تطوّرات جديدة شهدتها قضية جربة ميدون التي نشرت تفاصيلها الشروق أول أمس من خلال توجيه استدعاء لكافة الأطراف المشتبه في تورطهم في هذه القضية، واعتراف المتهم الاصلي بحيثيات الوقائع وتقدمه بشكاية ضد زوجته وابنه اللذين تنكرا له بعد أن فرّط لهما في أسهم الشركة كلها فيما اعترف الابن بدوره بتفاصيل العملية. هذه القضية التي دخلت أروقة محكمة مدنين بعد أشهر من الابحاث عكفت على اجرائها احدى الفرق العدلية المختصة، اتّسمت بالكثير من الغموض وبتناقض في العقود والوثائق التي أمسكها المظنون فيه الاصلي ومن بينها عقد بيع وهمي محرّر لدى محام يؤكد أن عملية البيع هي عملية صورية بحتة وأن هذا العقد يصبح ملغى بمجرد الاخلال بالفصل الرابع من عقد الشراكة الذي تم ابرامه بين الطرفين المتهم والشاكي والذي ينص على اقتسام الاسهم بين الطرفين مناصفة. وللتذكير بتفاصيل القضية فإن شخصا تقدّم لوكالة الجمهورية بشكاية يؤكد فيها تعرضه للتحيل من طرف عدة أشخاص انتهت بافلاسه وتحوّل كل أملاكه الى شخص ثان دون موجب اضافة الى رهن اختباري بنكي على عقارين آخرين بمبلغ يناهز 600 ألف دينار ليجد نفسه في نهاية الامر كفيلا وضامنا ومرهونا للبنك بكل ممتلكاته لغيره ولشركة تجارية اسمه غير مدوّن بسجّلها القانوني. وجاء في حيثيات الشكاية التي انبثق عنها الاذن بفتح محضر بحث تحقيقي أن الشاكي وهو تاجر معروف بمدينة جربة يمتلك عدّة محلات تجارية متحاذية متخصصة في بيع المواد التقليدية للسياح الأجانب تعرض لضائقة مالية خانقة وأضحى مدينا لمزوده الاصلي بالسلع والبضائع بمبالغ متفاوتة في شكل صكوك... وصل صكان منهما الى مرحلة التقاضي، الأمر الذي جعله يقبل بفكرة بعث شراكة مع المزود (المتهم الاصلي في القضية) وتتمثل هذه الشراكة في أن يكون التاجر شريكا بمحلاته الخمسة المتجاورة نظرا للاطار المكاني المتميز لهم ولأصلهم التجاري باهظ الثمن، مقابل أن يتولى الشريك الثاني (المتهم) اعادة تهيئة هذه المحلات وتوفير البضاعة حتى تصبح محلا واحدا ضخما يجلب وجهة السياح. عقد شراكة قانوني وللدخول في مرحلة التنفيذ الفعلي لهذه الشراكة تم ابرام عقد شراكة محاصصة بين الطرفين لدى محام نص على كون الشاكي سيكون شريكا فعليا بمحلاته بنسبة 50٪ فيما يكون المتهم شريكا باعادة بناء هذه المحلات وتوفير البضاعة. ونصّ أحد بنود العقد على كون المحلات لن تكون ضمن الشراكةإذا ما لم يقع العمل بالعقد على أرض الواقع. وفي نفس التوقيت الذي أبرم فيه عقد الشراكة تم ابرام عقد وهمي لبيع تلك المحلات لابن المتهم، أمضى عليه الطرفان لدى المحامي دون التعريف بالامضاء لدى الدوائر المختصة ليبقى عقدا داخليا بين الطرفين الى حين تنفيذ المشروع كما لم يقع النص فيه على مبلغ البيع. أشغال ورهن بنكي سجلت هذه الوقائع خلال شهر أكتوبر من السنة المنقضية حيث تم تهديم المحلات الخمسة لبناء محل واحد كبير حينها اقنع الشريك الشاكي بضرورة الحصول على قرض بنكي لاستكمال المشروع سيتولى هو تسديد أقساطه من نصيبه في الأرباح، ووافق الشاكي وهو يعتقد أنه فعلا شريك في هذه الشراكة التي تم ابرامها لدى المحامي وقام المتهم برهن قطعتي أرض بالمنطقة السياحية تابعتين للشاكي لدى فرع بنكي بالجزيرة بمبلغ 550 ألف دينار تولىبه تشييد المحل التجاري على الطريقة العصرية. وخلال شهر ماي وبالتحديد في اليوم الخامس منه تم افتتاح هذا المحل بحضور الشاكي باعتباره شريكا بالمحلات وضامنا لدى البنك، الا أن هذا الاخير وحين طالب بمعرفة الوثائق المتعلقة بعمليات البيع والشراء تنكر له المتهم وأعلمه أنه لا يمتلك شيئا في تلك المحلات وأن القانون لا يحمي المغفلين. الأبحاث كشفت المستور الأبحاث المجراة في القضية بيّنت أن المتهم استغل الشاكي وأمضى معه عقد شراكة مناقصة إلا أنه عمد في نفس الوقت الى بعث شركة موازية ذات مسؤولية محدودة بينه وبين زوجته وابنه وقام بتسجيلها وفقا للقانون واعتمادها في بعث المشروع كما تم تذييل عقد البيع الوهمي بمبلغ 150 ألف دينار والحصول على مبلغ القرض باسم الشركة حيث لا وجود لاسم الشاكي بها. شهادة