تونس (الشروق) مع اقتراب موعد انعقادالمجلس الوطني المقرر ليومي 17 و18 جويلية الجاري توشك النقاشات بين مناضلي الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على الانتهاء وتكاد مجموعة الخيارات والامكانيات المطروحة للخروج بالحزب من «أزمته» أن تتوضح وترتسم جلية أمام كل الأنظار، وفي غضون كل ذلك بدا جليا أن الحزب قادم لا محالة في كل الحالات على مرحلة جديدة ستقطع حتما مع مرحلة الأمين العام السيد عبد الرحمان التليلي الذي علقت به تهم جنائية نزعت عنه بصفة نهائية مسؤولية القيادة الحزبية. ودارت «النقاشات» داخل المكتب السياسي للحزب وفي اللقاءات الجهوية التي انتظمت مؤخرا، وجرى الحديث إن سرّا أو علنا على الطريقة التي سيتم بها القطع مع المرحلة القديمة والبدء في المرحلة الثانية بما يعني ذلك وضع الضوابط والكيفيات التي ستمكّن من تصعيد القيادة الجديدة وتحديد المواصفات التي يشترط وجودها في الأمين العام الجديد للحزب. وعلى هذا النحو ترجّح كل المؤشرات أن يكون المجلس الوطني القادم متعدد المحاور بحكم ما توفر الى حدّ الآن من مقترحات وطروحات تصبّ كلها في اعطاء المرجعية والكلمة الفصل للمجلس لإبداء الرأي الختامي نحوها وبيان الطريقة التي سينتهجها الحزب للخروج من أزمته الخانقة والتي تؤكد كل المعطيات أن تواصلها على نفس الدرجة الحالية قد يعصف بعدد من مكاسب الحزب وقد يحدّ من افاق تطوير عمل الحركة القومية ومدى مساهمتها المرتقبة في اثراء المشهد السياسي الوطني بحكم المواعيد والاستحقاقات الانتخابية الهامة القادمة نهاية هذا العام (تشريعية ورئاسية) ومنتصف العامه القادم (بلدية) خاصة وأن العديدين يرشحون هذه الحركة للعب أدوار مهمة على مستوى المعارضة التونسية في ظل التراجع الواضح لاشعاع عدد غير قليل من الأحزاب السياسية وبحكم المتغيرات الاقليمية والدولية التي أعادت الى الأذهان الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الحركة القومية بمختلف مشاربها الفكرية والعقائدية في الذود عن حقوق الأمة العربية وصيانة شرفها المهدور في كم من مجمع وكم من قطر وقد عُرف «القوميون التونسيون» على مرّ العقود بحجم الاضافات الثمينة التي يقفون على حدودها اثراء للفكر القومي العربي في مناهض لمشاريع التغريب ومحاربته للاستعمار والهيمنة الصهيونية والأمريكية. خلاف وتضاد ويتراوح «الخلاف» داخل الوحدوي بين داعين الى «عمل الكل» واستنفاد كل الحلول الممكنة من أجل انجاز المؤتمر القادم المقرر سلفا الى النصف الثاني من شهر أوت القادم على اعتبار أهمية ذلك الحدث في اضفاء «مشروعية قصوى» على المرحلة الجديدة للحزب بما يمكن من توفير انطلاقة قوية وفاعلة وبين داعين الى تحويل الموعد القادم للمجلس الوطني الى فضاء لتصعيد الأمين العام الجديد وانهاء حالة الفراغ القيادي التي يمرّ بها الحزب منذ أزيد من ثمانية أشهر اعتمادا على «ضغط الوقت» واقتراب المواعيد الانتخابية الوطنية المشار إليها والتي تتطلب حسن التحضير والاعداد إليها لضمان أوفر الحظوظ الداعمة للإبقاء على جملة المكتسبات الحزبية وعدم التفريط في أي منها سواء على صعيد مجلس النواب (وقريبا مجلس المستشارين) وعلى الصعيد المالي للاستفادة مما يتيحه التمويل العمومي للأحزاب من منح وفرص لتدعيم أنشطة الحزب خاصة في الجانب الاعلامي والتعبوي عبر الانتفاع بمنحة الصحافة القادرة على ضمان عودة واستمرارية جريدة «الوطن» لسان الحزب للتعريف ببرامجه وتقديم تصوراته والاقتراب من المناضلين والأنصار في كل الجهات والمناطق. وجاهة وصعوبات وعلى الرغم من وجاهة رؤية الداعين الى ضرورة عقد المؤتمر في آجاله إيمانا منهم بالتأثيرات الايجابية المنتظرة من ذلك فإن المعطيات المتوفرة حول سير تجديد الهياكل والجامعات والوضع المالي الصعب الذي يمرّ به الحزب (مديونية بحوالي 40 مليون) قد تدفع الكل بمن فيهم المذكورين بداية هذه الفقرة الى مراجعة مواقفهم والذهاب مع البقية الى تأهيل المجلس الوطني القادم