في دراسة له نشرت بمجلة «منارة الساحل» اطلق عليه الاستاذ عمر عبد الباري لقب «فيلسوف الساحل». ولد الشيخ المرحوم سالم بن حميدة بمعتمدية أكودة (ولاية سوسة) سنة 1881 ويذكر الاستاذ عمر عبد الباري ان المرحوم حفظ بمدينته القرأن الكريم ليلتحق بعد ذلك بتونس العاصمة حيث تحصل على الشهادة الابتدائية سنة 1904 وبعدها الشهادة التأديبية من مدرسة ترشيح المعلمين فشهادة التطويع من جامع الزيتونة. تقلّب الشيخ بن حميدة صاحب الوجدان الذي يتوقد احاسيس وطنية والنظرة الفلسفية الى الوجود في عديد المناصب. اشتغل في التدريس (معلّم) ولكن بقاءه في هذه المهنة لم يدم أكثر من سنتين اذ فصلته إدارة التعليم العمومي بسبب خطاب ألقاه في اجتماع عام يوم العاشر من ديسمبر 1909. مشاهير في خطابه انتقد «فيلسوف الساحل» الشيخ سالم بن حميدة قرار السلطة المانح لليهود التونسيين الجنسية الفرنسية وذلك بهدف تمكينهم من التقاضي لدى المحاكم الفرنسية. قرار أثار غضب الشيخ بن حميدة لما له من بُعد استعماري. التحق بعد هذا الاقصاء عن التدريس بالتعليم العمومي كمعلّم بمدرسة تابعة للجمعية الخيرية كانت معروفة باسم «المدرسة العرفانية». غادر العاصمة ليعود الى الساحل اثر حوادث الجلاّز سنة 1911 حيث اصبح يباشر التعليم من جديد بالمدرسة النورية بجوهرة الساحل سوسة التي قرّر الاستقرار بها. وقد أورد العلاّمة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور في كتابه «الحركة الادبية والفكرية في تونس» ان هذه المدارس كان بها معلمون مؤلفون وأدباء مثل سالم بن حميدة وتخرّج منها طلبة دخلوا الجامعة الزيتونية فكان منهم أدباء وشعراء وكتّاب تميّزت بهم مظاهر التطوّر الادبي والفكري واختص بذلك رجال التعليم مثل الشيخ محمد مناشو والشيخ سالم بن حميدة. بقي الشيخ سالم بالمدرسة المذكورة كما يقول الأستاذ عمر عبد الباري مدة ليست بالطويلة ليتم تعيينه سنة 1914 كاتبا بنيابة جمعية الأوقاف حتى إحالته على التقاعد. حفل مع ابنته تميّز الشيخ بن حميدة خلال نضاله الفكري والاجتماعي بمناصرته لتحرير المرأة لذا تجده يعلّم بناته وأوصلهن الى اعلى درجات العلم في عهد كانت فيه البنت لا تتخطى عتبة التعليم الابتدائي نظرا للقيود الاجتماعية التي كانت تكبّل البنت وتمنعها من الانخراط في عالم المعرفة. وعن علاقة الشيخ سالم بن حميدة بالمصلح الطاهر الحداد يذكر الاستاذ عمر عبر الباري أنها كانت علاقة حميمة اذ كان الطاهر الحداد تلميذا للشيخ سالم بالمدرسة العرفانية. واستمرت هذه العلاقة وطيدة بين المعلّم وتلميذه وأثمرت في نهايتها صدور كتاب للطاهر الحدّاد «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» سنة 1930. وقد اقام اصدقاء مؤلف الكتاب حفل تكريم على شرفه في شهر اكتوبر سنة 1930 وكان من بين الحضور بطبيعة الحال معلّمه الشيخ سالم بن حميدة الذي لم يحضر بمفرده بل اصطحب احدى بناته ليكون التأييد لصاحب الكتاب بالفعل. أما بالقول فقد ألقى «فيلسوف الساحل» خطابا عبّر فيه عن مساندته لتحرير المرأة واحلالها المكانة التي تليق بها في المجتمع.