يعرف قطاع المحاماة جدلا حادا إثر النزاع الحاصل مؤخرا بين مجلس هيئة المحامين وعميدهم، والذي انتهى إلى ما أسماه هذا الأخير انقلابا عليه وتجريدا لصلاحياته. وقد عرف القطاع تداولا لبلاغات مواقف واتهامات مختلفة كان آخرها الوثيقة الصادرة عن المجموعة المعروفة باسم "محامون ضد الفساد المالي". وبالعودة إلى بلاغ عميد المحامين بشير الصيد فقد ذكر أنّه تعرض للشتم والتهديد من بعض أعضاء مجلس الهيئة وأنّه تم افتكاك دفاتر الجلسات منه وحجب عنه البريد الإداري وتسليم ذلك للكاتب العام، كما ذكر أنّه وقع منعه من السفر إلى الخارج وتمثيل الهيئة لدى الهيئات والمنظمات المهنية والحقوقية وحضور المؤتمرات إلا بإذن من أعضاء المجلس، هذا إضافة إلى بيع سيارته ومنعه من استعمال الهاتف الجوال. وقد اعتبر العميد الصيد ذلك انقلابا مخططا له على مؤسسة العمادة ومحاولة أخرى لتجريده من صلاحياته ومهامه التي خصه بها القانون. وفي ردّ على هذا البلاغ وزّع مجلس الهيئة نصّ محضر جلسة 6 نوفمبر والذي ورد فيه أنّ العميد قام بتعيين ممثل لهيئة المحامين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي دون الرجوع إلى أعضائها كما ينص على ذلك القانون. وأعلن مجلس الهيئة قرارا بمنع أي سحب من خزينة الهيئة نقدا من قبل العميد. كما قرر المجلس عدم تحمل تكلفة الهاتف الجوال الراجعة إلى العميد وبيع السيارة الموضوعة على ذمته نظرا للحالة السيئة التي أصبحت عليها. وأشار المجلس إلى أنّ بريد الهيئة هو من مهام الكاتب العام إضافة إلى مسك دفاترها، فتقرر إرجاعهما إليه. ووقع على هذا المحضر عشر أعضاء من مجلس هيئة المحامين وتغيّب عضوان إضافة إلى العميد الذي قاطع الجلسة. لكنّ مجموعة من المحامين وزعوا يوم أمس الجمعة وثيقة بعنوان "عيّنات حيّة وشواهد فساد" ذكروا فيها أنّ فاتورة الهاتف الجوال التابع للعميد هي بمعدّل ألف وخمسمائة دينار شهريا، وأنّ الاختبار أثبت أنّ سيارة العميد لم تصلح مرة واحدة وذلك تفنيدا لادعاءات إصلاحها بالملايين، حسب ما جاء في الوثيقة. وأضافت الوثيقة أنّ تلك السيارة استهلكت أكثر من 20 ألف دينار من الوقود في أقلّ من عام واحد وأنّ منحة السفر اليومية لفائدة العميد وصلت 400 دينار. وسردت الوثيقة وقائع عمّا ذكرت أنّه رشاوى تلقاها العميد لترسيم مشطوبين من المهنة، كما أشارت إلى أنّ المحامي الذي عيّنه العميد بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي هو المشرف على تمرين ابنه مقابل ألفي دينار شهريا. وجدير بالذكر أنّ الوثيقة الأخيرة حفلت بكثير من المعلومات والأرقام عن أداء عميد المحامين، وقد لاحظ أصحابها أنّهم يعدّون لعمل منهجي ينوون التوجه به للمحامين مطلع السنة المقبلة. وتبقى الأزمة الحالية مرشحة لتطورات جديدة، وقد اعتبرها العميد وأنصاره تحالفا سياسيا ضدّه متسائلين عن سرّ توقيت القرارات الأخيرة، في حين ردّ خصومه في مجلس العمادة بأنّهم ضجروا من تصرّفاته وقرروا وضع حد لها.