اثراء للحوار حول ما حدث في جلسة 6 نوفمبر التي عقدتها الهيئةالوطنية للمحامين وافانا الأستاذ خالد الكريشي بالمداخلة التالية: بعيدا عن تفسير ومحاولة فهم الخلفيات السياسية والانتخابية والتي سنتناولها في موضع أخر التي دفعت بعض أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين للقيام «بمحاولة انقلابهم» على مؤسسة العمادة الشرعية المنتخبة ديمقراطيا في انتخابات جوان 2007 في جلستهم المنعقدة يوم 06 نوفمبر 2009 وتجريدها من صلاحياتها وامتيازاتها القانونية، وبعيدا عن الاعتداءات اللفظية الآثمة والمؤسفة التي تعرض لها عميد المحامين رمز المحاماة التونسية من قبل عضوين من مجلس الهيئة وصلت إلى حدّ سب الجلالة في مكتب العمادة والمخالفة لأخلاقيات المهنة وثوابتها وتقاليدها، وبما أننا محامون ورجال قانون أسلوبنا في ذلك هو الجدل القانوني ومقارعة الحجة بالحجة فإن ما وقع كان اعتداء فاضحا صارخا على المبادئ القانونية عامة وقانون مهنة المحاماة خاصة تمسكا بالشكل ودون النقاش والخوض في الأصل الذي يريده البعض كشجرة تغطي الغابة لتبرير هذه الخروقات القانونية واعتدائهم على قانون المهنة والارتداد إلى الوراء. أول هذه الخروقات خرق أحكام الفصلين 48، 62 من القانون عدد 87 لسنة 1989 المؤرخ في 07 سبتمبر 1989 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة: إذ نصّ الفصل 48 صراحة على أن: «تضم الهيئة الوطنية للمحامين وجوبا جميع المحامين بالبلاد التونسية وتتمتع بالشخصية القانونية وبالاستقلال المالي ويديرها مجلس يترأسه عميد وتعقد جلساتها العامة طبق هذا القانون ومقرها تونس العاصمة..» فيما نص الفصل 62 من قانون مهنة المحاماة على أن: «ويتولى العميد بالخصوص: 1 تمثيل الهيئة الوطنية للمحامين لدى كافة السلطة المركزية. 2 الاشراف على تجديد مجالس الفروع الجهوية وعلى الانتخابات الجزئية.. 3 رئاسة مجالس الهيئة..». وبالتالي فإن مدى شرعية انعقاد أي مجلس للهيئة الوطنية للمحامين يتوقف قانونا على ترؤسه من جانب العميد أو من يفوضه لذلك بمقتضى قرار كتابي، إلا أن ما وقع يوم 06 نوفمبر 2009 كان مخالفا لأحكام هذين الفصلين المذكورين إذ تم تنصيب الكاتب العام رئيسا للجلسة دون تفويض صريح وكتابي من العميد الذي رفع الجلسة احتجاجا على فرض بعض أعضاء المجلس تغيير جدول الأعمال الذي كان مخصصا للتأديب طبقا لجدول الأعمال المحدد من قبل العميد والمبلغ مسبقا لجميع أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين. وحضر للغرض جميع الزملاء المحالين على التأديب صحبة محاميهم، والأكيد أن أغلبية أعضاء المجلس لا يمكنها أن تخرق نصا قانونيا واضحا وصريحا لأن هناك قواعد وضوابط قانونية تحكم تسيير هياكل مهنة المحاماة وردت في الباب الخامس من قانون المهنة تحت عنوان «في هياكل التسيير» كما أن إرادة أغلبية أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين لا تعوض إرادة المشروع وتبيح لنفسها تغيير القواعد القانونية أو تنقيحها بدعوى استرجاع الصلاحيات». ثاني هذه الخروقات، خرق المبادئ القانونية المستقرة فقها وقضاء: فمن المبادئ القانونية المعروفة والمعمول بها مبدأ توازي الصيغ والشكليات بمعنى أن إلغاء أي قرار أو اجراء يجب أن يكون بنفس الصيغ والشكليات التي اتخذ بها، ودون النظر في تفاصيل القرارات وموضوعها المتخذة في جلسة «محاولة انقلاب» 06 نوفمبر 2009 فإن القرارات التي تم إلغاؤها سبق وأن تم اتخاذها سابقا في جلسات الهيئة الوطنية للمحامين المنعقدة صحيحة طبقا للاجراءات القانونية حسب قانون المهنة الصادر في 07 سبتمبر 1989 (تحديد جدول الأعمال مسبقا من العميد وتبليغه لكافة الأعضاء، ترؤس العميد للجلسات..) وبقيت معمول بها وسارية النفاذ لحدود جلسة 06 نوفمبر 2009 ولا يمكن بالتالي إلغاؤها إلا في جلسة قانونية وشرعية للهيئة الوطنية للمحامين محترمة للشكليات القانونية وليست في جلسة باطلة قانونا كجلسة 06 نوفمبر 2009 وجميع القرارات الصادرة عنها قرارات باطلة بطلانا مطلقا لابنائها على جلسة باطلة وما بني على باطل فهو باطل والعدم لا ينقلب للصحة أبدا.