انطلقت صباح أمس بأحد فنادق قمرت فعاليات الندوة الدولية الواحدة والعشرين للتجمع الدستوري الديمقراطي التي انتظمت تحت شعار «اي منظومة اقتصادية لضمان الاستقرار والتنمية في العالم». الندوة انطلقت بخطاب رئيس الدولة الذي القاه نيابة عن السيد محمد الغنوشي الوزير الأول والذي لاقى استحسانا من المشاركين في الندوة لوضوحه وعمق مقارباته. المحور الأول للندوة تناول جذور الأزمة العالمية واَليات تفادي تكرارها وحاضر فيه السيدان ديديه رايندرز وزير المالية البلجيكي وتوفيق بكار محافظ البنك المركزي. وتعرض وزير المالية البلجيكي الى أسباب اندلاع الأزمة في الولاياتالمتحدة قبل توسعها الى مجمل بلدان العالم فقال ان سببها يعود الى الاستهلاك المفرط في امريكا والى التسهيلات الكبيرة التي تمنحها المؤسسات البنكية والمالية عند الحصول على القروض وهو ما جعل النمو مرتبطا بالقروض حتى ان البنوك كانت تسوّق منتوجات لم يكن المواطنون يفهمونها ويدركون خطورتها اضافة الى عدم ضبط شروط التسديد وعدم اتخاذ اجراءات متشددة ضد عدم تسديد القروض وفوائضها. وأدت هذه الوضعية الى أزمة سيولة ثم الى ازمة ثقة بين البنوك خلّفت افلاس عديد البنوك والمؤسسات العملاقة وهو ما فرض تدخل صندوق النقد الدولي. وبعد ان أشار الى توسع الأزمة عالميا تعرّض المحاضر البلجيكي الى التضامن الدولي بين كل المتعاملين الماليين وقال ان مواجهتها تقتضي دعم حماية المدخرين وتكثيف المراقبة المالية الدولية ودعم التعاون بين البنوك وسن تشريعات تحكم التصرف في الأزمات ومزيد مراقبة كل المنتوجات البنكية والحدّ من مخاطرها. ودعا الوزير البلجيكي الى اصلاح هيكلي لصندوق النقد الدولي وتوسيع تدخلاته وصلاحياته وشدد على اهمية تشريك الدول النامية والصاعدة في اتخاذ القرار. نفس التحليل لجذور الأزمة وكيفية التصدّي لانعكاساتها وضمان عدم تكرارها ورد في مداخلة السيد توفيق بكار الذي تحدث عن المقاربة التونسية والاستراتيجية التي وصفها رئيس الدولة والتي اعطت حصانة للاقتصاد التونسي وضمنت تواصل نموّه الايجابي. وقال السيد توفيق بكّار ان المجموعة الدولية تمكنت بفضل مجهودات ضخمة من تفادي دخول الاقتصاد العالمي مرحلة كساد طويلة المدى ومن تطويق تأثيرات هذه الأزمة على القطاع الحقيقي. وقال محافظ البنك المركزي متحدثا عن التمشي التونسي تجاه الأزمة العالمية ان بلادنا بادرت منذ بروز البوادر الأولى للأزمة الى تركيز خلية يقظة صلب البنك المركزي قبل ان يتم احداث لجنة متابعة وطنية يشرف عليها الوزير الأول تضم الحكومة وممثلين عن المنظمات الوطنية واساتذة جامعيين من ذوي الاختصاص لمتابعة تطورات الأوضاع المالية واقتراح الاجراءات الواجب اتخاذها لمجابهة تأثيرات الأزمة على الاقتصاد التونسي. وبعد أن افاض في شرح محاور الاستراتيجية الوطنية للتصدي لتداعيات الأزمة دعا محافظ البنك المركزي الى مراجعة دور المؤسسات المالية العالمية بتشريك البلدان الصاعدة والنامية بصفة فعلية في دائرة القرار والى اعتماد مقاربة تنموية دولية تتميز بالشمولية والحكم العالمي الرشيد اضافة الى معالجة ظاهرة الاقصاء التكنولوجي والأمية الجديدة وما تحدثه من فوارق دولية وكذلك بتفاقم الاخطار الدولية وخاصة ما يتولد عن التغيرات المناخية من مشاكل بيئية تهدد مستقبل البشرية وتصادر حق الأجيال الجديدة في التنمية.