المحامي وبسماع المحامي الذي أبرم عقد الشراكة الداخلية بين المتهم والشاكي أكّد ما جاء على لسان المتضرر وأنه أبرم العقد بحضوره الا أنه فوجئ بكون المتهم لم يتعامل بذلك العقد بل بعث شركة ثانية موازية مخلا بذلك ببنود العقد الاول حيث أصبح المتضرر غير شريك وبالتالي فإن المحلات تبقى على ملكه. وأفاد المحامي انه أنذر المتهم وأعلمه بكون ما أقدم عليه يشكل في شأنه جريمة التحيل وان ادراج مبلغ 150 ألف دينار بالعقد هو جريمة تدليس خاصة وأن المحلات تساوي قيمتها المالية عشرات أضعاف هذا المبلغ وأنه حين ابرام العقد لم يقع التنصيص على مبلغ مالي. ضامن... وبعد؟ وفي تصريح ل«الشروق» أكد الشاكي السيد علي الجامعي انه تحصل على مبلغ القرض وتسلمه شريكه كاملا مباشرة من البنك ولم يتفطن للعبة التي تم تدبيرها له، وأن المستفيد كان شركة لا علاقة له بها وان البناية او المحل الضخم بني بمبلغ رهن قطعتي أرض تابعتين له على أنقاض محلاته وأصله التجاري لكنه أضحى لا يمتلك شيئا بل ومدانا بمئات الملايين. إنكار... عند فتح تحقيق عدلي في القضية أنكر المتهم التهم الموجهة اليه بل وصرّح ان الشاكي باعه محلاته كلها بمبلغ زهيد بمحض إرادته لابنه وان هذا الاخير قبض الثمن نقدا الا انه لم يتول تسجيل ذلك العقد او التعريف بامضائه وانه اضطر الى بعث شركة ليتمكن من الحصول على القرض وانه لم يدرج اسم الشاكي في هذه الشركة لكون هذا الاخير ممنوعا من مسك الشيكات ثم صرّح بكون الشاكي لا علاقة له بهذه المحلات وانه مجرد ضامن لمبلغ الرهن لدى البنك مقابل ان يمنحه شهريا مبلغ ألف دينار كمقابل. تعلة مبلغ الالف دينار لم تكن كافية لتبعد شبهة التحيل والتدليس على المتهم اذ من غير المقبول ان يمنح أحدهم كل أملاكه ويرهن البقية مقابل الحصول على مرتب شهري بألف دينار!! ... واعتراف لدى سماعه مجددا من طرف السيد قاضي التحقيق اعترف المتهم الاصلي الأب بحيثيات الواقعة ومن كون الشاكي هو فعلا شريك له في شركة المخاصصة وانه تولى بعث شركة ثانية بغاية سلب هذا الاخير أملاكه وانه حتى لا يضطر الى اعادة ما استولى عليه قام بالتفريط في أسهمه لزوجته وابنه للتفصي من كل مسؤولية وبرر المتهم اعترافه المفاجئ بكون ضميره صحا بين يوم ولليلة. المتهم يشتكي زوجته وابنه من المفارقات العجيبة في هذه القضية ان المتهم وبعد اعترافه المفصل والدقيق بأحقية الشاكي في ممتلكاته عبّر عن رغبته في تتبع زوجته وابنه لكونهما استوليا بدورهما على نصيبه من الشركة وحين منح زوجته 80٪ وابنه 20٪ لم يعتقد أنهما قد يتنكران له بعد ذلك ليجد نفسه هو الآخر بين يوم وليلة وبعد كل تلك المراحل من التحيل مفلسا يبحث عن بيت يأويه. الابن يعترف بدوره بتفاصيل القضية ... «نعم اتصل بي الاب والابن معا وطلبا مني الصفح وعبّرا عن عزمهما اعادة كل ممتلكاتي إلي...» هكذا تحدث للشروق المتضرر حول اخر تطورات قضيته التي عرفها القاصي والداني بجربة بالقول «نعم اتصل بي الابن وبالمحامي الذي يتولى الآن متابعة قضيتي وعبّر لي صراحة عن ندمه وعن عزمه اعادة حقي إلي... أكاد أجن بعد أن حوّلوني الى متشرد أشاهد أملاكي أمامي ولا يمكنني الاقتراب منها. لقد عانيت طويلا منهم ومن اشخاص آخرين تظاهروا برغبتهم في مساعدتي لاسترجاع حقي، لقد اعترف الاب المتهم الاصلي في القضية بكل شيء وكذلك ابنه الحاصل على 20 في المائة من أسهم الشركة ولم تبق الا الزوجة التي رفضت سماع ضميرها وانه ما ضاع حق وراءه طالب وفي الأخير وافقت ان تعيد إلي أملاكي بشرط ان أعيد شراءها منها وهل يعقل هذا.والأغرب انها تسعى للتفريط في ما أملك لغيرها الآن. يسكت محدثنا قبل ان يواصل كلامه بعبرات تخنقه: «لا أمل لي الا في العدالة وحدها التي أنصفتني حين استمعت ودققت في شكايتي هي ملاذي الوحيد الآن بعد ان غدر بي من وثقت فيهم. ولن أتنازل عن حقي وسأتتبع عدليا كل شخص تكشف عنه الابحاث وتثبت انه كانت له يد في ما حدث لي... أمي مريضة وأنا ابنها عاجز حتى عن توفير الدواء لها أو حتى توفير قوتي اليومي... مشكلتي تتعداني كشخص لتشمل آخرين يتلاعبون بالقانون.