تعيش حركة الديمقراطيين الاشتراكيين على وقع جدل حول طبيعة المؤتمر المقبل وموعده، وكشف الأمين العام للحركة السيّد اسماعيل بولحية مؤخرا وخلال ندوة صحفية عن خطوط العمل للمرحلة المقبلة ومن ضمنها الاستعدادات لعقد المؤتمر الوطني وتركيز مركز الدراسات والأبحاث. «الشروق» التقت السيّد الطيّب المحسني الأمين العام المساعد الأوّل للحركة الذي تطرّق في حديثه لمشاغل أبرز حركات المعارضة في تونس وضرورات المرحلة المقبلة ومستلزماتها. ما مردّ الاختلافات بخصوص المؤتمر القادم للحركة؟ ليست هي اختلافات بالمعنى الصدامي أو التنازع العنيف، ولكنّها مقاربات تشقّ الحركة وتستند الى رؤى مختلفة ولكن ما يجمعُ بين كلّ هذه المقاربات حاليا هو التوافقات الموجودة بين قيادات الحركة ومنذ مؤتمر 2008 على انجاز توافق مرحلي لضمان مشاركة فاعلة للحركة في الاستحقاقات الانتخابية الوطنية المنتظرة حينها، على أن يتمّ لاحقا عقد مؤتمر انتخابي وديمقراطي وأن نترك مصير الحركة واختياراتها وتوجهاتها بين أيدي المناضلين وصندوق الاقتراع. وهذه التوافقات والتي يُجمعُ عليها قياديو الحركة وفي مقدمتهم الأخوان الأمين العام والمنسق العام للحركة هي التي دفعت ببعض المناضلين خلال المجلس الوطني الى اثارة مسألة امكانية عقد مؤتمر وطني استثنائي لتنفيذ ما تمّ التوافق بخصوصه في مرحلة سابقة وعدم انتظار الموعد العادي للمؤتمر والمرتقب سنة 2012. ولكن هل الظروف ملائمة حاليا لعقد مثل هذا المؤتمر؟ ما تعيشه بلادنا من أوضاع ايجابية ومستقرّة وحجم ما تحقق للحركة خلال المواعيد السياسية والانتخابية الوطنية السابقة والانتهاء من هيكلة وتجديد كامل فروع وجامعات الحركة منذ فترة، كلّها عوامل تدفع الى شرعية مطلب الاسراع بعقد المؤتمر الوطني مثلما طالب بذلك عدد مهم من مناضلي الحركة،لكن هذا الاسراع لا يجب أن يتحوّل الى تسرّع ذلك أنّه لا بدّ وبالتوازي مع ما هو موجود ضمان الاعداد الأدبي الجيّد للمؤتمر على مستوى اللوائح ومرجعيات الحركة وتحيين ثوابته وتوجهاته الكبرى التي يجب أن تكون جاهزة وواضحة ودقيقة ومتلائمة مع طبيعة الراهن الحزبي والوطني ومستجيبة لتطلعات وانتظارات المرحلة المقبلة. وأنا شخصيّا، أصبحت أطرح على نفسي أسئلة في غاية الأهميّة: كيف لا يُمكن لحركة انبنت على البعد الديمقراطي انجاز مؤتمر انتخابي وديمقراطي، حيث يعود تاريخ انجاز آخر مؤتمر انتخابي الى بداية تسعينيات القرن الماضي كما أنّ اللوائح المعتمدة هي تلك التي تعود الى نفس الفترة، والآن هناك وجاهة في طرح مسألة المؤتمر الديمقراطي الانتخابي وهذه المسألة محلّ توافق بين أعضاء المكتب السياسي ولا اختلاف فيها. ومن المنطقي الآن أن يتدارس المكتب السياسي قريبا بعث لجان لبدء التحضير للمؤتمر على كلّ المستويات حتى يكون مؤتمرا بحجم وعراقة الحركة ومنسجما مع ثوابتها الديمقراطية والوطنيّة. وفي اعتقادي فانّ التمسّك بمبدإ المؤتمر الانتخابي هو تمسّك بثوابت الحركة ورغبة صادقة في ادخالها في عصرها واعدادها للمرحلة المقبلة. وما أودّ الاشارة اليه في هذا الصدد أنّه تمّ خلال السنتين الفارطتين انتخاب الفروع والجامعات في مؤتمرات محلية وجهوية ديمقراطية أشرف عليها أعضاء المكتب السياسي وهذا ما يمثّل أرضية صلبة للانطلاق في تحقيق مطلب حزبي مؤكّد وهو بدء الاعداد من الآن للمؤتمر القادم على أن ينجز في الوقت الذي يتمّ فيه وضع الأدبيات واللوائح الضرورية وذات القيمة المرجعية لمستقبل الحركة. المؤتمر الانتخابي يعني فتحا لمجالات واسعة أمام أسماء جديدة في الهياكل القيادية؟ صندوق الاقتراع يجب أن يقول كلمته، وكلّ القياديين الحاليين وكذلك من تتوفّر فيهم شروط الترشّح ستكون الأبواب مفتوحة أمامهم، وانا شخصيا عبّرت وبشكل صريح ومنذ مؤتمر أوت 2008 عن ترشحي للأمانة العامة وغيري بامكانه أن يفعل ذلك، والمهم بالنسبة لنا حاليا هو تحكيم المناضلين والانتصار للبعد الديمقراطي وذلك بعد تجربتين وفاقيتين سنتي 2004 و2008. وبالتأكيد فانّ انجاز المؤتمر القادم على هذه الشاكلة المأمولة والتي هي محلّ توافق واسع ستثري مسار الحركة وستدعم كذلك قدرتها على الاستقطاب وتعزيز موقعها على الساحة السياسية الوطنيّة.