عندما نصنّفه نجده في طليعة أفضل ما عرف النجم الرياضي الساحلي والكرة التونسية عموما من حراس مرمى وهو الذي تتلمذ على العملاق المرحوم محمود كانون وأخذ منه خصال الحارس الأنيق ليساهم بعد ذلك في كتابة تاريخ فريق الساحل بما أحرزه من ألقاب... هذا هو باختصار حارس النجم الساحلي في الستينات والسبعينات علي عجرود الذي ابتعد عن الأضواء باختياره... قبل أن يلبي دعوة «الشروق» للخوض معه في تاريخ وحاضر النجم... فكانت هذه الجلسة في بيته حيث استقبلتنا زوجته السيدة زينب بحفاوة وبحضور نجليه «أركان» و«ماهر» أما ابنته «جيهان» (التي ترافقه في الصورة) فإنها كانت حاضرة بامتياز بصورة ابنتها «مُلكة» التي ملأت مختلف أرجاء بيت عجرود فرحا...ولملكة حكاية مع جدّها علي عجرود سنعود اليها. جاء للنجم في سن العشرين «عمّ» علي عجرود يتحدث عن بدايته فيقول بأنها كانت من الملعب السوسي سنة 1958 زمن المرحوم محمد زعبوب ثم المرحوم مصطفى عمارة قبل أن يلتحق بصفوف النجم الذي رغب في انتدابه سنة 1962... وقبل ذلك فإن علي عجرود من مواليد سوسة يوم 21 أكتوبر 1942 وعن الانطلاقة في النجم يقول عجرود: «في موسمي الاول وجدت نفسي أتوج بثنائي البطولة والكأس دون هزيمة... في موسم 62/63 وجدت أمامي المرحوم العملاق محمود كانون الذي أخذ بيدي وعلمني تقنيات المهارة وحظيت بشرف المساهمة في ذلك التتويج التاريخي بما أنني شاركت في 9 مقابلات بين البطولة والكأس وأول مبارياتي كانت ضد النادي الافريقي وعلى امتداد مسيرتي في النجم فزت بأربع بطولات سنوات 62/63 و65/66 و67/68 و1972 اضافة الى بطولة مغاربية سنة 1970 كما شاركت في نهائي الكأس المعروف ب 33 نجمة حين بلغنا الدور النهائي في الأواسط والآمال والأكابر ونالني شرف كبير بأن أتدرب تحت اشراف مدربين كبار على غرار المرحوم الحبيب موڤو الذي جمع بين اللاعب الفذ والمدرب القدير اضافة الى أحد رموز التدريب في تاريخ النجم الساحلي وأعني بذلك السيد حسونة الدنقزلي... ويبقى في تقديري الشخصي عبد المجيد الشتالي العلامة البارزة في ميدان التدريب وهو أحسن مدرب في افريقيا». يُطرق عم علي برهة... ينظر بعمق ويواصل قائلا: «عندما أراجع محطات تاريخي الكروي أجد نفسي مليئا بكل معاني الفخر لأنني لعبت في فريق كبير... وتدربت عند مدربين كبار ومرّ بالنجم رؤساء كبار من طراز الدكتور حامد القروي والسيد حمادي المستيري». على الميدان... لا أعرف أخي! من يتذكر صولاته وجولاته وذلك التعليق الرشيق للمرحوم الطاهر مبارك عندما وصفه بالنمر الاسود وهو يستأسد في الذود عن مرماه لا تمحي من باله صور وابداعات ومواقف طريفة بطلها علي عجرود الذي «يتخمّر» أحيانا... ويفسّر ذلك بقوله «عندما أكون على الميدان أعيش المباراة وأتحول الىشخص أخر... وأكاد أقول لك بأنني حتى لو لعبت ضد أخي لكنت بنفس الروح من «التخميرة»... أما خارج الميدان لك أن تسأل عن علاقاتي الممتازة والرائعة الى يوم الناس هذا مع جميع اللاعبين من كل الأندية... ومن أصدقائي في الاندية الاخرى هناك الطاهر الشايبي وعتوقة وعبد المجيد بن مراد ورضا عكاشة». طبقة أفضل من جاء بعدي بعد اعتزاله مرّ بالنجم الساحلي عديد الحراس وأفضلهم في تقدير عم علي المنصف طبقة الذي يعتبره من أهم وأبرز الحراس في تاريخ الكرة التونسية وعن الحارس الذي يذكره في نفسه يقول عجرود بعد تفكير: «أعتقد أن أقربهم حارس النادي البنزرتي أحمد بورشادة الذي أرى فيه بعضا من خصالي ولا سيما في ما يتعلق بقوة الشخصية داخل منطقة الجزاء». أما أفضل حارس في البطولة الوطنية حسب علي عجرود فهو الشاب الصاعد في الاتحاد المنستيري مروان بريك الذي يرى فيه عجرود مشروع حارس عملاق لما يتمتع به من امكانات عالية وعن فحوى الرسالة التي يودّ أن يوجهها الى حارس وقائد النجم الساحلي أيمن المثلوثي يقول عجرود: «البلبولي يملك شخصية قوية ولديه مؤهلات جيدة وأرى بأنه قادر على الأفضل بمزيد العمل خاصة وأن هذا الحارس يجمع بين الخبرة والتجربة وصغر السن... وما يتمتع به من امكانات فنية وبدنية ونضج عوامل تخوّل له أن يكون ضمن خيرة أفضل الحراس في افريقيا». «ملكة»... أحلى شيء في حياتي السيدة جيهان كريمة عم علي عجرود متزوجة من الاعلامي الرياضي المعروف باذاعة المنستير