وبعد، إننا عدد من مثقفي ولاية الكاف من مختلف التعابير الثقافية بعد اطلاعنا على الحوار الذي أجرته الصحفية المحترمة رشا التونسي مع السيد محمد عبازة بجريدة الشروق الغراء ضمن ركن «القنديل الثاني» بتاريخ 17 نوفمبر 2009 بالصفحة 27، اذ نثمن مساهمته في التأريخ للمسرح التونسي من خلال كتابه «تطوير الفعل المسرحي بتونس»، نستغرب ما صدر عنه من تصريحات باعتباره مدير مؤسسة جامعية تختص في الموسيقى والمسرح بالكاف. ففي الوقت الذي يؤكد فيه سي محمد عبازة الدور الفعال لفرقة الكاف للمسرح على امتداد تاريخها العريق في القطع مع السائد فإن ما صرح به هذا الاخير وهو الجامعي الذي ناله شرف ادارة مؤسسة جامعية مختصة في تكوين الاجيال الجديدة من الشباب الطلابي في مجالي الموسيقى والمسرح يبعث على الاستغراب حيث أورد في آخر الحوار وبرر تأصل الحس الفني لدى أغلب طلاب المعهد وهم من غرب البلاد بالكسل الناجم عن الستة أشهر فراغ التي يعيشها الفلاحون في انتظار حصاد الزرع مما يضطر أصحاب الزراعات الكبرى وفي انتظار هذا «الحصاد» لمتابعة الفنون وهي متابعة ناتجة عن الكسل معتبرا ان حسهم الفني هذا بدائي انتاجا واستهلاكا، فهل يعقل مثل هذا الكلام يا حضرة الدكتور؟ والحال انك تدرك جيدا ان الانتاج الفني لجهة الشمال الغربي والذي وصفته بالرداءة هو الذي كان وراء البروز الفني على المستوى الوطني عامة ومن المفروض انك تدرك جيدا ان أبرز الاسماء الفنية على المستوى الوطني في الموسيقى والمسرح هم أصيلو هذه الربوع المتجذرة في أصالتها وذاكرتها الثقافية الوطنية ثم من الواجب علينا تذكيرك في هذا الشأن ان سيادة الرئيس زين العابدين بن علي راعي الثقافة والمثقفين راهن ومنذ بدايات التغيير ومازال، فكان قراره تباعا ببعث مركز الفنون الدرامية والركحية ثم اذاعة ثقافية جهوية ثم معهد عال للمسرح والموسيقى بالكاف لمزيد تأصيل الكيان الفني في هذه الربوع مراهنة من سيادته على شباب غرب البلاد للمساهمة في نحت معالم المستقبل الثقافي الوطني باعتبار هذا الشباب لديه من الاستعداد الكبير للعمل والاجتهاد والجدية والانضباط ما يجعلنا نراهن عليه في الفعل الثقافي وفي تطوير الصناعات الثقافية باعتبارها سلاحنا لمواجهة تحديات العولمة الجارفة... ثم هل يا سي عبازة (وهذا حال أبناء الشمال الغربي من الكسل) ان تراهن عليهم دولة التغيير وتضخ الاعتمادات الكبرى لتشجيع مثل هذه السلوكات؟ بالتأكيد لا وألف لا. لقد استبشرنا خيرا بإشرافك الاداري على مؤسسة جامعية كبرى بهذه الربوع بعثت لمزيد تكوين وتأصيل ابداع الشباب الطلابي وللبلوغ بالمواهب الفنية بهذا الموطن الى درجة الاحتراف واذ علقنا آمالا كبيرة على دوركم التربوي التأطيري والبيداغوجي لطلبة المعهد فوجئنا بتصريحكم الصحفي هذا والذي أكدت فيه تكاسل ابناء الجهة ومن البديهي ان يكون دورك في هذا النطاق تفعيل وتنوير الطاقات المبدعة والخلاقة لدى هؤلاء الطلبة مما تفرضه قدرة المسؤول على تطوير العقليات وتهذيب السلوكات، كما انه للأسف وفي الوقت الذي كنا ننتظر منك تكريم أول دفعة تخرج لطلبة المعهد فوجئنا بلا مبالاتك لهذا الحدث التاريخي الذي يوثق لمسيرة المعهد وتخرج أول دفعة سيبقى خالدا في تاريخ هذه المؤسسة الجامعية ذات الخصوصية الفنية وفي تاريخ الثقافة بهذه الربوع رغم انك لم تعرها اي اهتمام ولم تقدم ولو لمسة تشجيع لهؤلاء الطلبة بتكريم الدفعة الاولى من خريجي المؤسسة صدق من قال «أن تسمع بالمعيدي خير من ان تراه»!