للقيام بأدوار المؤتمر وإنهاء معضلة الحزب مرة واحدة وأخيرة للتفرغ لما هو أهم وأجدى. وأشارت مصادر مقربة من الوحدوي الى أن اتمام انجاز كل مؤتمرات الجامعات قبل انعقاد المجلس الوطني نهاية الأسبوع القادم قد يتطلب «عصا سحرية» ذلك أن اللجنة المنبثقة عن المكتب السياسي المكلفة بالتحول الى الجهات ستجد أمامها صعوبات جمّة لإنهاء كل المطلوب منها وهي التحول حسب ما هو مبرمج نهاية الأسبوع الجاري (السبت والأحد) الى كل من القصرين وقفصة وسيدي بوزيد وصفاقس1 وصفاقس 2، ثم النظر لاحقا في تجديد الهياكل بكل من جامعات تونس 1 وتونس 2 وأريانة والقيروان ومنوبة وبن عروس ونابل وسليانة وبنزرت وزغوان وباجة وسوسة والمنستير والمهدية وقبلي وتوزروهو الأمر المستحيل مُطلقا خاصة اذا ما علمنا أن «اللجنة المعينة» لم تتمكن منذ تشكلها والى حدّ الآن من توضيح الصورة سوى في أربع جامعات فقط في شكل تجديد بكل من جندوبة والكاف وتثبيت في كل من مدنين وقابس! وعلى الرغم من أن المتمسكين بعقد المؤتمر يفكرون في استغلال الفترة اللاحقة للمجلس الوطني والسابقة عن النصف الثاني من شهر أوت (موعد المؤتمر) لإنهاء تجديد مثلما أشار بذلك ل»الشروق» السيد المنصف الشابي الهياكل فإن أطرافا نافذة في المجلس الوطني أشارت ل»الشروق» أن الظرف لم يعد سانحا لاضاعة المزيد من الوقت خاصة وأن اللجنة المكلفة قد مُنحت وقتا كافيا لانجاز مهامها التي باشرتها عقب المجلس الوطني الأخير المنعقد يومي 11 و12 أفريل الفارط، مما أضحى يفترض أساسا الحسم في الفراغ الحاصل بالحزب وسدّ الشغور دون تأخير اضافي غير مبرر قد ىُلقي بظلال سلبية أخرى على مسار الحزب. ترشحات وسيناريوهات وأمام ما يمنحه القانون الداخلي للحزب من مشروعية وأحقية للمجلس الوطني في القيام بمهام والمؤتمر أدواره تتفاعل في الكواليس حرب الترشحات لخلافة عبد الرحمان التليلي والتي يبقى الباب مفتوحا في خصوصها نحو الانحسار أو الاتساع، انحسارا نحو الاقتصار على ترشحات الأطراف الفاعلة والنافذة داخل المكتب السياسي والتي عبّر العديد منها صراحة عن طموح للوصول الى «الأمانة العامة على غرار السادة المنصف الشابي وعمار الزغلامي ومصطفى اليحياوي وفي الخفاءلعضوين آخرين، واتساعا نحو عدد آخر من أعضاءالمكتب السياسي لا يرون أنفسهم في منأى عن حق الترشح نحو المجلس الوطني نفسه على اعتبار الامكانية التي يتيحها سدّ الشغور لعدد من أعضائه للارتقاء في مستوى أول للمكتب السياسي تمّ التنافس على المنصب القيادي. على أن مطّلعين على شؤون الوحدوي يقرّون بأنّ التأهيل للمنصب القيادي الشاغر لن يحتكم الى اعتبارات خطية (بحكم الأجنحة التي تكون الوحدوي) بل سيتجه نحو الحلول الوفاقية القادرة على ضمان انسجام الحزب والترابط بين كل الفصائل لذلك فإن الاحتمالات ستبقى مفتوحة على «عامل المفاجأة» وإن كانت الكواليس والاتصالات الجارية تشير الى أن العمل جار على قدم وساق بين مناضلي الحزب لترشيح العنصر القادر على القيام بتلك المهمة وأن جملة المواصفات المطلوبة في الأمين العام الجديدقد تمّ ضبطها بعد لعرضها على المجلس الوطني لمناقشتها بما يتماشى مع الوضعية «الاستثنائية» التي يمرّ بها الحزب. وتشير مصادر من داخل المكتب السياسي للوحدوي الى شبه الاجماع الحاصل حاليا حول برنامج عمل االمجلس الوطني المقرر بطبرقة ليومي 17 و18 جويلية وعلى أن «مهمة الأمين العام الجديد» ستكون بالأساس مواصلة الاعداد للمؤتمر الثالث للحزب الذي يرى الكثيرون أنه يجب أن يكون العام القادم في موعد يسمح بتشريك كل المناضلين وتجديد كل الهياكل والفروع على قاعدة سليمة وفي متسع من الوقت وبعيدا عن الارتجال وعلى نحو يمكن من الاعداد الجيد للانتخابات البلدية القادمة المحددة لشهر ماي 2005 هذا اذا ما ثبت للمجلس الوطني استحالة عقد المؤتمر في النصف الثاني من شهر أوت القادم كما هو محدد له. «الوقت ضاغط» و»الرهان كبير» و»التحديات جسام» والقرار في قمة الصعوبة لكنه ضروري ولا مهرب منه.