حامد قرضاي الرئيس الأفغاني اسم تلوكه ألسن الأفغان والغرب هذه الأيام على خلفية انتقاداته للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي واتهامه لبيتر غالبرايث المساعد السابق لرئيس بعثة الأممالمتحدة أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أفغانستان، بتزوير نتائج الانتخابات. والمفارقة في تصريحات واتهامات قرضاي، أن تزوير نتائج الانتخابات هو ما أعاده الى السلطة مجددا، ولكن الرجل يعتقد أن الهدف من التزوير هو إضعافه وجعله رئيسا عاجزا. والى حدّ هذه الاتهامات التي تراجع عنها قرضاي بعد أن طالبته واشنطن بالانضباط، تبقى سلطته محل استفهام وما إذا كان حقا صاحب القرار في أفغانستان. وبالنظر الى تصريحاته بغض النظر عن ظروف الادلاء بها، ثمة مؤشرات واضحة على أن سلطة الرجل صورية، وأن القرارات بيد من صنعوه ونصّبوه حاكما للبلاد. وعلى ذكر صناعة «الرؤساء» أو «الحكام» الجدد في أفغانستان أو العراق، يبرز اسم بيتر غالبرايث أكثر الشخصيات الأمريكية المثيرة للجدل على خلفية سجله الحافل بالانتهاكات والسرقات. رجل الظل غالبرايث وقرضاي عادا الى واجهة الأحداث في هذه الفترة على خلفية فضيحة التزوير وتبادل الاتهامات. صمت غالبرايث على اتهامات قرضاي لم يدم طويلا، فبعيد يوم واحد على تصريحات الرئيس الأفغاني، قال السفير الأمريكي السابق (أي بيتر) ان كلام قرضاي عبثي ويبعث على الدهشة..». ولم يكتف غالبرايث بهذا، فقد سخر من قرضاي وتساءل عن مدى صحته العقلية وما إذا كان يعيش الواقع الأفغاني أم لا؟ قرضاي المغلوب على أمره التزم بعدم الردّ، ليس طوعا وإنما امتثالا لأوامر البيت الأبيض الذي طالبه بتوضيحات اتهاماته، وألزمه بالانضباط. والأمر ليس مستغربا، فعادة ما يتلقّى الرئيس المعين الأوامر من سلطة الاحتلال التي نصّبته حاكما، وما عليه إلا تقديم فروض الطاعة. والمشهد بما فيه من مفارقات، يكاد يكون نسخة طبق الأصل من المشهد السياسي العراقي خاصة وأن غالبرايث واحد من مهندسي العملية السياسية في العراق ومن شخصيات الظل التي ساهمت في الغزو، وهو أيضا صاحب حملة التشويه التي طالت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ويقول عنه جيل مونييه الأمين العام لجمعية الصداقة الفرنسية العراقية، إنه منذ أن أقاله الأمين العام للأمم المتحدة من منصبه ضمن البعثة الأممية لمراقبة الانتخابات الأفغانية (2009) أصبح ممثل أوباما في المنطقة ويعمل حاليا على إيجاد بديل لقرضاي... وقد تصدر بيت غالبرايث الحملة العنيفة على حامد قرضاي بعد تصريحاته التي أثارت استياء الغرب. والرجل صاحب خبرة في صناعة «الرؤساء» وفي الإطاحة بهم أيضا ويدرك جيدا كيف يدير حملة تشويه خصومه، وله سوابق في هذا الشأن. وحسب تقرير نشرته مجلة «افريقيا آسيا» في ديسمبر 2009، فإن غالبرايث على صلات وثيقة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي اي ايه)، وهو رجل أعمال قبل أن يكون ديبلوماسيا، ولكنه اتخذ من السياسة غطاء لإدارة تجارته والتربّح من منصبه ونفوذه لدى السلطة الأمريكية. أثيرت حوله في السنوات القليلة الماضية شكوك حول خدمته للقيادة الكردية في شمال العراق وعمله على توجيه الدستور العراقي «الجديد» نحو منح اقليم كردستان العراق الاستقلال التام لكنه اختلف مع ادارة بوش في هذا الأمر. ويقال إنه تربح من منصبه حين كان رجل الظل في سلطة بول بريمر، كما عمل مستشارا خاصا للقيادي الكردي مسعود البرزاني. والدور المشبوه الذي لعبه في العراق، حاول أن يكرره في أفغانستان، لكن خلافات واختلافات أبعدته عن المهمة. ويبدو في خضم هذا المشهد أن أقصى ما يتمناه الرئيس الأفغاني، أي يحافظ على منصبه، فالرجل طموح وتحقيق طموحاته أو الحفاظ عليها يبقى رهين تقديم فروض الطاعة. أما غالبرايث الذي تدور حوله الشبهات في أكثر من ملف فساد فطامع تربح من مأساة العراقيين، ويسعى للتربح من مأساة الأفغانيين.