في العراق المحتل، مازالت المحاكمات الصورية تملأ المشهد البغدادي، وقد باركها الاحتلال الأمريكي، تماما كما بارك تنصيب حكومة تابعة له، في ظل وجود عسكري احتلالي لكامل العراق.. تنفيذ بأحكام الإعدام، مرتقب حسب المعلومات المتواترة، في حق ألف عراقي، كلّ تهمهم أنهم قالوا لا للاحتلال الأمريكي، ولا لهيمنة الأجوار على العراق. بل إن وجود تسع نساء عالمات، ضمن هذه القائمة، يؤكد أن الهدف الأمريكي من احتلال العراق، هو ضرب صرح علمي بنته قيادة وطنية حكمت البلاد، وطمحت إلى أن يكون للعرب وقفة عزّ فيها استقلال وتأميم للثروات عبر كلّ الوطن العربي.. الآن، وإذا لم تنهض المنظمات والأحزاب العربية، لايقاف ومحاسبة الجريمة الاستعمارية، فإن العراق، سوف لن يكون سوى المقدمة لواقع عربي، تكون فيه المجازر متعدّدة ويومية.. والمحاكم أشدّ صورية، من تلك المحاكم التي تنصب هلاميا في بغداد.. هذه المجزرة الجديدة، التي يتسبّب فيها الاحتلال الأمريكي، سوف تكون المنصّة التي ستخمد من خلالها قوات الاحتلال والامبريالية، كل صوت يمكن أن يعلو ويمانع ويطالب بخروج المحتل. عمليات الاعدام، وحسب نفس المعلومات المتداولة، ستكون في عيد الاضحى وتحديدا في الذكرى الثالثة لاعدام رئيس الجمهورية العراقية صدام حسين، وفي هذا أكثر من دلالة.. فالدلالة الأولى تقول ان لا قوة ولا صوت يعلو فوق صوت الاحتلال والهيمنة الامبريالية. والدلالة الثانية، تكشف أن حرب الإبادة ضدّ علماء العراق، لا تزال الهدف الأساسي، من عملية الاحتلال برمتها، فالعقل العربي إذا نهض، فإنه سيكتسح المشهد ويشطب الاحتلال رقما ومعطى ماديا. أما الدلالة الثالثة، وهي الأهم، هو ضرب العقلية العربية في مقتل.. وتعويد الذات العربية على الانكسار، وفسخ أي لحظة عزّ يمكن أن يحلم بها مواطن عربي. بحيث تصبح المقدّسات عنده، بلا هيبة، حين يغتال فيها زعماؤه وعلماؤه.. هذا ما جناه الاحتلال الأمريكي على العراق، دولة مفكّكة، وسيادة مفقودة.. والتعليم توقف يوم دخل الاحتلال بلاد الرافدين.. هذا ما جناه الاحتلال الأمريكي على العراق وعلى الأمة، حتى يحلّ الخنوع مكان الاقدام والشجاعة.. وتسلّم بقية أجزاء الأمة، من التي يجد فيها الاحتلال مصالح تخدمه، على طبق من الاستسلام.. وها نحن نتابع فصولا من الاحتلال.. وفصولا من الاستسلام.. لكن للمقاومة.. نصيب الأسد.. إلى حدّ الآن..