في الندوة التي نظّمها لقسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية بالاتحاد العام التونسي للشغل تم بشكل مفصل «تشريح» الوضع داخل الصناديق الاجتماعية عبر دراسة تقييمية تضمنت معطيات عديدة وتفاصيل كثيرة. الندوة حاولت تشخيص الواقع داخل الصناديق الاجتماعية ورصد الوضع بدقة في ما يتعلق بأنظمة التقاعد... ما حقيقة الوضع المالي داخل الصناديق الاجتماعية وكيف السبيل للتوصل الى حلول وما هي آفاق أنظمة التقاعد في تونس؟ «الشروق» تفتح الملف من خلال الندوة الكبرى لقسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية بالاتحاد العام التونسي للشغل وهي الندوة التي حضرها أعضاء الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد وعدد كبير من النقابيين القاعديين. متابعة: سفيان الأسود حسب المذكرة التي اعدها قسم التغطية الاجتماعية بالمركزية النقابية وهو القسم الذي يعمل باشراف رضا بوزريبة عضو المركزية النقابية فإن صناديق الضمان الاجتماعي في تونس تمر بوضعية مالية صعبة قد تتفاقم في المستقبل القريب والبعيد اذا ما استمرت مختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وتلك المتعلقة بهيئة أنظمة الضمان الاجتماعي على ما هي عليه اليوم. وتضيف المذكرة ان هذه الاشكالية الكبرى والمعادلة الصعبة التي يواجهها الضمان الاجتماعي في بلادنا تتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة والمسؤولية لتشخيص الوضع وتحديد الأسباب بكل دقة وموضوعية واقتراح الحلول الآجلة والعاجلة لضمان توازنات انظمة الأجراء وديمومتها على الاقل في أفق سنة 2030. وتؤكد المعطيات أن الوضعية المالية في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية قد تدحرجت في فترة وجيزة من 2002 الى 2007 من نتيجة ايجابية ب 49.310 مليارا الى نتيجة سلبية ب 28.647 مليارا وذلك رغم الترفيع في الاشتراكات بعنوان النظام العام للتقاعد. والملفت للانتباه ان الزيادة الجارية ب 3% في اشتراكات انظمة التقاعد لم تمتص العجز المسجل في التوازنات المالية العامة بحيث استقر العجز سنة 2007 وذلك رغم تخلي الصندوق عن نظام الحيطة الاجتماعية لفائدة الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وبخصوص وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد بلغت المداخيل الجملية لكافة الانظمة سنة 2007 ما قدره مبلغ 1216،841 مليارا في حين بلغت التكاليف الجملية لنفس السنة 1287،762 مليارا حيث افرزت هذه السنة نتيجة سلبية ب 70.921 مليارا مقابل عجز ب 109،011 مليارات سنة 2006 وعجز ب 9.014 مليارات سنة 2005 وفائض ايجابي ب 43.736 مليارا سنة 2004. ان نسق العجز في أهم نظام يتصرف فيه الصندوق وهو نظام الاجراء في القطاع غير الفلاحي يعتبر خطيرا من الناحية الفنية العاجلة والآجلة وقد يمثل تهديدا مباشرا لديمومة هذا النظام ومن ورائه بقية الأنظمة للمنخرطين في الصندوق اَفاق وحسب المذكرة التي اعدها قسم التغطية الاجتماعية بالمركزية النقابية فان اَفاق انظمة التقاعد مفزعة الى حد كبير وقد دعا الاتحاد منذ سنوات عديدة الى الاهتمام بهذا الموضوع ودراسة الحالة الراهنة والمستقبلية بصفة علمية مدققة. وتؤكد المذكرة ان الحلول الاستعجالية والترقيعية خاصة تلك المتعلقة بالزيادة في الاشتراكات بعنوان التقاعد لا تحل المشكلة كما أن المقترحات التي تركز بالأساس على مراجعة العناصر الهيكلية الخاصة بأنظمة التقاعد لا تقدم حلولا للمشكلة. وتقول المذكرة ان المسألة اكثر تعقيدا وتشعبا وتقتضي النظر في كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية كما يتعين النظر في موضوع على غاية من الأهمية بصفة متريثة وعميقة وهو تمويل الضمان الاجتماعي ولا بد من تنويع مصادر تمويل الضمان الاجتماعي في تونس حفاظا على التوازن والاستقرار الاجتماعي. تشغيل ان نظام الضمان الاجتماعي في بلادنا على الطريقة التوزيعية اي على التضامن بين مختلف اصناف واجيال الأجراء والمضمونين الاجتماعيين عموما وعلى هذا الأساس فان الخدمات التي تسديها الصناديق وتوازناتها المالية وديمومتها شديدة الحساسية لكل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. لذلك فان انظمة التقاعد تتأثر بشدة بمستوى التشغيل وانماطه و بالاجراءات المصاحبة في تسريح العمال وخاصة منها المتعلقة بالتقاعد المبكر أو قبل السن القانونية. ومن خلال تحليل الوضعية المالية لانظمة التقاعد في القطاع العمومي وفي القطاع الخاص نتبين مدى الخطورة التي اصبحت تعيشها هذه الأنظمة والتوقعات المستقبلية المتعلقة بها.