أبو ظبي - الشروق - من مبعوثنا الخاص محمد علي خليفة زائر أبوظبي هذه الأيام يلاحظ بشكل ملموس ومحسوس أن الحركة العمرانية في العاصمة الاماراتية لا تهدأ اذ لا تكاد الأشغال تنتهي في منطقة ما وخصوصا في الجزر المحيطة بالمدينة الساحلية الجميلة حتى تبدأ في منطقة اخرى حتى ان القائمين على هذه المشاريع العملاقة أكدوا ان وجه أبوظبي سيكون ذا شكل آخر أشد تألقا وروعة وجمالا في أفق عام 2030 مع اكتمال مشروع جزيرة السعديات الذي سيجعل من هذه المنطقة قبلة لمئات الآلاف بل الملايين من السياح في العالم بفضل تفرد هذه الجزيرة وخصوصية مكوناتها. جزيرة السعديات اختارتها شركة «التطوير السياحي» لتكون عنوانا للتطور الثقافي والسياحي في أبوظبي فالجزيرة التي لا تبعد سوى بضعة مئات من الأمتار عن قلب العاصمة أبو ظبي والتي تتواصل مع محيطها الخارجي عبر جسر من ميناء زايد وآخر من جزيرة ياس، تلك الدرة النائمة في الحضن الشرقي لأبوظبي هي اليوم محظ انظار أبرز المصممين والمهندسين المعماريين في العالم، كيف لا وهي تشهد ولادة أضخم تجمع من نوعه للمؤسسات الثقافية في العالم تجمع بين ما هو تقليدي أصيل يحكي تاريخ البلاد وحضارتها ومنها ما هو مستحدث بل مستنسخ عن أعظم متاحف العالم. وتعد جزيرة السعديات أكبر مشروع متعدد الاستخدامات في الخليج العربي فضلا عن أن هذه الجزيرة الطبيعية بمساحتها البالغة 27 كيلومترا مربعا ستكون وجهة متكاملة للزائرين والمقيمين فيها، وستكون المنطقة الثقافية بمثابة النقطة المركزية في المدينة، خاصة انها تضم متحف زايد الوطني ومتحف غوغنهايم ومتحف اللوفر أبوظبي والمتحف البحري ودار المسارح والفنون .. وتنفرد هذه المشاريع بتصاميمها المعمارية المميزة والتي صممت من قبل مجموعة من أهم المعماريين على مستوى العالم. ويكرم متحف زايد الوطني شخصية وقيم مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويستعرض المتحف محطات هامة من انجازات الرئيس الراحل وعهده كمدخل لاستكشاف وقراءة تاريخ وثقافة دولة الامارات واستعراض مسيرة اتحادها. ويجري تطوير هذه المنشأة الثقافية الفريدة وفق رؤية تهدف الى تقديمها محطة للحوار والتواصل ومنارة للتعليم والاشعاع الحضاري في المنطقة العربية. وسيشتمل هذا المتحف بمساحته البالغة 12 ألف متر مربع على معارض فنية ومركز تعليمي ومحلات تجارية وفضاء لخدمة الزوار. أما متحف اللوفر أبوظبي فيستمد قيمته من مفاهيم الاكتشاف والتغيير التي تتجلى في «التحالف» الفريد بين اعظم متحف في العالم وهو المتحف الزاخر بالجمال والمعرفة وبين المنطقة العربية التي تقع ديناميكيتها في قلب العالم. ويعد متحف اللوفر أبوظبي المتحف العالمي الأول الذي يقام خارج العالم الغربي، حيث سيتم تدشين نسخة من تلك المؤسسة الثقافية التي ولدت في عصر التنوير الأوروبي، على أرض عربية. وقد أبرمت الجهة القائمة على تنفيذ مشروع «اللوفر أبوظبي» اتفاق شراكة ب 30 سنة يتم بمقتضاه تبادل القطع الفنية الفريدة والاصلية المعروضة في متحف اللوفر بباريس كل 6 أشهر لتعرض في أبوظبي. وسيعرض المتحف الصور والرسوم والمنحوتات والمخطوطات والاكتشافات الأثرية والأعمال الزخرفية التي تم ايداعها وتجميعها من كل أنحاء العالم. وسيصمم المتحف على الطراز المعماري الحديث كما سيحتضن معارض تقيم حوارا بين الفنون من مختلف الحضارات والثقافات حول العالم والتي تمتد من العصور الخالية حتى العصر الحديث لكنه سيعمل في الوقت ذاته على ازالة الحدود والفواصل بين الأساليب وبين الحضارات والمناطق الجغرافية، وسيكون هذا المشروع جاهزا في أفق عام 2013. وبالتوازي مع هذا المشروع تعمل شركة التطوير السياحي على انجاز متحف غوغنهايم أبوظبي الذي صمم ليكون بمثابة مؤسسة ديناميكية عالمية لعرض الفنون الحديثة والمعاصرة وسيتميز المتحف برؤيته الخاصة للفن المعاصر الى جانب تصميم معماري استثنائي والتشكيلات الفنية التي يحتوي عليها والمعارض التي يقيمها والبرامج التعليمية التي يتبناها. وسيعمل متحف غوغنهايم الذي صممه المهندس فرانك جيري على طرح الطبيعة العالمية للفن المعاصر والحديث لايضاح المفاهيم الغربية التاريخية في الوقت الذي سيركز ايضا على غنى وتنوع الفن الآسيوي والافريقي واللاتيني والشرقي خلال الفترة ذاتها. وسيركز متحف غوغنهايم أبوظبي بشكل قوي على التعليم وسيسعى الى التكامل والتعاون مع المؤسسات الثقافية والفنية المحلية والاقليمية، كما سيوفر فرصا لتجارب فريدة ومتنوعة ومعمقة يطلع عليها الزوار. أما المتحف البحري الذي صممه الياباني تاداو أندو فسيعرض التراث البحري الخاص بمنطقة الخليج ويحكي علاقة أبوظبي بالبحر قبل اكتشاف النفط، كما سيكون بمثابة عامل ملهم للحفاظ على البيئة البحرية، ويشتمل تصميم هذا المتحف الذي يتم انجازه عام 2017 على سطح عاكس يدمج بين البحر والبرّ وديكور داخلي يحاكي تصميم السفن مع أسطح عائمة. وستكون دار المسارح والفنون بمثابة فضاء ضخم متعدد الاستخدامات حيث سيقوم باستضافة الحفلات الموسيقية الكلاسيكية والمعاصرة وحلات الأوبيرا والمسرح. وفضلا عن كل هذه المشاريع الثقافية ستضم جزيرة السعديات منطقة سكنية يقطنها نحو 160 ألف شخص وجامعات ومنتجعات سياحية على امتداد شاطئ السعديات البالغ طوله 9 كيلومترات. إنه مشروع فريد يستقطب روائع العالم وعجائبه ويزرعها زرعا في أبوظبي وهذا التوجه آمنت به الحكومة الاتحادية وتعمل على تنفيذه على مراحل لتزيد «عروس الخليج» حسنا وبهاء بحلول عام 2030.