح بينها وبين المديرة متراجعا في تصريحاته الأولية التي أفاد من خلالها ان مديرة الروضة وعدته ببيعه قطعة أرض بسعر زهيد لتنفيذ ذلك الاتفاق ويختطف العاملة لبث الرعب في نفسها. معتبرا ان ما قام به كان بدافع شخصي وليس بتحريض. كما انكر الثالوث الذي رافقه في العملية علمهم بتفاصيلها مؤكدين ان الأخير أعلمهم فقط برغبته في ان يرافقوه الى منزل عاملة الروضة لنقلها الى جهة المنار لا غير رغم أنهم استغربوا قيامه بشد شعرها ودفعها داخل الشاحنة. مكافحة قانونية وبإجراء المكافحة القانونية بين الشاكية وباقي الأطراف تمسّك كل واحد منهم بتصريحاته المسجلة عليه. وأثناء جلسة المحاكمة حضرت المتهمة مديرة الروضة والسائق وأقرت الدائرة الاستئنافية حضوريا اقرار الحكم الابتدائي مع تعديل نصه وذلك بالحط من العقاب من 6 أعوام الى 3 أعوام لكل واحد من المتهمين من أجل جريمة اختطاف شخص باستعمال العنف بغية تنفيذ أمر مع تحميلهما المصاريف القانونية.