أثبتت الدراسات التربوية انه من خلال الكراس المدرسي يمكن تحليل شخصية التلميذ ومعرفة مدى قابليته للدراسة وطلب العلم بصفة عامة. وعلى هذا الأساس يمكن الجزم بأن العلاقة التي تربط التلميذ بالكراس المدرسي ليست اعتباطية او ظرفية ويمكن ان تتواصل الى ما لا نهاية والدليل على ذلك أننا نجد بعض الكهول مازالوا يحتفظون بكراساتهم الى حد الآن نظرا للعلاقة القوية التي كانت تجمعهم بكراساتهم عندما كانوا تلاميذ. وبما أننا مازلنا في بداية السنة الدراسية أردنا ان نبين مدى مساهمة الكراس المدرسي في تمتين العلاقة بين التلميذ والدراسة ومدى أهميتها في ترغيب التلميذ في الدراسة وطلب العلم، وابراز دور الولي والمعلم في اعلاء قيمة الكراس لدى التلميذ وبالتالي تشجيعه على النظر اليها باعتبارها الاداة والوسيلة المثلى لحياة دراسية ناجحة وحتى نهيئهم الى القطع مع عادة تمزيق الكراسات في نهاية العام الدراسي. «الشروق» اتصلت بالاستاذ الجامعي والدكتور عبد الحميد الزاير الباحث في علم النفس وعلوم التربية وسألته عن أهمية الكرّاس المدرسي في حياة التلميذ فقدم الشرح التالي: يقول الدكتور عبد الحميد الزاير في هذا الصدد: تمثل الكراسة بالنسبة للتلميذ أداة مهمة في حياته المدرسية ففيها يكتب ويرسم ويسطر. انه يضمها ويشم رائحتها ويلامسها بأصابعه ويديه وأحيانا يلطخها ويمزقها ويرميها الخ... ويمكن ان نعرف أحيانا التلميذ من خلال كراسته ومدى تفاعله. فالتلميذ المجتهد تراه غالبا يعنى بها كثيرا، فهي وعاء ورقي يحتوي على معارفه التي جمعها او أنتجها ففيها مجهوده وأحلامه وخياله وطموحاته وسعادته بالدراسة كما انها مؤشر على اضطراباته السلوكية وعدم توافقه المدرسي. دعه يختار يذهب التلميذ بنفسه او صحبة والده ليبتاع كراساته ويختار لونها وحجمها تبعا لمقترحات المعلم فهذا الامر يعطيه صورة ايجابية عن ذاته تساعده على التواصل المدرسي الايجابي وعلى الولي ان يثمن هذا المجهود ويشارك ابنه هذه الفرحة وان لا يحط من قيمة الكراس او المربي الذي اقترح هذا النوع من الكراسات سواء من خلال التذمر من غلاء أسعارها او أحجامها لأن ذلك سوف ينعكس سلبا على اقباله على التعلم. لأننا نحن الكهول نرى الكراسات من خلال ثمنها ولكن التلميذ يراها من خلال تعلقه بها فهو ينظر اليها ويحاكيها لأنها سترافقه طيلة السنة الدراسية. فالكراس المدرسي عنصر مهم في الفضاء التربوي سواء كان مدرسيا او أسريا وبالتالي على المعلم ايضا ان لا يحط من قيمة الكراسة امام التلميذ كالتحقير من نوع الكراس بل عليه ان يشاركه فرحته ويشجعه على التواصل معها تواصلا ايجابيا (يساعده على تبويبها ولا يفرض عليه نوع الغلاف ولونه او نوعية الاقلام التي سيستعملها ويمكن له ان يقترح على التلميذ دون ان يجبره). واذا تصرف الولي والمربي وفق هذا المنهج وأدرك الجميع قيمة الكراس المدرسي في سياق المنظومة التعليمية عامة فإننا يمكن ان نجزم اننا أصبحنا قادرين على القضاء على عدد من المظاهر السلوكية السلبية التي يتصرف وفقها التلميذ وخاصة ظاهرة تمزيق الكراسات في نهاية السنة الدراسية وبالتالي تحسين العلاقة بين التلميذ والكراس بصفة خاصة وعلاقة التلميذ بالدراسة بصفة عامة. إن البناء المعرفي ينطلق من الاعتماد على الذات تدريجيا وعلينا ان نساعد التلميذ على اكتساب هذه الكفاءة الأساسية في حياته المدرسية «الكراسة أداة للتعلم أو لا تكون».