المكان المسرح البلدي بتونس العاصمة، الزمان في ليلة اعتدل فيها الطقس فأشارت الساعة إلى الثامنة من مساء الثلاثاء 8 ديسمبر من سنة تسع وألفين لتعلن عن انطلاق «غلطة مطبعية» نصّ وإخراج حسام الساحلي تمثيل عاطف بن حسين وجمال المداني إنتاج «ألكازار». وعلى غير العادة انطلقت المسرحية من خارج أبواب المسرح البلدي وبعيدا عن الخشبة استقبل الثنائي جمال المداني وعاطف بن حسين ضيوفهما الذين حضروا وعلى غير العادة بكثافة. إعلاميون مطربون وممثلون أمينة فاخت ونجاة عطية ومحمد الجبالي ونادية بوستة وسامي الفهري ومحمد علي بن جمعة ومحمد علي النهدي ونزار الشعري.. عرس حضره كل النجوم إنها حقيقة وليست أكذوبة مثلما ذكر عاطف بن حسين في المسرحية هؤلاء قدموا لاكتشاف «غلطة مطبعية» التي انطلقت وعلى غير العادة بتحية الجمهور الذي غصّت به القاعة جلوسا ووقوفا. تناقضات المكان واحد حديقة مهجورة هوى الخريف على أوراق أشجارها.. والزمان متغيّر عيد من بعد عيد.. رجلان في مقتبل العمر مختلفان لكنهما يلتقيان يحاولان الهروب من حياة تقيّدهما من ماض جمعهما ماض اختلطت فيه المشاعر ووقع فيه المحظور وحصلت فيه الجريمة.. شقيقان لكنهما مختلفان أحدهما ثرثار والآخر قليل الكلام أحدهما محبّ للحياة والمرأة بكلّ معانيها الزوجية والأم والابنة والآخر يكره كل ما في المرأة. يضحكان من نفسيهما وعلى نفسيهما فيتمردان على حياتيهما.. وبطريقة هزلية نقدية حاول الثنائي أن يكشف عن طبقتين اجتماعيتين مختلفتين الأولى تعاني الرفاهية والعيش الرغيد والثانية تعاني الفقر والحرمان وبين هذا وذاك تحصل المأساة.. وبين أسطر الكلام حاول مخرج العمل أن يزجّ بظواهر عديدة أصبحت متفشية في مجتمعنا مثل الكذب والتفاخر والتباهي بأشياء واهية كحضور عدد كبير من النجوم في جنازة ذاك الشيخ (والدهما).. بطريقة ذكية سلسة وسهلة الاستيعاب. أداء جيّد جمال المداني وعاطف بن حسين استطاعا أن يرسما الضحكة على شفاه الجمهور وما يمكن أن يحسب لهذه المسرحية طريقة الأداء الجيد للثنائي عاطف الذي تخلّص من جلباب «الشوكو» وظهر في صورة مغايرة تماما أسعدت الحضور وجمال الذي لا يختلف إثنان في أدائه المسرحي المتميّز. نقائص «غلطة مطبعية» لم تكن غلطة مطبعية وتجاوزت المسرح الكلاسيكي المتداول، و«كالعادة» لا يمكن أن يخلو عمل إبداعي من نقائص لذلك فإن هذا العمل المسرحي شهد بعض الافراغات داخل النصّ السردي وسط ونهاية المسرحية. كما وقع الثنائي أحيانا في التهريج وهو ما أفقد النص توازنه فنجد جملا مسرحية محبوكة بليغة ومقصودة وأخرى مسقطة مهمّشة لا جدوى منها. المفاجأة: غلطة مطبعية! مفاجأة غلطة مطبعية التي انتظرها الجمهور وتحدث عنها الإعلام كثيرا، في الحقيقة لم تكن سوى غلطة مطبعية الجميع انتظر أمينة على الركح في المقابل حضرت بصوتها لمدة ثوان مكالمة هاتفية من أمينة فاخت «توحشتكم لولاد متى العرض» هذا ما جاء على لسانها، هل هذا فعلا ما كان يتوقعه الجمهور؟! الدعاية كانت أكبر بكثير مما شاهدنا وسمعنا عن حضور أمينة فاخت في مسرحية «غلطة مطبعية». أمينة حضرت مع الجمهور صحبة ابنتها انتظرت حتى نهاية العرض لتهنئ الممثلين والمخرج عن النجاح الجماهيري الذي حقّقه العرض. فتحي الهداوي أيضا كان حاضرا بالصوت عبر مكالمة هاتفية تضمنت جانبا نقديا لكيفية الحصول على الأدوار عبر العلاقات والصداقات «تو انجيبك في دور». هكذا هي «غلطة مطبعية» خرجت عن المألوف وأعلنت عن ميلاد مخرج مسرحي شاب عرفه الجمهور من خلال المسلسلات وبالرغم من اشتغاله على بعض التجارب المسرحية إلا أن هذه التجربة الجديدة ستكون انطلاقة جديدة مع عالم الفن الرابع.