توزر قطب وطني للتكوين في المستشفى الرقمي    ''كان يمكن نزع سلاحه بدل نزع حياته'': تعليق ناري من بن صالحة على مقتل تونسي بفرنسا    قائمة الدول الأغلى عالميا: الحياة فيها مكلفة جدّا    ترامب ينظم عشاء لأقطاب التكنولوجيا ويستثني أكثرهم ثراء    اليوم: درجات الحرارة في ارتفاع    ولاية تونس: انعقاد المجلس الجهوي للأمن حول العودة المدرسية    إدارة ترامب تطلب من المحكمة العليا الإبقاء على الرسوم الجمركية    حادثة مقتل عبد القادر الذيبي في مرسيليا... شهادات مباشرة وردود فعل غاضبة    اليوم: الدخول لجميع المواقع الأثريّة مجانا    وزارة الصناعة تقرر إحداث لجنة مشتركة تتولى دراسة وضعية محطات ضخ المياه بالمناطق الصناعية حالة بحالة    آدم عروس يمضي لنادي قاسم باشا التركي    مقتل 15 شخصا بعد خروج القطار الجبلي الشهير في لشبونة عن مساره    الندوة المولودية 53: الاجتهاد المقاصدي والسّلم المجتمعي في ضوء السّيرة النبوية"    غارات إسرائيلية على جنوب لبنان توقع قتلى وجرحى    فيلم "صوت هند رجب" يهزّ مهرجان فينيسيا بعرضه العالمي الأول    بنزرت الجنوبية .. وفاة إمرأة إثر تعرضها لصعقة كهربائية    بنزرت ..مع اقتراب العودة المدرسية .. حملات مكثفة لمصالح الرقابة الصحيّة والاقتصادية    إثر احداث ملعب بنزرت .. هزم النادي البنزرتي جزائيا و«ويكلو» ب3 مباريات خارج القواعد    مؤسسة UR-POWER الفرنسية تعتزم الإستثمار في تونس    رئيس الجمهورية يزور الجزائر    في يوم العلم : تكريم المتفوقين بجندوبة    عاجل: وزارة أملاك الدولة تفتح مناظرة لانتداب 4 مهندسين أول: التفاصيل    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: النتائج والترتيب    تعاون مشترك في أولويات التنمية    مجلس وزاري مضيق حول حوكمة وتحسين جودة المنظومة الصحية    هذه الولاية تحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج "الزقوقو"    باحثون مصريون يطورون علاجا واعدا للأطفال المصابين بالتوحد    الريحان والفلفل والعسل.. السلاح الطبيعي ضد السعال والبرد    تمديد مرتقب للصولد الصيفي أسبوعين إضافيين قبل غلق الموسم!    بمناسبة المولد النبوي: الدخول مجّاني الى هذه المواقع..    وزير الشؤون الخارجية يترأّس الوفد التونسي المشارك في أشغال الدورة 164 لمجلس جامعة الدول العربية    نهضة بركان يتعاقد مع اللاعب التونسي أسامة الحدادي    ارتفاع متوسط سعر المتر المربع للشقق السكنية ب4%..    تصفيات كاس العالم 2026: المنتخب التونسي من اجل قطع خطوة اضافية نحو التاهل للمونديال    زغوان: تسجيل إصابة ثانية بمرض "حمّى غرب النيل" منذ اوت المنقضي    هام/ كميّات الأمطار المسجّلة بعدد من مناطق البلاد..    شيرين تعتذر من ياسر قنطوش    مفتي الجمهورية: الإحتفال بالمولد النبوي حلال    عاجل: وزير الداخلية الفرنسي يُؤكد على الطبيعة الفردية للحادث...التفاصيل    عاجل/ حادثة مقتل تونسي على يد الشرطة في مرسيليا..فتح تحقيق اداري وندوة صحفية مساء اليوم..    عاجل/ نتائج الحملة الوطنية المشتركة لمراقبة المستلزمات المدرسية..    عاجل/ تأجيل انطلاق أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة..وهذه التفاصيل..    المولد النبوي: مِشْ كان احتفال، تعرف على السيرة النبوية...منهج حياة ودروس خالدة    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    تأمينات BIAT والترا ميراج الجريد اشعاع رياضي وثقافي وشراكة مجتمعيّة فعّالة    اليوم: أمطار متفرقة في المناطق هذه...وين؟    اليوم: فتح الممر تحت الجسر على الطريق بين جبل الجلود ولاكانيا    هيئة الصيادلة: الأدوية الخاصة بهذه الأمراض ستكون متوفّرة خلال الأسبوع المقبل    الزهروني: مداهمات أمنية تطيح بمجرمين خطيرين محل 17 منشور تفتيش    تظاهرة "سينما الحنايا" يوما 6 و7سبتمبر الجا ري    الكرملين: بوتين لا يتآمر مع شي وكيم ضد أمريكا    قفصة: حجز 40 كلغ من الحلويات المستعملة في عصيدة الزقوقو    أسرة الفقيد الشاذلي القليبي تهب مكتبته الخاصة لدار الكتب الوطنية    مسرحية "سلطة سيزار": صرخة فنية من قلب معاناة ذوي الهمم في تونس    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    الدورة الخامسة للملتقى الدولي للفنون من 05 الى 08 سبتمبر الجاري بقصر النجمة الزهراء    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطريّون أكثر من القطريين أنفسهم!!
نشر في الشروق يوم 29 - 09 - 2009

في كثير من الأحيان، وكما يقول العرب، «يكاد المريب أن يقول خذوني»، يحدث هذا مع كثير من المواقف التي يسعى أصحابها للتنصّل من تهمة نثرت حيثيات ثبوتها وتأكّد استحالة طمسها.
