بعد استئناف الحكم الصادر خلال شهر جوان الفارط عن الدائرة الجنائية بابتدائية قفصة والقاضي بثبوت إدانة قاتل عُمْدة مدينة نفطة بالقتل العمد مع سابقية الاضمار والحكم عليه بالاعدام شنقا، وبعد عدة جلسات وحجز القضية للمفاوضة رأت أول أمس هيئة الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بقفصة حل المفاوضة مع تأجيل النظر في القضية وعرض المتهم على فحوصات الطب النفساني وذلك استجابة لطلبات الدفاع. وللتذكير بأهم وقائع هذه القضية والتي سبق لجريدة «الشروق» أن نشرت تفاصيلها فإن المتهم وهو كهل ومتزوج وأب لعدة أبناء وعاطل عن العمل وحسب ما اعترف به أمام باحث البداية وقاضي التحقيق ضاق ضرعا بمماطلة عمدة المكان حول تشغيله بإحدى الحضائر ومساء الواقعة من احدى ليالي شهر رمضان من السنة الفارطة سمع بأن الهالك (عمدة المنطقة) بصدد توزيع إعانات مدرسية على معوزي الحال. فتسلح المتهم بسكين كان يخفيها منذ مدة بمنزله دون أن يتفطن إليه أحد من أفراد عائلته وتوجه صحبة احدى بناته الى مكتب العمدة على أساس الحصول على بعض هذه الاعانات وانتظر قدوم العمدة الى مكتبه وبمجرد أن شاهده تقدم منه وبعد مناوشة خفيفة بينهما طعنه بسكين على بطنه ثم قذفه بكأس وحجارة ولفظ الهالك أنفاسه متأثرا بإصابته. وأضاف المتهم أن ما أقدم عليه يعود الى تأثره بإصابات عقلية ونفسية. وقد أقام في مناسبات عديدة بمستشفيات الأمراض العقلية بصفاقس وتونس.. وكان يتعاطى جرّاء حالته هذه أدوية مهدئة للأعصاب ونفى أي أحقاد أو أغراض بينه وبين الهالك. وأمام مثوله بإحدى الجلسات أمام الدائرة الجنائية بابتدائية قفصة صرح المتهم أنه لا يتذكر من أحداث الواقعة وقتله للعمدة أي شيء وأنه علم بما أقدم عليه خلال تواجده بالسجن. وأثبت التقرير الطبي تحمّل المتهم لكامل مسؤوليته الجزائية وسلامة مداركه العقلية أثناء ارتكابه لجريمته وبذلك رأت محكمة الدرجة الأولى ما توفر لها من الأدلة على ثبوت إدانة المتهم بارتكاب جريمة قتل نفس بشرية عمدا مع سابقية القصد وحكمت عليه بالاعدام شنقا. ووقع استئناف الحكم أمام هيئة الدائرة الاستثنائية بقفصة وإثر عدة جلسات وبعد حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم استجابت هيئة المحكمة مؤخرا لطلبات الدفاع وأجلت النظر في القضية بعد حل المفاوضة وعرض المتهم على الاختبار الطبي النفساني وجاء بمطاعن الدفاع في القضية أنه من حيث المبدأ لم تخول محكمة الدرجة الأولى لهيئة الدفاع ولم تمكنهم من الفترة الزمنية المعقولة لإنجاز وإعداد تقارير دفاعهم عن المتهم وتم الفصل والبت في القضية في ظرف زمني وجيز. وصرح دفاع المتهم أيضا أن اعتماد محكمة الدرجة الأولى على التقرير الطبي حول سلامة عقلية المتهم وتحميله المسؤولية الجزائية عن أفعاله لا يكفي لثبوت إدانته ما لم يقع التأكد كذلك من حالته النفسية قبل وأثناء ارتكاب الجريمة (وهي حالة تعرف ب(الفوبيا) وتعني تخوّف المتهم من الآخرين وتجعله يتصورهم يهدّدون سلامته وحياته مما يؤدي الى حدوث ردود فعل حادة وعدائية لا شعورية تجاه الآخرين. وهذا ما من شأنه أن يحدّد ويؤثر على تكييف وقوع وارتكاب الجريمة من طرف منوبه، وطلب في الأخير ضرورة عرض المتهم من جديد على فحوصات الطب النفسي. وهذا ما استجابت إليه المحكمة في آخر الجلسة فأجلت النظر في القضية الى جلسة قادمة والى حين عرض المتهم وإنجاز تقرير الأطباء.