خطأ صحي تحوّل الى عادة يمارسها الكثيرون ... مما جرّ البعض من المختصين الى القول ان التطبّب الذاتي أي اقتناء الأدوية دون وصفة طبية - اصبح يتطلب رسميا تدخّل مجلس النواب لصياغة قانون يمنع تمكين المواطن من الأدوية وخاصة منها المضادات الحيوية دون وصفة طبية ... تلتزم به وزارة الصحة العمومية. هذه العادة قد تطرح خلال الفترة القادمة اسئلة غامضة حول التأثيرات الجانبية للتداوي الذاتي وكيفية الحد منها خاصة في ظل توفر الاستثناء هذا العام ... متمثلا في انتشار انفلونزا الخنازير ... فهل يغير فيروس H1N1 عادات التداوي لدى التونسي؟ وماذا يقول الاخصائيون في هذا الشأن؟ استعدادات هامة تجري على المستوى العالمي وكذلك الوطني للحد من انتشار فيروس H1N1 المعروف لدينا بانفلونزا الخنازير سريعة الانتشار ... تلك الاستعدادات شملت تفاصيل كثيرة منها التسابق دوليا نحو طلب اللقاح واجراء تجارب مخبرية كثيرة لتحليل الفيروس وفهم مدى قدرته على التأثير على الصحة البشرية .. مرفوقة بتحذيرات حول كيفية الوقاية من الاصابة قبل حلول موسم ظهور «القريب». تفاصيل كثيرة هل تتغافل عن عادة التونسي في التداوي الذاتي عند اصابته بالقريب؟ وما هي المضاعفات الصحية التي قد تظهر لدى المصاب ب H1N1 الذي يلتزم بالتداوي الذاتي؟ لا لكسر العادة هل يغير التونسي عادته «الصحية» في التداوي الذاتي من القريب بمناسبة استثناء ظهور انفلونزا الخنازير هذا العام ... سؤال وجهته «الشروق» الى البعض في الشارع فكانت ردود هم متشابهة ... وأغلبهم يصرّ على أن العادة لن تكسر وأن الانفلونزا الجديدة غيمة ستمر بسلام تعود لطفي الجبالي اقتناء بعض الأدوية من الصيدلية دون وصفة طبية، يقول انها تلك التي تكون ضرورية لمعالجة الآلام الخفيفة. مشيرا الى أن ذاك الألم الخفيف في حال طالت مدته يتطلب حينها تدخلا طبيا واجراء فحص طبي. يقول «بامكان كل واحد منا تحديد حجم ألمه ان كان عاديا او خطيرا مصحوبا بآلام غامضة ... لذلك لا أتاخر في اقتناء الأدوية المتضمنة «للبراسيتامول» لمواجهة الآلام الخفيفة لكني على قناعة تامة بأن بعض الآلام تتطلب التدخل الطبي من ذلك الحمّى لان هذه الأخيرة تصحب في الغالب اصابة بتعفن او بجرثومة ما». ويضحك محدثنا قبل أن يقول «عادات كثيرة ربما سنحتاج الى مراجعتها لتجنب الاصابة بانفلونزا الخنازير منها المصافحة والتقبيل خاصة وأننا على أبواب العيد». ويلاحظ المتحدث ان استشارة الاطباء ضرورية لكنه يقتنع ايضا بأن كثرة الاستشارة وتوجيهات الأطباء قد تؤدي الى الضرر. تحذير المسنين والأطفال مداواة الآلام الخفيفة كانت العذر المشترك بين من حدثونا لتفسير اقبالهم على التداوي الذاتي. هذه العادة تعودها بدوره عادل الحمروني محاولا التستر بخطة واعية في التعامل مع فكرة اقتناء الأدوية دون استشارة طبية ... اذ يقول «ارفض اقتناء المضادات الحيوية لانها لا بد ان يصفها طبيب». نسأله لدينا استثناء هذا الموسم متمثل في ظهور فيروس H1N1 المشابه في اعراضه لفيروس القريب الموسمي كيف ستتعامل مع علامات الاصابة؟ يردّ «ارتفاع درجات الحرارة من الاعراض التي يجب بالضرورة زيارة الطبيب من اجلها ... لكن بقية الاعراض عادية وسأتعامل معها بالتداوي الذاتي». يضحك بشدّة قبل ان يضيف «قد تتطلب المسألة اكثر حذرا وربما اكثر تحسيسا لكنّي مازلت لم اقتنع بعد برواية هذا الفيروس الذي افزع العالم منذ شهر افريل ... لان الصحة الاعلامية هي التي اسندته الخطورة وليس نتائج التحاليل». اقتني في الغالب الأدوية «البسيطة» دون الرجوع الى نصيحة طبيّة ... لكننا نحرص في العائلة على ضرورة زيارة الطبيب دون اللجوء الى التداوي الذاتي في حال كان المصاب مسنا او طفلا ... نظرا الى هشاشة مناعته ويضيف رضوان «يضطر صاحب المناعة القوية ايضا الى زيارة الطبيب في حال طال ألمه الخفيف لأن ذلك قد ينقلب خطورة ويؤكد المتحدث ان التونسي على دراية بالاستثناء وبالتالي سيكون حذرا اكثر. موضحا أن المواطن اكتسب ثقافة صحية دعمتها المنظومة الطبية ... كما ان المعلومة الصحية اليوم، حسب قوله، تصلك رغما عنك بسبب وفرة وسائل الاعلام وتنوعها ... وبالتالي توفرت الأرضية للحذر اللازم. وردا على سؤالنا حول مدى ثقل كلفة العلاج يقول «بعض الأدوية ما تزال باهظة جدا وتثقل كاهل المواطن ... كما أن صندوق التأمين على المرض ما يزال حضوره معقدا ضمن المنظومة الصحية لدعم صحّة وسلامة التونسي». أسماء سحبون أخصائي في الأمراض الصدرية ل«الشروق»: يجب القضاء على هذه العادة تونس (الشروق) : قال الدكتور ناصر بن عبد السلام الاخصائي في الحساسية والامراض الصدرية إن التداوي الذاتي عادة وجب القضاء عليها... فهي مسألة ممنوعة قانونيا في فرنسا مثالا. ويتساؤل لم لا يتم القضاء على هذه العادة بقانون يمنعها من مجلس النواب لتلتزم به كل الهياكل الصحية حماية للمواطن المصاب. وردا على استفسارنا حول الفرق بين الاصابة بالڤريب الموسمي والاصابة بالڤريب الجديد أوضح أنه ليس هناك أي فرق على مستوى العوارض... ويمثل مدى اختلاط المصاب بالمهاجرين او سفره خارج الحدود الفرق الوحيد لتحديد ما إن كانت الاصابة بالموسمي او بH1N1. كما بيّن ردّا على سؤالنا حول المضاعفات الصحية التي قد تنجر عن التداوي الذاتي لدى المصاب بأنفلونزا الخنازير ان المسألة تختلف بين الاشخاص كل حسب مناعته... فالطفل والمسن والمدخن هم الأكثر هشاشة. وذكر الاخصائي ل«الشروق» ان التداوي الذاتي استثناء قد يُسمح به في المناطق النائية البعيدة جدا عن النقاط الصحية كإسعاف أولي قبل التشخيص... هذا الاستثناء يشمل الأدوية الحاملة للباراسيتامول وكذلك بعض المضادات الحيوية الخاصة بالڤريب فقط. أما عادة التداوي الذاتي عموما مطلوب ايقافها نظرا لخطورة مضاعفاتها.