الزميل ذاكر الزرافي... و«ملكة» هي أحلى ما في حياة علي عجرود... الحفيدة الرائعة التي تملأ صدرها مختلف أرجاء البيت وعنها يقول عجرود: «عندما أكون مع «ملكة» يُصبح للحياة طعم آخر... فهي التي تحوّل غضبي الى فرحة... وكل ما أسمع صوتها وأراها أصبح في صحة جيّدة». وعن أسباب ابتعاده عن متابعة مباريات النجم بعد ما كان لا يتغيب عن أية مقابلة يقول عجرود: «حالتي الصحية لم تعد تسمح لي... ناهيك أنني لا أشاهد مباريات النجم في التلفزيون واكتفي بالمذياع وحين يكون هناك هدف افتح التلفزيون لمشاهدته». أين أبناء «البلاد العربي» و«الكرنيش»؟! يتحدث عجرود عن أبناء جيله فيقول: «من أهم نقاط قوتنا أننا نحب بعضنا البعض... وما يؤسفني ويحز في نفسي اليوم عدم وجود لاعبين من أبناء الأحياء التي كانت تزود النجم الساحلي في زمننا بأفضل العناصر مثل «البلاد العربي» و«الكرنيش» من حيث تخرّج لاعبين كبار أمثال عظومة وجنيح وحباشة وصلاح القروي وغيرهم... أين هذه الاحياء التي كانت تعج بالمواهب». وحول سؤالنا عن الاشياء التي تزعجه في كرة اليوم وفي النجم على وجه الخصوص يقول عجرود: «في اعتقادي الكرة عموما تضررت كثيرا من «الدلال» و«الفلوس» التي أصبح اللاعب يبحث عنها أكثر من أي شيء آخر... ومن يلعب من أجل «الفلوس» يغيب عنه بالضرورة أن يلعب بروح الڤليب». يتحسّر ويعود ليقول «وينهم أولاد البلاد العربي والكرنيش!». النجم يحتاج الى مزيد الانضباط عن نقائص النجم الساحلي من وجهة نظر علي عجرود تحدثنا فكان أن اختزل أصل المشكل في قوله: «النجم اليوم يحتاج كثيرا من الانضباط... صدقني غياب الانضباط أضر بالنجم الساحلي». وعن انتظاراته من رئاسة الدكتور حامد كمون الهيئة المديرة يقول عجرود: «الاختيار صائب وزيادة لأن كمون بما يملكه من تاريخ كلاعب كبير في النجم والمنتخب وتجربته الطويلة في الميدان سيكون قادرا على الاضافة والافادة وكل ما أتمناه ان يساعده أبناء النجم وخاصة الشتالي وجنيح... لأن «الجمعية» في أمس الحاجة الى كل طاقاتها ليلتقي الجميع من أجل النجم... هيئة معز ادريس لم تكن «مقصرة» وبمزيد التفاف الجميع سيكون النجم أفضل». وعن وجود لاعب قديم مثل منير بوقديدة قريبا من اللاعبين قال عجرود: «منير قادر علىفرض الانضباط وعلى ايصال الرسالة بشكل جيد الى اللاعبين لأنه تكوّن طيلة مشواره على أسس صحيحة وخلاصة تجربته ستكون مفيدة لخدمة طموحات النجم... لذلك فإن اختياره لهذه الخطة موفق جدا لأنني أعرف جيدا شخصية بوقديدة». هذه الأخطاء التي أثرت في النجم من الأخطاء التي يرى علي عجرود بأنها كانت مؤثرة في مسيرة النجم الساحلي خاصة بعد تتويجه برابطة الأبطال الافريقية ومشاركته في كأس العالم للأندية هي التفريط في اللاعبين... أما أكبر هذه الأخطاء مثلما يقول عجرود فهي:«التخلي عن المدرّب فوزي البنزرتي هو أكبر خطإ لأن هذا المدرّب كان قادرا على جعل النجم يهيمن لأكثر من موسم على معظم الألقاب... اضافة الى ذلك فإن انتدابات اللاعبين لم تكن مدروسة... ولابد من مراجعة أكيدة لهذا الملف... لابد من مختص من اللاعبين القدامى ممن يعرفون جيدا خصال ومواصفات من هو قادر على الاضافة». رحيم مدرّب ممتاز عن وجهة نظره في موضوع الاطار الفني الذي تضاربت في وقت ما بشأنه الاراء يقول عجرود: «بكل أمانة أقول بأن لطفي رحيم كان مدرّبا ممتازا وعمل بشكل جيد... ولكن هناك نقائص تتجاوز المدرّب... والنجم حاليا بصدد التشكل... بمعنى هناك فريق يتكوّن ثمة شبان لابد من تدعيمهم حتى يكون الفريق قادرا على المراهنة على الألقاب في الموسم القادم». وعن حظوظ النجم في نيل لقب البطولة هذا الموسم يقول عجرود: صحيح أن الموسم مازال طويلا لكن النجم غير مؤهل للمراهنة على بطولة هذا الموسم... وربما تأتي الاحداث بعكس ما أتوقع وإذا جاءت البطولة فمرحبا بها». أوافق عتوقة خاتمة الحديث سؤال عن وجهة نظره في ما سبق أن صرّح به عتوقة من أن المرحوم محمد العياشي أجدر من شكري الواعر بلقب أفضل حارس عرفته الملاعب التونسية حيث قال علي عجرود: «أشاطر عتوقة الرأي لأن المرحوم محمد العياشي كان حارسا كبيرا بشهادة الجميع وهو الأجدر بأن يكون الافضل مع التأكيد بأن شكري الواعر يبقى بدوره من خيرة الحراس الذين عرفتهم تونس».