ولمّا كانت هذه الحكمة نتاجا عربيا، فإن ذلك يفسّر تفشيها في ربوعنا، ولم يدر في خلدنا يوما أن تكون هذه الحكمة بضاعة قابلة للتصدير وتلقى رواجها ومنتسبيها حتى في الولايات المتحدة الأمريكية.
نعم، هذا ما كشفه بيان ل«لجنة الصحفيين» الأمريكية، استنكرت فيه ما أسمته «بالحملة التشهيرية» التي تتعرض لها قناة الجزيرة القطرية من طرف وسائل الاعلام التونسية، وخاصة من زاوية اتّهام القناة بأنها منبر أمريكي إسرائيلي بلغة وأسماء عربية!؟؟
وجليّ أن مثل هذا الموقف لا ينفي «التهمة» المنسوبة زيفا الى الإعلام التونسي، وإنّما يدعمها. فالسؤال البديهي الأول هو «ما دخل الأمريكان في مسألة تخصّ التونسيين والقطريين؟»، ولا ينتفي هذا الاستفهام إلاّ اذا كانت المنظمة قد تحصّلت على الجنسية القطرية ولم تعلن ذلك، رغم أنّنا نرجّح فرضية نجاح «ديبلوماسية الصكوك» التي تتقنها الإمارة القطرية في شراء ذمّة هذه المنظمة التي تتّخذ من ذرف دموع التماسيح على حرية التعبير والصحافة وسيلة تمعّشها وتكسّبها.
إنّ اللغة المستخدمة في البيان تشي بأمرين:
إمّا أن البيان صيغ في قطر وتولّت المنظمة الأمريكية نشره، أو أنّ بعض «القطريين» من حملة الأسماء التونسية هم من تطوّع لكتابته وتوجيه مضامينه الفجّة، التي من أولى ضحاياها حرية التعبير ذاتها، وقداسة «الرأي والرأي المخالف» الذي طالما اتخذته القناة موضوع البيان ورقة توت تخفي بها سوأتها.
أفليس من حقّ التونسيين أن يكون لهم رأي مخالف في توجّّه القناة وخطّها التحريري؟
أو ليس من حرية التعبير، أن تتولى وسائل الاعلام التونسية الردّ على ما يروّج ضدّ بلدها من أراجيف وأكاذيب؟
أليس من الرأي والرأي الآخر، أن يكون للإعلاميين التونسيين ملاحظاتهم على الخط التحريري لقناة الجزيرة؟ وقبل هذا وذاك، أليس في حميّة هذه المنظمة وانحيازها المفضوح لوجهة نظر واحدة في موقف التونسيين من «الجزيرة» دليل إدانة وإثبات على أن القناة أمريكية إسرائيلية، إذ لا شيء يبرّر هذه الحمية إلا الانتماء الى «ماسونية واحدة» لا ترى في حقّ الاختلاف وحرية التعبير إلا علوّ صوتها وما يصدر عنها وحدها من ضجيج، وكأنهم وحدهم من يملك الحقيقة ومعصومون من الخطإ؟
لقد حاولت المنظمة الأمريكية أن تزيّن بيانها بشهادات لتونسيين، ولكنها تعامت على أن هذا الرّهط، الذي يمثل أقلية الأقلية، تحوّل لاعتبارات يدركها التونسيون قبل غيرهم الى قطريين أكثر من القطريين أنفسهم، في محاولة فاشلة منهم للتستّر على هزيمتهم في التعاطي مع واقع بلادهم والوعي بحقيقة متطلباته ورهاناته، ولم يفلحوا في حجب هشاشة مواقفهم أمام صلابة الوقائع رغم استماتتهم في لي ذراعها. وإلا بماذا نفسّر تطوعهم للدفاع عن مشيخة تقف على أٍقصى يمين تونس سياسيا واجتماعيا وثقافيا وهم من حواريي «اليسار الراديكاي»؟
هؤلاء الذين تجرّدوا من هويتهم الوطنية وانتسبوا الى فضائيات وخرائط هلاميّة، واختصّوا في فبركة البيانات المطبوخة على عجل، ممّا يجعلها بلا طعم ولا رائحة، تسقط مفرداتها أمام أوّل اختبار.
حقّا إنّه زمن زواج الأضداد، وزمن «المعارضين» الذين يقولون ما لا يجسّدون، ويؤشرون لليسار ليتّجهوا نحو اليمين في اتجاه يعاكس ما يتطلع اليه شعبهم، فضلا عن كونه لا يترجم حقيقة واقعه الذي تفصله عن واقع الإمارة «رغم حداثة قناتها التكنولوجية» مسافة أميال قمرية.
فأن يستنجد حاضن التنظيم الدولي للإخوان بالأمريكان أمر لا يباغتنا... لأن من احتضن «قاعدة السيليّة» لن يضيره الاحتماء بمظلّة بيانات منظمات أمريكية، وهو البلد الذي لا وجود لتنظيمات سياسية أو مدنية فيه أصلا.
لقد اشترت إمارة قطر محطة فضائية وعضلات وأقدام رياضية ومشجّعين في الملاعب الكروية، وحتى تكتمل الدائرة ها هي تتّجه لشراء ما يعتبره البعض جهلا أو عمدا «منظمات حقوقية».
فيال حرية التعبير كم تتحمّل من جور وتحريف وزيف! أمّا تونس فلها شعب يحمي مكاسبها، وإعلام وطني لا يُزايد ولا يُجامل ولا يُهادن عندما يتعلّق الأمر بالحقيقة.
إنّنا ندرك أنّ مثل هذه البيانات الاسفنجية لا تمتصّ إلاّ الفراغ لذلك يبقى سؤالنا الأخير: هل أنّ هناك بقية من حياء وخجل؟!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.