«أريد أن أتخلص من هذا السجن حيث لا مخاطب لي غير الجدران، إن احساسي بضرورة العمل واحتضان العالم الخارجي لم يسبق لي أن عرفته أو فهمت له معنى وبات اليوم رغبة لا تقاوم أحسها في كياني» ذلك كل ما كان يتمناه إلياس برينيس عندما عرضنا وضعيته الصحية والاجتماعية على صفحات جريدتنا بتاريخ (28 8 2009). ولأن ا& عز وجل وقّت للأمور أقدارها فقد حلّ يوم الاثنين الماضي ليكون يوما ليس كغيره من الأيام في حياة إلياس برينيس فقد عاد أحد مواطنينا بالخارج محملا بكرسي متحرّك الكتروني سيبرق فوقه الأمل من جديد في حياة إلياس الذي أصبح بامكانه التنقل لمسافة تقدر ب 30 كلم بواسطة هذا الكرسي. رغم الداء... بدا السيد رضا فرح المقيم بألمانيا منذ 12 عاما من طينة هؤلاء الرجال الذين قال عنهم ا& عز وجل: «رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر ا&... وإيتاء الزكاة... ليجزيهم ا& أحسن ما عملوا...» فالسيد رضا لم يلهه عمله بألمانيا والتزاماته العائلية وسارع الى اقتناء كرسي متحرك ليقدمه الى إلياس بمجرد اطلاعه على المقال في «الشروق» وذلك إيمانا منه بأن التونسي للتونسي رحمة وقد تحدث السيد رضا عن ذلك قائلا: «الأعمال بخواتيمها ذلك ما قاله سيد الخلق ے وقد التزمت منذ صدور المقال بجريدتكم بأن أقتني كرسيا متحركا خاصا بإلياس كهدية بسيطة لعلها تخفف من وطأة ألم هذا الشاب وتعيد له البسمة ولو الى حين...». يجيبه إلياس الذي استقبلنا في منزله قائلا: «لقد بشرني بهذا الكرسي وشملني بخدمة سأحفظها له العمر كلّه وأذاقني حلاوة التنقل بحرية خارج جدران المنزل التي مثلت سجنا حقيقيا في حياتي». الطيران التونسي رفض الكرسي وحملته طائرة ألمانية!! إن الكرسي الذي أصبح بحوزة إلياس برينيس لم يصل إلى أرض الوطن بتلك السهولة التي يتصوّرها البعض ذلك لأن السيد رضا فرح تعرض الى معاناة حقيقية طيلة ثلاثة أشهر وقد تحدث عن ذلك قائلا: «إنه أمر يعز في نفس كل تونسي ذلك وأنه بمجرد اقتناء هذا الكرسي قصدت المسؤولين الذين يمثلون تونس بألمانيا ولكنني ذهلت عندما قوبل مطلب حزم الكرسي باتجاه تونس بالرفض إذ وجدت كل الأبواب موصدة، رافضة لهذه المبادرة والطريف في الأمر أنه كان بحوزتي 25 نسخة من مقال «الشروق» الخاص بإلياس لكن لا أحد يصدقك وكنت أدرك أنني أتحدى الصعاب في غرض نبيل لذلك لم أقنع بما دون مرور الكرسي المتحرك الى قلب الخضراء ومن المؤسف أن هذه الكرسي حمل على متن الطيران الألماني بدل الطيران التونسي!!». معاناة السيد رضا تواصلت عند حلوله بمطار المنستير حيث تم «احتجاز» الكرسي مجددا وبقي السيد رضا ينتظر قابعا في مكانه لا يغادره لأكثر من ثلاث ساعات بعد أن وجد نفسه في حوار غير متكافئ مرّة أخرى قبل الافراج عن هذا الكرسي لكن بشرط التأكد من وصوله الى صاحبه الياس برينيس وهو ما حدث فعلا فبمجرد وصولنا الى منزل إلياس اتصل السيد رضا بأحد المسؤولين وجعله يخاطب الياس مباشرة ليتأكد من الأمر!! فيا عجبا أهذا جزاء الاحسان؟!! تحت الدرس... «عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد» وعيد الاضحى في منزل إلياس كان مختلفا هذا العام فبالاضافة الى هذا الكرسي المتحرك فقد أوفت سلطة الاشراف بوعودها وقدمت مساعدة مالية لإلياس برينيس وقد علمت «الشروق» أيضا من مصدر موثوق أن ملف المشروع الخاص الذي يريد إلياس برينيس بعثه خلال الايام القادمة بات تحت الدرس من قبل مسؤول بارز. سليم سيسي فحسب... كل الذين عرفهم إلياس أو لعب معهم في السابق جنبا الى حنب تنكروا له فلم يعد يرى في ودهم سابقا الا خداعا تجسم على أرض الواقع اليوم... لكن هنالك استثناء واحد مثله بامتياز السينغالي سليم سيسي الذي ظل وفيا ويتصل بإلياس بين الحين والآخر. Komm met هذه الكلمة الالمانية تعني «هيّا معي» نطق بها ابن السيد رضا فرح الصبي حكيم بعد أن قبّل إلياس بحرارة ونحن بصدد مغادرة منزل إلياس وقد غمرتنا فرحة عارمة بعد أن تحول جزء كبير من حلم إلياس الى واقع ملموس.